التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقدمة الكتاب الثاني (مقالات في الاستشراق)

 

المقدمة

      زار المستشرق إنجليزي فريد هاليداي (Fred Halliday) مكتبات بلد عربي فوجد بعض رفوف مكتبة تجارية تزخر بكتب عن الاستشراق حيث يقول بالحرف الواحد " وهناك موضة من الإقبال على كتب "الاستشراق" الذي يُفهم على أنه دراسة العالم العربي في إطار مؤامرة إمبريالية. وفي المكتبات العامرة يجاور قسم "الاستشراق" قسم الجاسوسية والمؤامرات"[1] ولست في معرض الرد على هذه الادعاءات، ولكني أتساءل هل كلّف المستشرق نفسه (تلميذ برنارد لويس) أن يطلع على الرسائل الجامعية التي أنجزت في المملكة أو في الجامعات العربية الأخرى حول قضية الاستشراق؟

       ولأن الاستشراق أو الدراسات العربية والإسلامية أو ما يطلق عليه دراسات الشرق الأوسط لا تزال قائمة ومستمرة في نشاطاتها وفي استقطاب العشرات أو المئات أو الآلاف من أبناء المسلمين للدراسة على أيدي الأساتذة الغربيين، ولأن الموضوعات التي تُدرس وتُبحث في تلك الجامعات ومراكز البحوث هي نفسها التي درسها المستشرقون الذين يعدون العمدة والأساس فيها فلا بد أن يتواصل اهتمامنا بهم وبدراساتهم، وبمراكزهم جامعاتهم، ومؤتمراتهم، وندواتهم.

       وهذا الكتاب يسعى إلى دراسة الاستشراق والكتابة حوله في شتى المجالات من العقيدة الإسلامية والتصوف والتطاول على الإسلام ورموزه كما يحاول التعريف ببعض المستشرقين وبعدد من الهيئات والمؤسسات الاستشراقية. وقد خصص قسم من الكتاب للحديث عن الإعلام والاستشراق لتوضيح العلاقة القوية بين الاستشراق أو الدراسات العربية والإسلامية والإعلام.    

       كما يتضمن الكتاب عرضاً لعدد من الكتب التي تناولت الاستشراق

       فأرجو أن يجد القارئ الكريم ما يستحق القراءة والموضوع واسع وعميق وخطير ولا بد أن نكون نحن من نصنع صورتنا في العالم فنرتاد مؤتمراتهم وندواتهم ونؤلف بلغاتهم في توضيح حقائق الإسلام والشبهات أو سوء الفهم أو النقد المغرض الذي ينشره بعضهم. وأعتقد أنه من المناسب أن نفتح جامعاتنا ليدرس الطلاب من أنحاء العالم لدينا حتى لا يكون الاستشراق أو الجامعات الغربية هي مصدر المعرفة عن الإسلام والمسلمين

        فإن أصبت فلله الحمد والمنة والفضل وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان والشكر والتقدير لمن يقدم النصح والمشورة والرأي                                      

مازن المطبقاني

          الرياض في 15 رجب الفرد 1439هـ (1 نيسان 2018م

 

 

 




[1] فريد هاليداي، الأمة والدين في الشرق الأوسط، ترجمة عبد الإله النعيمي، (لندن: دار الساقي، 2000م) ص 176

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...