الحمد لله الذي علّم بالقلم، علّم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فالكتابة أمر ذو بال، فقد أقسم الله - سبحانه وتعالى - بالقلم وبما يسطرون في قولـه تعالى: ¼ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1] وامتدح الملائكة الكاتبين بقولـه: كِرَامًا كَاتِبِينَ [الانفطار:11] وقد ثمّن علماؤنا الكتابة حتى ورد عنهم من الأقوال في الكتابة ما يؤكد مكانتها عندهم، ومن ذلك قول معن بن زائدة: «إذا لم تكتب اليد فهي رجل». وقال سعيد بن العاص: «من لم يكتب فيمينه يسرى». وقال ثالث: «اليد التي لا تكتب لا دية فيها». وقال المؤيد: «الكتابة أشرف مناصب الدنيا بعد الخلافة، إليها ينتهي الفضل وعندها تقف الرغبة». وقال صاحب العقد الفريد -ابن عبد ربّه-: «وقد تنبّه بها قوم بعد الخمول، وصاروا إلى الرتب العلية، والمنازل السنّية». ونظراً لأهمية الكتابة عندهم، فقد تعجب علماؤنا الأقدمون من موقف الناس من الكتابة، ...