السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
بدأت
أكتب إليكم بأن أيام وهران كانت أياماً لا تنسى، وأنها أياماً رائعة ثم وجدت أن
مثل هذا الكلام يقوله أي أحد وإنه أسهل ما يرد إلى الذهن ولذلك قررت ألّا أبدأ البداية
التقليدية فأقول إنني أغبطكم على هذا الاجتهاد والاهتمام بالعلم، وكم تمنيت أن
تطول أيامي الدراسية وأن أكون أكثر اجتهاداً مما كنت لربما حصّلت من العلم الشيء
الكثير الذي فاتني بسبب حرصي على الشهادة العلمية أكثر من التحصيل العلمي وكان حظي
سيئاً في أن وجدت أساتذة لا يهمهم أن نتعلم بقدر اهتمامهم بأداء الواجب.
الرحلة
كانت صعبة من الناحية البدنية ولكن الإنجاز العلمي والثقافي والاجتماعي قد هوّن
علي كثيراً ما لقيت من صعوبات وكنت أود أن أحكي لكم عن التجربة الطريفة التي عشتها
حتى وصلت مدينة وهران.
انطلقت
الرحلة من المدينة المنورة إلى جدة يوم الخميس على الساعة الحادية عشرة والنصف
ليلاً ووصلت الساعة الثانية عشرة والنصف ليلاً. وذهبت إلى بيت ابني غيث وسهرنا
قليلاً حتى الساعة الواحدة والنصف وعلى الساعة الخامسة والنصف صباحاً استيقظت
وبدأت الاستعداد للسفر من جدة إلى تونس فالجزائر فارتديت ملابسي وتوجهت إلى المطار
حيث أقلعت الرحلة الساعة العاشرة صباحاً ووصلنا تونس في الساعة الواحدة والنصف
ظهراً (بتوقيت تونس) وكان من المقرر أن نواصل السفر بعد ساعتين ولكن إضراب
المراقبة الجوية في الجزائر أخر الرحلة ست ساعات أو أكثر حتى إنه حين وصلت الرحلة
إلى الجزائر كانت الساعة الثانية عشر ليلاً.
وفي
الجزائر لم أدر ما ذا أفعل فإما أن أذهب إلى فندق المطار أو أي في فندق في العاصمة
ثم أعود في صباح اليوم التالي أو أبقى في المطار أسهر الليل كله. وهذا ما قررته
وذلك خوفاً من اضطراري لدفع تكاليف أنا في غنى عنها. وما أطوله من ليل ليل
الانتظار! حيث وجدت مئات الركاب يستخدمون المطار كفندق فقررت أن أفعل مثلهم ولكن
دون أن أنام فكيف أستطيع أن أنام ومعي حقائبي وأوراقي فقررت أن أبقى مستيقظاً
وفعلت. وساق الله إليّ أخوين جزائريين جلست بجوارهما وتحدثنا قليلاً. وكان أحدهما
مدير مدرسة ثانوية ذهب لقضاء إجازة في القاهرة (تعجبت كيف يترك الدراسة والعمل في
أثناء العام الدراسي وما الذي يفعله بالقاهرة، ولكني لم أسأل) المهم أمضينا معظم
الوقت نتحدث. وكان هذا الأستاذ ورفيقه يريدان السفر إلى تيزي وزو ويخافان أن
يسافرا ليلاً وقررا المكوث في المطار حتى انبلاج النهار.
وأقلعت
طائرة وهران في موعدها على الساعة السادسة صباحاً ووصلت في الموعد فتوجهت إلى
الاستعلامات حيث امرأتان تعملان في المكتب فسألتهما عن كلية العلوم الإنسانية
والحضارية ومضت ثلاث ساعات ولم تجدا هذه الكلية بل لم يجدا أحداً يرد على الهاتف
في جامعة وهران. فأخذت سيارة الأجرة إلى المعهد الوطني.
ومن
طرائف المطار أن بنطالي تمزق (كان وزني فوق المتوسط!!) فاضطررت إلى ارتداء بنطلون
الجينـز وقميصاً (تي شيرت) حتى أتخلص من ارتداء البذلة الرسمية وعندما دخلت على
العميد ورآني أشعث أغبر من طول السفر ضحك وقال الشيخ الدكتور يرتدي الجنيـز وشعره
أشعث. فأسرعوا إلى إكرامي وأخذي إلى الفندق بعد أن لقيت الشيخ الأطرش والأستاذة
عقيلة حسين وآخرين.
وبدأت
أيام الملتقى وكنت أرتدي في اليوم الأول الملابس الغربية فكان الاهتمام بوجودي
محدوداً وشاء الله أن أرتدي اللباس العربي في اليوم الثاني فازداد اهتمام الطلاب
بي. والحقيقة إنني أجد نفسي بين الطلاب لما أعرفه من اهتمامهم بالعلم وبما أن لي
تجربة طويلة في طلب العلم ولي من النشاط والحمد لله ما يستحق أن يفتخر الإنسان به
وإن كنت ما زلت أعتقد أن أمامي الكثير من العمل لأنجزه.
وقد
جاءتني الكثير من الأسئلة وإني لم أجد الوقت الكافي للإجابة عنها ولهذا فإنني
سأكتب إليكم وإليكن الإجابات وإن كنت أرجو أن أتمكن من الإجابة عنها مشافهة ولكن
لعل الله ييسر لي الحضور إلى الجزائر قريباً فأجيب عن أسئلة أخرى أو عن الأسئلة
نفسها.
وفي
هذه الرسالة الموجزة أود أن أتقدم بالشكر لكم ولكن جميعاً على ما أوليتموني من
رعاية واهتمام فهذا الكرم ليس غريباً على الشعب الجزائري العظيم والشيء من معدنه
لا يستغرب.
لكم
تحياتي والسلام عليكم وعليكن ورحمة الله وبركاته
26محرم
1421
1مايو
2000م محبكم
د. مازن
مطبقاني
تعليقات
إرسال تعليق