من ملامح الدولة الإسلامية

 


       الدولة الإسلامية دولة حضارية تسعى إلى بناء حضارة مزدهرة في جميع المجالات. وقد بلغ المسلمون في أوج رقيهم وازدهارهم مرحلة رفيعة من التقدم في شتى المجالات العمرانية والحضارية. ولم يبن هذا الرقي والازدهار على سرقة ثروات الأمم الأخرى وخيراتها أو التسابق بالتسلح وتحقيق المكاسب بإشعال الحروب الإقليمية هنا وهناك كما تفعل الحضارة الغربية. وليست الدولة الإسلامية دولة عدائية تسعى إلى السيطرة والهيمنة على الشعوب الأخرى بطمس شخصيتها وهويتها الذاتية.  

5- اختيار الحاكم في الدولة الإسلامية يخضع لشروط لم تعرفها أمة من الأمم وإن ظهر حرصها على أن يكون الحاكم بعيداً عن الشبهات؛ ولكن في الدولة الإسلامية ينبغي أن يخضع الحاكم لشروط العدالة؛ وبإمكانكم متابعة الأخبار عن بعض حكام الغرب ولتذكروا فضيحة وايت ووتر أو قبلها واتر جيت وقضايا التحرش الجنسي المرفوعة على زعيم أكبر دولة في العالم حالياً.

6- لا كسرويه ولا قيصرية في الإسلام: عانت الأمم قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم من ألوان الاستبداد والطغيان من حكامها وتتمثل صفات الحاكم المسلم في ما يأتي:

       أ- لا رهبة من الحاكم، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام (هوّن عليك يا أخي فما أنا إلاّ ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد)؛ وثمة مثال آخر عندما جاء رسول من ملك الفرس فوجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه نائماً في المسجد، فقال (عدلت فأمنت فنمت) وهو ما عناه حافظ إبراهيم في قصيدته العمرية:

    أمنت لمّا أقمت العدل بينهمو   فنمت نوم قرير العين هانيها.

     وقد جاءت أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم للحكام بالابتعاد عن مظاهر التكبر والخيلاء فكان قوله (من أحب أن يمثل الرجال قياماً له فليتبوأ مقعده من النار) وكان الصديق رضي الله عنه يحلب بعض شياه الحي، وكان الصديق وعمر رضي الله عنهما يتسابقان لخدمة امرأة عجوز من المسلمين؛ وهناك قصة المرأة العجوز في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم التي كانت تقم المسجد فلما ماتت وعلم النبي بذلك فقال لما لم تخبروني وذهب وصلى عليها في قبرها.

       ب- مشاركة الشعب مشكلاته، فلا ينبغي للحاكم أن يعيش في برج عاجي بل يشاركهم أفراحهم وأتراحهم لأنه واحد منهم وقد شارك الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين في بناء مسجد قباء وفي بناء مسجده وفي حفر الخندق، وقد قال الشاعر:

   وحسبك عاراً أن تبيت ببطنة      وحولك أكباد تحن إلى القَرِّ

           جـ- من أخطر مظاهر الكسروية أو القيصرية أن تكون يد رئيس الدولة وأهل السلطة والحكم مطلقة تطيش في أموال الأمة، ومن ذلك أن القرآن الكريم أنكر على فرعون مزاعمه في قوله تعالى{ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي} وقد جاء في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم قوله (إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة) وقد شرحه ابن حجر العسقلاني بقوله "وفي هذا الحديث ردع للولاة أن يأخذوا من المال شيئاً بغير حقه أو يمنعونه عن أهله" ولذلك لمّا جاء جندي من المسلمين بكنوز كسرى إلى المدينة المنورة قال عمر رضي الله عنه "إن قوماً أدوا هذا لأمناء" فقال له علي ابن أبي طالب رضي الله عنه "يا أمير المؤمنين عففت فعفت الرعية ولو رتعت لرتعوا".

المراجع:

 أبو الأعلى المودودي. الحكومة الإسلامية. (جدة: الدار السعودية للنشر، 1404)

محمد المبارك. نظام الإسلام: الحكم والدولة. (بيروت: دار الفكر،1395)

محمد المبارك النظام السياسي في الإسلام في الثقافة الإسلامية المستوى الثالث. (جدة: جامعة الملك عبد العزيز، بدون تاريخ)

ضياء الدين الريس. النظريات السياسية الإسلامية. (القاهرة : دار التراث،1979) الطبعة السابعة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية