■■ لا شك أنّ جامعاتنا قد بلغت درجة كبيرة من التقدم في إمكاناتها في مجال بحوث ((الدكتوراه)) في بعض فروع المعرفة: من مثل العلوم الإسلامية (الفقه، والحديث، والتفسير الخ) وعلوم اللغة العربية، والتاريخ الإسلامي، ولكن ثمّة مجالات ما تزال جامعاتنا في حاجة إلى تطوير إمكاناتها فيها.
ولما
قيل إنّ العالم قد أصبح قرية صغيرة؛ بسبب تقدّم وسائل المواصلات والاتصالات، فلا بدّ
أن نفيد من هذا في مجال البحث العلميّ.
ويبدو
لي أن كتب مناهج البحث تتناول كيفية إعداد البحوث، دون الاهتمام بكيفيّة الوصول إلى
المعلومات، والعذر واضح في ذلك؛ حيث إنّ ذلك ليس من أهداف هذه الكتب والحقيقة أن كلّ
من قام ببحث للدكتوراه، أو حتى للماجستير - عانى كثيرا في سبيل الحصول على مراجعه ومصادره،
لكننا نادرا ما نرى من يتحدّث عن هذه التّجارب؛ لتكون درسا لغيره، ومذللة لصعوباتهم.
■■
وفيما يلي بعض الخطوات التي يمكن أن يتبعها الباحث: فتخفّف عنه عناء البحث والجهد:
أولا
يمتلك ((مركز الملك فيصل)» حاسبا آليا أدخلت - في ذاكرته - مجموعة من قواعد المعلومات
حول فروع عديدة من البحث: لابد للطالب أن يلم يها: حتى يستطيع الإفادة منها، وهذه أول
خطوة. أما الخطوة التالية فهي تعبئة الاستمارة الخاصة يطلب المعلومات، ولابدّ للباحث
أن يبذل بعض الجهد في كتابة المداخل الممكنة: فلا يكفى - مثلا - أن يقدّم للمركز عنوان
البحث: بل لابد من الرّجوع لأبواب وفصول الرسالة ومباحثها: لاستخلاص أكبر مجموعة ممكنة
من المداخل.
ثانيا:
لمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بالرياض اتصال بمراكز معلومات في الولايات
المتحدة: فإن كان البحث يحتاج مراجع كتبت بلغة أجنبية: فلا شك أنه سيفيد فائدة عظمى
من هذه الهيئة، وعليه - أيضا - أن يجتهد في كتابة المداخل بالطريقة السالف شرحها، ولكن
لابد من استعمال اللّغة الإنجليزية: ولذلك ينبغي الاستعداد قبل الاتصال بهذه الجهة،
ويستحسن أن يكون - مع الباحث - خطاب من الجامعة التي يدرس فيها موجّه إلى ((المركز))
أو إلى ((من يهمه الأمر». ويلاحظ - هنا - أن ((مركز الملك فيصل)) و((مدينة الملك عبد
العزيز)) يقدمان للباحث قائمة بالمراجع والمصادر التي تناولت موضوعه، كما أنهما يقدمان
– بعد ذلك - بعض المادّة العلمية محانا، أو بسعر معقول: فمدينة الملك عبد العزيز تطلب
للباحث من الجامعات الأمريكية نسخا من المقالات والبحوث. أما مركز الملك فيصل فإنّ
مكتبته في البحوث الإسلامية تملك رصيدا ضخما من المعلومات، ويستطيعون تصوير ما
يطلبه الباحث ويقومون بإرساله بالبريد ويستطيعون تصوير ما بطلبه الباحث، أو يمكنه أن
يزور ((المركز)) ويتسلم ذلك بنفسه، أو يرسل أحدا من قبله لاستلامه.
ثالثا:
يقدم ((المجلس الثقافي البريطاني)) خدمة مهّمة للباحثين: تبدأ من البحث (الكميوتري))
عن أسماء المصادر والمراجع، إلى تصوير ما يشاء الباحث من هذه المراجع، وقد يكون السعر
مرتفعا قليلا، ولكنهم لا يضعون السعر: بل هو موضوع ومحدد من قبل ((المكتبة الوطنية
البريطانية).
رابعا:
للمكتبة الوطنية البريطانية فرع تجاريٌّ يقدّم خدمات للباحثين: حيث يمكن للباحث أن
يكون عضوا بالمركز: مقابل تسعين جنيها: حيث يعطى عشرين قسيمة ليستخدمها في طلب المعلومات
التي يحتاجها، وكلّ قسيمة تحتسب مقابل عشر صفحات من أيّ وثيقة سواء كانت بحثا، أو مقالة.
أو جزءا من كتاب. أو محضر اجتماع، أو توصية مؤتمر .... إلخ.
خامسا: عندما يقرأ الباحث مقالة أو بحثا في دورية فيجد أن صاحب المقال عالم بالموضوع الذي يريد بحثه؛ فلا يتردد في كتابة خطاب إليه بشرح له موضوعه، والجامعة التي ينتسب إليها. ويطلب إليه ما يشاء من مساعدة أو معلومات. وقد تكون الاستجابة غير مشجعة - أحيانا – ولكن ليحذر الباحث من الياس: فبعض المراسلات تأتي بأشياء لا يمكن أن يحلم بها الإنسان: فقد يكون البحث الذي تتناوله مما يعني به ذلك العالم؛ فيزودك بالنّصائح، بل وربما المادة العلمية قد لا تتوفر، لولا المراسلة..
سادسا:
المكتبات التجارية في المملكة تقدم - أحيانا - خدمات تدعو للإعجاب: حيث يمكنها الاتصال
بالنّاشرين: لتحصل لك علي مراجع لا توجد في رفوفها، وسبب ذلك أن المكتبات التجاريّة
تبحث عن الكتاب الرائج، وبعض الكتب العلمية ليس من هذا النّوع، ولولا الخوف من الدعاية
لذكرت مكتبة في جدّة التزمت بتزويدي ببعض الكتب، ووفت بالتزامها.
سابعا: المكتبات الخاصة في المملكة تحتوي كنوزا؛ فلا يتردد الباحث في الاتصال بأصحاب هذه المكتبات وزيارة أصحابها، والتعرّف عما لديهم من كتب فكثير من أصحاب هذه المكتبات كريم جواد يبذل كل ما في وسعه؛ فقد يعيرك الكتاب. أو يسمح لك بتصويره، أو قراءته في مكتبته، وقد يدلك على أخرين ممن يملكون الكتاب الذي تحتاج إليه.
ثامنا:
ثمّة شركات في بريطانيا وأمريكا تعمل في توزيع الكتب؛ فهؤلاء يقدمون لك أسماء الكتب
المتوفّرة في مخازنهم، كما أنهم يملكون الوسيلة للحصول على الكتاب من الناشرين بأسعار
مخفّضة، ويزوّدونك به. وقد علمت أن دار نشر في حدّة تعزم على بدء خدمة من هذا النّوع
تسمّيها ((نادي الكتاب»
تاسعا: دار الأهرام. أو مؤسسة الأهرام، أنشأت قبل أعوام – مركز المعلومات والبحوث. ومازالت معلوماتي محدودة عن هذا المكان، لكنه ينهج نهج المؤسسات الغربيّة. وأرجو أن تكون أسعارها معقولة. ولكنه يقوم على العضوية في نادي الكتاب، وقائمة أعضائه تبلغ المئات وأكثر!
■■
إنّ البحث العلميّ يحتاج إلى القول المأثور ((استعن بالله ولا تعجز)» ومن أدعية الرّسول
- صلى الله عليه وسلّم – استعاذته من العجز والكسل: وهذان من أكبر العيوب لو اعتريا
الباحث، لكن ما يصرّ بعض الباحثين على كتابته، وأصبح تقليدا يتحدّث عن الصّعوبات الّتي
واجهته في إعداد بحثه: كأنه يستدر عطف المناقشين وشفقتهم، أو هو يفخر بتخطيه هذه المصاعب
فأمر لا داعى له كثيرا، ولولا المصاعب لما كان البحث بحثا: فمرحبا بالمصاعب:
صحيح أنّ معظم هذه الخطوات كان يمكن اختصارها، والقيام بخطوة واحدة من مكتبة الجامعة. أو الكلية، ولكن حتى تتوفر كلّ هذه الإمكانات بشبكة حاسب آلي لا بدّ لنا من معرفتها، والاستعانة بها لإنجاز البحوث ومرّة أخرى أدعو أساتذتي الأفاضل، وزملائي، للحديث عن تجاربهم. في هذا المجال: لينيروا الطريق للباحثين: في مجال البحث العلميّ
الوان
من التراث، العدد٤ السنة ١٥- المدينة المنورة العدد ٨٨٨٧ في 13 ذو القعدة
1411هـ
تعليقات
إرسال تعليق