ولعل
من أبرز الموضوعات المطروحة للنقاش والبحث في دراسات المستشرقين أو السياسيين
الأمريكان السمات الشخصية للإنسان المسلم الذي ارتبط بالحركة الإسلامية أو ما
يطلقون هم عليه " الأصوليين ". ومن أبرز هذه السمات التي يلصقونها
بالأصولي (المسلم: الملتزم المتدين) التعصُّب[1].
وفي الدراسة التي قدمها دكمجيان نجده قد حشد العديد من المراجع العلمية الغربية في
علم النفس والاجتماع ليطبقها على عضو الحركة الإسلامية، كما أنهم أفادوا من
الدراسات التي كتبها بعض المسلمين مثل دراسة الدكتور القرضاوي عن التطرف[2]
ولنرى ماذا يقولون في مسألة التعصُّب.
يرى
دكمجيان أن التعصُّب أو روح التعصُّب هو من سمات الفئة المتطرفة من الحركة الإسلامية،
ولكنه بعد أن يبدأ في شرح هذه الصفة يعود فيلصقها بكل أفراد الحركة الإسلامية،
والتعصُّب في نظر دكمجيان يظهر في السمات التالية:
1- العزلة:
الأصولي قبل كل شيء فرد يميل إلى العزلة، وهذه العزلة إنما هي نتيجة لبيئة الأزمة
العربية – الإسلامية.
2- الاكتمال
قبل الأوان: " ما إن يكتشف المهتدي الجديد العقيدة الجديدة حتى يلتزم بها
التزامًا تامًا كالمؤمن الحق. وفي حالة الشباب المهتدين يؤدي الالتزام الحاد إلى
" الاكتمال قبل الأوان " وفي سن مبكرة يتميز بتشدد متطرف من المعتقدات
ورفض لإدخال قيم جديدة في إطارهم المذهبي.
3- الدونية
– الاستعلاء... ومشاعر الدونية هذه تتحول إلى مظاهر من الاستعلاء العدواني بمجرد
أن ينضم إلى العقيدة الإسلامية.
4- الحركة
العدوانية: يميل الأصوليون إلى العدوان في تعاملهم مع الكفار، وغالبًا مع النمط
السائد من المسلمين كتعويض لحرمانهم في المجتمع ولاعتقادهم بأن كلّ من ليس في
جماعتهم إنما هو ضال.
5- الفاشية:
تنطوي شخصية الأصوليين على كثير من الملامح التي تميز الشخصية الفاشية.
6- عدم
التسامح.
7- الارتيابية
– الإسقاط: المتعصّب ميال إلى رؤية " القوى " الشريرة تعمل في بيئة
معادية ويظهر عليه ارتياب عميق في الناس وفي المؤسسات الحكومية التي ينسب إليها
نوايا حاقدة.
8- نظرية
تآمرية.
9- المثالية:
يظهر الأصوليون الإسلاميون مؤمنين مخلصين يمثلون أرفع معنى للمثالية.
10- القسوة
– الجرأة: يبدو على الأصوليين التصلب في الطاعة والتشدد في طريقة الحياة،
والاستعداد للكفاح والتضحية.
11- الطاعة
– الالتزام: يتعهد الأصولي عن طريق البيعة بالطاعة المطلقة لله وللرسول ولقائد
الحركة الآسر[3].
نظرة في مزاعمهم:
بعد أن أوردنا الصفات التي يزعم ريتشارد
دكمجيان وغيره أن الأصوليين يتصفون بها وأوردنا تفسيره لبعضها نرى أنه لابد لنا أن
نتأمل بعض ما ذكره من صفات، ونترك الصفات الأخرى فمن له معرفة صحيحة بالإسلام لابد
أن يستطيع الرد عليها.
فالتعصُّب؟
أيصح أن يتعصَّب الأوروبي لأفكاره ومبادئه ويحارب العالم أجمع بشتى الوسائل ليفرضها؟
أيصح أن تدخل أمريكا والقوى الغربية في مواجهة حربية تبيد عشرات الألوف من سكان
جنوب شرق آسيا بزعم فرقة منهم – الأمريكان – حماية حرية الإنسان، والفرقة الثانية
– الشيوعية – بحجة تحقيق العدالة الاجتماعية في الأرض؟ هل كان يصح لروسيا ستالين
أن تبيد الملايين لنشر الفكرة الشيوعية في روسيا وتبيد مئات الألوف في الأرض للغرض
نفسه[4]؟
ولكن حين يعتز المسلم بإسلامه ويدعو قومه أولًا للعودة إلى الطريق الصحيح يصبح
متعصبًا متطرفًا في أنظارهم؟ لماذا هذه المعايير المزدوجة؟ إن المسلم وعنده كتاب
ربه الكريم يتعلم منه ويصيخ لأوامره ((وَلَا يَجْرمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْم عَلَى
أَلَّا تَعْدلُوا))[5] وليعلموا
من هذا الكتاب العظيم ما نزل في قوم شعيب ((وَيَا قَوْم أَوْفُوا المكْيَالَ
وَالميزَانَ بالقسْط وَلَا تَبْخَسُوا النَّاس أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا في
الأَرض مُفْسدينَ)) [6]فهذا
المستشرق جعل التعصُّب مفتاحًا لشخصية الأصولي ومنها انطلق ليوضح مظاهر التعصُّب
ولنسر معه خطوة خطوة في مسألة التعصُّب.
تعليقات
إرسال تعليق