عملت في الخطوط السعودية أكثر من اثني عشر
عاماً من 1394حتى عام 1406ه (1974-1986م) على الرغم من بعض الصعوبات التي لا بد أن
تكون في أي وظيفة حتى سمعت كثيراً قولة من يؤجر ظهره عليه ألا يشتكي من الألم (يقال المثل بألفاظ عففت عن ذكرها) ومع
ذلك فلم يصل الأمر إلى الموقف الذي حصل معي أكثر من مرة في المعهد العالي للدعوة
الإسلامية بالمدينة المنورة.
أما في المعهد العالي للدعوة الإسلامية فقد
عشت عدة أشهر في سلام وأسميه (شهر عسل) وما أن قدمت خطة بحث لم يرض بها مسؤول المعهد الأول (هو فوق
رئيس القسم فقد كان يحضر جلسات القسم فيكون هو الرئيس) فيُلغى دور رئيس القسم. بعد
أن أبدى رفضه لموضوع اقترحته لبحث الدكتوراه استمراراً لرسالتي في الماجستير حول
الجزائر (بحجة أن ذلك يشبه غنم جحا) وكان هو يرى أن أختار موضوعاً في الاستشراق الإنجليزي أو الأمريكي لأتخرج بسرعة وأحل محل أستاذ وافد (كما أخبرني أحد أصدقائه الخلّص) وعندما قدمت
موضوعي المقترح أمام الأساتذة والطلاب وسعيد الصيني (المتخصص في الإعلام، ولا أدري
ما دخله في الأمر) كانت النتيجة أن قال لي الدكتور محمد حرب: مازن العميد غير راض
عن الموضوع ولو طلعت السما ونزلت الأرض لن يُقبل موضوعك، وكان كما قال حيث اضطررت
إلى تغيير الموضوع.
لم تنته المتاعب هنا فقد استمرت المضايقات
(قبلت على مضض كما يُقال) حتى وصلت إلى التهديد بالطرد من المعهد وكانت الطريقة المعروفة:
ابحث عن مكان آخر لتعمل فيه أو سنفصلك فكادت تفر دمعة من عيني لشعوري بالقهر
وبخاصة أن التهديد هذا كان قبل عيد الفطر بأيام. ولم تكن هذه المرة الوحيدة التي شعرت
فيها بالقهر والإهانة وكدت أبكي من القهر لأنني فكرت أن العيد قادم وكيف سيكون حالي وأنا مطرود من العمل وكيف تكون الحياة ولكن الله سلّم، وما كان من والدي الذي حثني على الصبر إلّا أن
ذكر لي قصة الأمير وتعليم حماره القراءة والكتابة فقبل أحد المعلمين التحدي قائلاً
خلال ثلاث سنوات يمكن أن يموت الأمير أو يموت الحمار أو أموت أنا وفي هذه المدة أضمن
راتباً في هذه المدة وعلف الدابة (الحمار) وكان الأمر كما قال والدي انتهت مدة
العميد (على الرغم أنهم أتوا بتلميذه) فصار الحكم باسم التلميذ المسكين وفعلياً
للعميد السابق، ولكن جاء عميد آخر وعميد آخر وحصلت على الدكتوراه رغم أنوفهم وكانت
أول درجة دكتوراه تمنح في قسم الاستشراق على الرغم من الدلال والتسهيلات للزملاء
الآخرين في القسم. ومن مكرهم خالفوا العرف الجامعي المعروف بأن أول درجة تمنح من
القسم تنال مرتبة الشرف الأولى وأصروا أن تكون مرتبة الشرف الثانية ومن مكرهم أن
قالوا جيد جداً ثم استدركوا فقالوا مرتبة الشرف الثانية وبعض الفضلاء ممن حضروا
المناقشة قالوا لماذا لا تعترض على التقدير فقلت هي دكتوراه من بين فكي الأسد.
وعلى الرغم أنني سلمت الرسالة في شهر محرم وكانت المناقشة في 4 رمضان ولم يخبروني
بضرورة تسميع أجزاء من القرآن وبعد أن منحت الدرجة بعد المناقشة أخروا رفع النتيجة
للجامعة بحجة عدم تسميع القرآن الكريم فقلت لهم لماذا لم تخبروني عند تسليم
الرسالة حتى أتدارك الأمر، ولكن الله سلم والشكر للدكتور عبد الموجود رحمه الله أن
سهّل لي المسألة واجتزت التسميع.
أما قصة الأجوبة المسكتة فكالتالي:
قالوا شاعر لا يكتب إلّا إذا غضب وهل كان
غضباً اكثر مما عانيت فكتبت أبياتاَ (ولست بشاعر وإن قالوا لو قلت بيتاً واحداً
فأنت شاعر) ومما كتبت:
*هو المدير القزم مهما تطاول قامة (كان قصيرا) خفيض الصوت (تصنعا) عسى الله أن يصليه حر جهنم.
* هو المعهد العالي علوا بباطل وزروا وزيفا وبهتانا معمما.
•
و كنت لا أطيل المكوث في المعهد وحجتي لأن مكانهم
عندي يشبه وادي محسّر وهو من وديان النار ينبغي الإسراع إذا وصله الحاج
•
قلت له عندما أحضر لمعهدكم أتذكر الموت مرتين مرة
الموت الحقيقي حين أمر بالبقيع والثانية حين أصل فأرى الموت المعنوي
•
لمّا رأى أحد المتزلفين للإدارة صراحتي في كلية
الدعوة بالمدينة (المعهد العالي) قال تحتاج يا مازن علاج، قلت نعم ولكن العلاج ممكن ففي الحديث: والمجنون حتى يفيق أما أنتم فلا فائدة لأنكم موتى ، والموتى يبعثهم الله
تعليقات
إرسال تعليق