التخطي إلى المحتوى الرئيسي

خواطر عن غزة منذ عشر سنين

 

ماذا يمكن أن يقال عن غزة أكثر من الكلام الكثير الذي تسمعونه وتقرؤونه كل يوم؟ هل يمكن لمثلي أن يأتي بجديد؟ ذهبت إلى عليشة فرع جامعة الملك سعود لألقي محاضرة يوم الأربعاء صباحاً (على الساعة الثامنة) من خلال الدائرة التلفزيونية، وبينا أنا في الطريق فكرت أن أجعل المحاضرة عن  أوضاعنا الحاضرة وأربطها بالمادة التي أدرسها وهي (مجتمع الأمة الإسلامية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين والدولة الأموية) فبدأت بالحديث عن ذلك المجتمع العظيم الذي أسسه وبناه الرسول صلى الله عليه وسلم على أسس التواد والتراحم والتعاطف، ألم يقل (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد...) وتعجبت لماذا أورد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام هذه المفردات الثلاث ولم يكتف بواحدة مع أن المعنى سوف يصل، ولكن عظمة الحديث الشريف في التأكيد على كل معاني التواد والتراحم والتعاطف. ذلك المجتمع كان القمة في هذه الصفات والأخلاق وحتى وإن كان في صفوفهم بعض المنافقين لكن قوة المجتمع كانت كفيلة بإحباط أي تآمر لهذه الفئة.

        ثم إن مجتمع الأمة الإسلامية ذاك كان قوياً قوة مادية وقوة معنوية، فما أن توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وتعرضت الأمة لأشد الأزمات في حياتها وما تزال الدولة فتية حتى كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقف وقفة كالجبال الرواسي. وما أبدع ما وصفت السيدة عائشة حال المسلمين في ذلك الحين حيث قالت: ما أن توفي الرسول صلى الله عليه وسلم حتى ارتدت العرب واشرأبت اليهودية والمجوسية والنفاق وأصبح المسلمون كالغنم في الليلة المطيرة وإن ما أصاب الأمة لو أصاب الجبال الرواسي لهاضها لولا أن قيض الله أبا بكر "

       ولم ينتظر الصديق رضي الله عنه أن يغزى المسلمون في عقر دارهم بل جهز الجيوش إلى بلاد الشام والعراق بعد أن قضى على فتنة المرتدين. وكانت قولة أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد أن تسلم الخلافة (ما ترك قوم الجهاد إلاّ أذلهم الله، وما شاعت الفاحشة في قوم إلاّ عمهم الله بالبلاء"

      نحن في هذا الزمن خالفنا نهج أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الأمرين، فالجهاد أصبحت مفردة مخيفة للغرب والشرق وكأننا نرتكب أكبر المصائب لو أخطأ الواحد منّا فجاءت على لسانه ولو خطأً. لماذا يحتقرنا يهود إلى هذه الدرجة؟ لماذا هنّا وصرنا كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم (توشك أن تداعى عليكم الأمم كتداعي الأكلة إلى قصعتها، فقالوا أو من قلة نحن يومئذ فقال الحبيب صلى الله عليه وسلم: لا بل أنتم كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل، فقد نزع الله المهابة من صدور عدوكم، والسبب كما قاله الرسول هو أننا أصبنا بحب الدنيا وكراهية الموت.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...