كانت زيارتي الأولى لماليزيا لحضور
مؤتمر بعنوان (العالم الإسلامي والغرب: الحواجز والجسور) دعت إليه الجامعة
الإسلامية العالمية ، فتقدمت بورقة حول المؤتمرات الغربية حول الإسلام والمسلمين،
وكانت الجامعة حريصة على دعوة عدد من أصحاب المناصب المهمة في البلاد العربية
وبخاصة الدول الخليجية فمن وكيل وزارة الأوقاف في الكويت إلى وكيل وزارة الأوقاف
في عمان، إلى مستشار رئيس جامعة الإمارات، والأمين العام للمنظمة الإسلامية
للتربية والعلوم والثقافة ووكيل جامعة أم القرى وأمين عام المجلس الأعلى للدعوة
الإسلامية في السعودية، وكان هناك اهتمام خاص بهم، وترشيح بعضهم لرئاسة بعض
الجلسات، مع أن هذا الأمر ما كان ينبغي فوصول هؤلاء إلى هذه المناصب ليس مرتبطاً
بمكانتهم العلمية وإن كان لبعضهم مكانة علمية بارزة مثل الدكتور سعيد بن حارب
المهيري والدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، وهذا التقليد ليس موجوداً في
الجامعات الغربية حيث يقدم لرئاسة الجلسات الأكثر إنتاجاً علمياً أو صاحب فكرة
حلقة البحث أو غير ذلك. وكان المؤتمر يعقد في قاعتين وكانت إحداهما لكبار الشخصيات
والأخرى للباحثين الآخرين من ليسوا ذوي ألقاب ومناصب
والمؤتمر أخذ بطريقة المؤتمرات في دولة
عربية وافقوا على كل المقترحات دون تمحيص وطبعوها في مجلدات ضخمة وثمن المجلدة
مائتي دولار وهذا عمل تجاري وليس علمي مطلقاً (في دولة عربية أرسلوا الموافقة على البحث بعد ساعات والأرجح أنهم لم يقرؤوه) ووجدته مطبوعاً ضمن مجلدات المؤتمر بثمن باهض ووزعونا على أحد الفنادق كل اثنين في غرفة وكأننا طلاب جامعة)
كان الافتتاح فرصة لتقديم بعض الكلمات الافتتاحية التي كان الحديث فيها عن
أهمية بناء الجسور مع الغرب وإزالة الحواجز وغير ذلك من الحديث الذي يميل إلى
التهدئة دون الحديث عن العيوب الحقيقية في علاقة العالم الإسلامي مع الغرب كما هي
حالياً. ولكن كلمة رئيس المجلس الأعلى للجامعة ورئيس المعهد العالمي لوحدة الأمة
الإسلامية بماليزيا قوية ومتزنة في تشخيص حالة العالم اليوم بعد أن تسبب الغرب في
حربين عالميتين ثم ما قام به من حروب أخرى هنا وهناك. وان العالم لم يعد واحة
للسلام والاستقرار كما يزعم الغرب أنه يريده. وكان مما قاله: "إن الانتصار
الباهر الفجائي للغرب الرأسمالي في حربها الباردة ضد الشرق الشيوعي جعل كثيراً من
البلهاء وأصحاب النوايا الصافية الصادقة يحلمون بأن العالم سيغدو أكثر أمناً
واستقراراً وأماناً من أي وقت مضى.... بيد أنه مما يؤسف له أن العالم أمسى بعد أقل
أمناً وأكثر بلبلة واضطراباً كما بات أكثر رفضاً لقيم الديمقراطية الليبرالية.
ومع ذلك فإن انهيار عملية السلام في الشرق الأوسط وإنكار حق الشعوب في تقرير
مصيرها في كثير من أنحاء العالم الإسلامي يظهر لنا أن الدروس التي كان ينبغي
تعلمها من الحربين العالميتين قد نسيت من قبل بعض الدول الكبرى في الغرب. وبالتالي
قاد هذا إلى نمو عدم الثقة والكراهية بين العالم الإسلامي والغرب.... وبالتالي فإن
الشكوك المتزايدة باستمرار بين العالم الإسلامي والغرب تزيد الفجوة اتساعاً وترفع
الحواجز إلى ارتفاعات أعلى وأعلى.
وتحدث أيضاً مدير الجامعة تناول فيها مسألة صدام الحضارات الفكرة التي نبعت
في الغرب وانتشرت في العالم وروجت لها أنظمة غربية. وقد ركز مدير الجامعة على دور
الجامعات في العالم ودعا إلى قيام حوار جاد لزيادة التفاهم المشترك والتعاون
وتنمية الثقة المتبادلة بين الحضارتين العظيمتين وإيجاد المناخ الملائم لاستخدامها
لتحقيق السلام والتفاهم والتعاون بين العالم الإسلامي والغرب.
كما عقدت جلسة حضرها عدد من السفراء الأجانب للحديث عن التعاون وبناء الجسور
وقد غلب عليها الجانب الدبلوماسي أكثر من الحوار العلمي المفتوح؛ وبخاصة أنها كانت
باللغة الإنجليزية. وقد اشتكى الكثيرون من رداءة الترجمة.
وابتدأ البرنامج في اليوم الثاني بمحاضرة للدكتور عبد العزيز بن عثمان
التويجري الأمين العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (تابع لمنظمة
المؤتمر الإسلامي) في الرباط بالمغرب وقد احتوت الكلمة على أفكار جريئة بعيدة عن الدبلوماسية
التي يفرضها عليه منصبه. فقد تناول كثيراً من القضايا التي تؤكد أن العلاقة بين
العالم الإسلامي والغرب ليست على ما يرام ويكفي للتدليل على ذلك أن العالم كان كله
ينادي بأن توقف إسرائيل هجومها الوحشي على لبنان بينما تماطل أمريكا وبريطانيا، في
مسألة إصدار قرار من الأمم المتحدة بذلك، وكأنهما كانا يقولان إسرائيل لم ترتوى
بعد من دمائنا ولم تشبع دماراً في لبنان، طفلنا المدلل دعوه يضرب كما يشاء. وقال
الدكتور التويجري كلاماً جيداً حول كثير من القضايا.
تعليقات
إرسال تعليق