المحور الثاني
المراقبة المتبادلة
إذا
كانت الحكومات العربية قد نصّبت نفسها رقيباً على الإعلام، فمن يراقب إعلامها، فما
زالت وزارات الإعلام قائمة في الغالبية العظمى من الدول العربية، والدول التي تملك
وسائل الإعلام الرسمية أصبحت شريكاً أساسياً في كثير من وسائل الإعلام الخاصة، بل
إنها فتحت المجال للعشرات إن لم يكن المئات من وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة
والمرئية لتعمل وتنشط من خلال التصريح الرسمي الصريح لها بالعمل. والسؤال الذي
ينبغي أن يقدم: هل من مراقب للرقيب؟
يقول
أحدهم في معرض حديثه عن الإعلام الرسمي: "هل يملك الإعلام الرسمي العربي أي
مستقبل؟ سؤال جدي وقائم ويشغل بال كثير من العاملين في وسائل هذا الإعلام أو
المهتمين لأمره" ويضيف الأصفر أن مستقبل هذا الإعلام هو مستقبل حالك أو لا
مستقبل له، بل بلغ الأمر أن ما حدث من خصخصة كل شيء (تقريباً) إلاّ الإعلام، فإنه
يستعصي على الخصخصة ولذلك فإن الحكومات العربية تفضل الاستمرار في الإنفاق على
جيوش مهزومة من الإعلاميين الرسميين"([1]) (الأصفر)
ويبقى
السؤال قائماً برغم المسوغات والاتهامات خاصة، وأنها - أي المسوغات والاتهامات -
تحمل في طياتها إقراراً ضمنياً بسواد مستقبل الإعلام الرسمي وظلمته، فأي مستقبل
ينتظر المئات من دور النشر الصحفية والإذاعية والتلفزيونية الرسمية على امتداد
وطننا العربي بعد أن تحول الفضاء إلى ما يشبه أعماق البحر حيث تفترس أسماك القرش
صغار السمك بكل حرية .([2])
منذ
زمنٍ بعيد والمواطن العربي يعي بأن إعلامه الرسمي ليس إلا قوالب جامدة تتكرر كل
وقتٍ في رتابة مميتة، وجمود عقيم، يفضي بمتابعيه إلى بلادة متناهية، وشللٍ فكري؛
ولذا فإن البحث عن المصدر الموثوق للخبر كان الشغل الشاغل للباحثين عن الحقيقة،
أيًّا كان مصدرها، أو قائلها.. وإلى عهدٍ قريب كانت إذاعة (صوت أمريكا)، وإذاعة
(البي بي سي) أهم مصادر تلقي الخبر على جميع المستويات، وبمختلف الشرائح والفئات.([3])
ويتندر
المواطنون في بلد عربي على القناتين الرسميتين بأن أطلق عليهما (نكد 1، ونكد 2)
وسميتا أيضاً: (غصب1 وغصب2)، وقد تناولت
ندوة أقيمت في كلية الإعلام بجامعة القاهرة قبل عدة أعوام واقع الإعلام العربي
فانتقد أحد المتحدثين هذا الإعلام بأنه يكرس الصنمية والسطحية واللهو.
إن
واقع الرقابة الإعلامية المعاصرة ولأكثر من سبب يعاني من الضعف والوهن الشديدين
فالكل يلمس أن معظم أجهزة الإعلام أصبحت غير معالجة للكثير من الآفات التي تنهش
بالمجتمعات وهذا ما أغلق ويغلق الكثير من الأبواب على الحقائق التاريخية
والاجتماعية ولعل طرح سؤال من قبيل: (من أين يبدأ الإعلام السوي) هو اليوم خارج
حدود المعقول بسبب كون قادة الإعلام السلبيين هم الذين يقودون النشاطات الإعلامية
بمعظم بلدان العالم وهم لا يفسحون المجال كي يستمعوا لما يريده الجمهور من
الإعلاميات وهذا ما يفسر أن هؤلاء القادة الإعلاميين ليسوا أكثر من دعاة لتجميل
انتهاكات حقوق الإنسان.([4])
ويؤكد
عماد الأصفر أن "وسائل الإعلام الرسمي أصبحت مهجورة منذ زمن ليس ببسيط وأن
الكفاءات التي تربت في أحضانها إما هاجرت منها أو أنها ستهجرها
عند توفر الفرصة بعد أن شعرت أنها – أي الكفاءات – ترتدي ثوباً ضيقاً غير قابل
للتوسع"([5])
وفي
إحدى جلسات ندوة عقدت بكلية لإعلام بجامعة القاهرة بعنوان "الخطاب الإعلامي
الإسلامي في ظل المتغيرات الجديدة" تحدثت قائلاً: "إن عنوان الندوة
يقسمها إلى قسمين هما: الخطاب الإعلامي العربي، والثاني المتغيرات الحديثة.
ويمكننا أن نتساءل هل يوجد خطاب إعلامي عربي حالياً؟ وهل يمكن أن يوجد إعلام عربي
أم إن الإعلام ليس له انتماء وعلينا أن نتعلم هذا العلم من الذين يجيدونه، ثم هل
نستطيع أن نبدع فيه؟
وأبدأ
أولاً بالخطاب الإعلامي العربي، فأقول: يمكننا أن نقسمه إلى قسمين
-خطاب
إعلامي داخلي
-وخطاب
إعلامي خارجي
أما
الإعلام الداخلي فيمكننا أن نجد فيه الملامح الآتية
-
عبادة
الأشخاص
-
الترفيه
-
إضاعة
الوقت
-
غياب
الحرية أو الحرية المقيدة جداً
-
غياب
بعض القيادات الفكرية عن الإعلام إما غياباً متعمداً أو بسبب الجهل باستخدام وسائل
الإعلام
أما الخطاب الإعلامي الخارجي فإعلامنا إما
إعلام رسمي أو غير رسمي، والإعلام الرسمي يهتم بالداخل أساساً. أما غير الرسمي ففي
معظمه يميل إلى الرسمية، لأن ملكيته تعود إلى بعض الشخصيات المتنفذة في العالم
العربي والإسلامي، بل إن أحد المتحدثين أشار إلى أن الإعلام غير الرسمي حمل لواء
الإفساد وأشار إلى شبكة من الشبكات لديها العديد من القنوات المشفرة التي تبث
سموماً ضد العرب والمسلمين وزيادة على ذلك تبث سموماً عقدية وفكرية وأخلاقية.
الخطاب
الإعلامي العربي يجب أن يسعى إلى ما يأتي:
-
أمانة
الكلمة
-
تحقيق
العدل في الأرض
-
نشر
الفضيلة ومحاربة الرذيلة
-
نشر
الجدية
-
أن
لا يكون رد فعل للإعلام الغربي أو العالمي، بل أن يكون هو المبادر.
1- عماد الأصفر. "مستقبل الإعلام الرسمي" في موقع
الإبداع العربي http://www.arabiancreativity.com/emad1.htm
2- عبد الفتاح الشهاري" لغز
(الجزيرة) .. مع من؟ وضد من؟ موقع الإسلام اليوم، 22/6/1425(8/8/2004م)
. www.islamtoday.net
تعليقات
إرسال تعليق