التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رحلة الزائر الدولي (التعليم الديني والتعليم العام) الجزء الثاني


وكانت لي ملاحظات على هذا البرنامج أرسلتها للأستاذ أحمد المصري الذي يعمل في العلاقات العامة بالسفارة الأمريكية في الرياض وها هو الخطاب الذي لم يردوا عليه مطلقاً

     الأخ الأستاذ أحمد المصري             المحترم

    السلام عليكم ورحمة الله

أشكركم على إرسال برنامج الزيارةّ. لقد قمت بترجمته في شكل مسودة، لكنها مع ذلك تعطي فكرة عن النشاطات.

أما بالنسبة لملاحظاتي وآرائي حول البرنامج فها هي:

أولاً: طالما أعجبت بالجهود الكبيرة التي يبذلها مسؤولو برنامج الزوار الدوليين والخيارات جيدة جدا. أتوقع أننا سوف نتعلم الكثير عن التعليم العام والديني.

ثانيًا: أود أن أطرح الأسئلة التالية التي أود أن أعرفها عن التعليم العام:

· ما هي المتطلبات اللازمة للعمل كمدرس في التعليم العام أو الخاص؟ هل هناك رخص لأداء المهنة؟ (على سبيل المثال، امتحانات نقابة المحامين). ما هي البرامج الموضوعة لتحسين أداء المعلمين؟ هل يحضر المعلمون المؤتمرات والندوات الخاصة لتعزيز معرفتهم؟ ما هي السمات الرئيسية الضرورية لمنح المدراس ترخيصًا من حيث المباني وحجم الفصول والميزات المادية الأخرى؟

· ما هو نطاق الراتب للمعلمين في التعليم العام أساسًا؟ كيف يمكن للمعلم تحسين وضعه؟

في التعليم العالي ما الإجراءات المتخذة لضمان جودة التعليم العالي؟ كيف تصنف الجامعات الامريكية على أية معايير؟ ما هو مصطلح التثبيت؟ فكيف نستفيد من مثل هذه الابتكارات؟ هل يمكن الاطلاع على بعض الاستبيانات التي تحكم أداء المعلمين والعمداء ورؤساء الجامعات؟ ما هي لجنة الكونجرس التي تراقب الجامعات الحكومية؟ هل يمكننا الاطلاع على المرسوم الرابع لتمويل التعليم العالي؟ ما الأعمال المختلفة المتعلقة بدعم وتمويل دراسات الشرق الأوسط بشكل خاص ودراسات المنطقة بشكل عام؟

بالنسبة لزيارة جامعة برانديز، Brandis أتمنى الاطلاع على الدراسات اليهودية في أي جامعة أخرى بسبب طبيعة هذه الجامعة (سميت باسم أول قاض يهودي صهيوني في المحكمة العليا الأمريكية). كنت أرغب في زيارة المؤسسات والجمعيات الإسلامية الأقوى والأكثر بروزًا مثل ISNA أو Cair. وربما أخبرته أن زيارة هذه الجامعة نوع من التطبيع الذي لم تقره بلادنا

لكم تحياتي

من رحلة برنامج الزائر الدولي (التعليم الديني والتعليم العام في أمريكا)

أبريل 12, 2016

        على الرغم من أن الطائفة البروتستانتية هي الغالب في أمريكا ولكن برنامج الزائر الدولي رتب لنا أن يكون المحاضر على الغداء هو البروفيسور وليام دنجزWilliam Dings من الجامعة الكاثوليكية الأمريكية في واشنطن ليحدثنا عن الدين والمجتمع، والدين والسياسة وأن ثمة فصل بين الدين والدولة في الولايات المتحدة الأمريكية. وتحدث عن الفرق بين الفصل بين الدين والسياسة في أوروبا وما حدث في أمريكا، فقال إن الفصل في أوروبا كان لحماية الدولة من الدين لأن أوروبا شهدت استبداد الكنيسة بالحكم والحياة والعلم وكل مناحي الحياة، أما في أمريكا فكان الفصل لحماية الدين من الدولة. وذكر أن كثيراً من المهاجرين الأوروبيين الذين قدموا إلى أمريكا عانوا اضطهاداً دينياً فكان الفصل لحمايتهم وحماية الدين. وتحدث عن الأديان في أمريكا وتناول قضية الإحصائيات التي تقدم لأعداد من ينتسب لكل دين. فقال إن الإحصاءات الرسمية التي تحدث في أمريكا كل عشر سنوات لا تسأل الناس عن أديانهم، ولكن أصحاب الأديان هم الذين يقدمون مثل هذه الإحصائيات فمثلاً بعض الكنائس يعدون أي أحد يزور الكنيسة ولو مرة واحدة. كما أن بعض الإحصاءات تتم عن طريق الباحثين الاجتماعيين وذلك بأخذ عينات من المجتمع ولكن تلك العينات يحدث فيها أخطاء. وأما المسلمون فهناك من يقول إنهم ستة أو سبعة ملايين وهم في الحقيقة لا يتجاوزون المليونين بكثير.

       وأما هذه الجامعة فعدد طلابها حوالي ستة آلاف وخمسمائة طالب في المرحلة الجامعية والدراسات العليا، وقد تأسست بأمر بابوي عام 1887م ويديرها مجموعة من القساوسة بصفتها المعهد القومي للكنيسة الكاثوليكية الأمريكية، وتتميز الجامعة في مجالي الآداب والعلوم كما أن المعهد الكاثوليكي القومي للخدمات الاجتماعية من المعاهد المميزة على مستوى الولايات المتحدة. ومن الكليات المتميزة في الجامعة كذلك كلية العمارة والتخطيط وكلية التمريض، وهذا التميز بلا شك يجذب إليها الطلاب من أنحاء أمريكا كافة ومن البلاد التي تدين بالكاثوليكية. وهذا يعطينا فكرة أن رجال الدين النصارى أو الجامعات الدينية في أمريكا لم تقتصر في دراساتها وتخصصاتها على تخصصات الدين والعقيدة ولكنها دخلت جميع مناحي الحياة الأكاديمية وأبدعت فأصبحت متقدمة على كثير من الجامعات غير الدينية. وإن كانت الجامعات الإسلامية المتخصصة في العلوم الشرعية في العالم الإسلامي مثل الأزهر فقد الصبغة الدينية فهل ارتفع مستواه الأكاديمي لينافس الجامعات الأخرى؟ وهل جامعاتنا الإسلامية كجامعة الإمام والجامعة الإسلامية استطاعت أن تنافس؟ ولكن نظراً لأنه ليس لدينا جهات مستقلة تقوم بتقويم الجامعات كما أن الجامعات لا زالت لم تنشئ إدارات للنوعية والجودة لتكون المراقب الأول لما تقوم به ثم يأتي دور المؤسسات الخاصة في المراقبة والتقويم فإننا سنظل لا نعرف حقيقة مستوى الجامعات.

       كما أنشئ في الجامعة معهد باسم (معهد دورة الحياة) عام 1974 للقيام بالبحوث الاجتماعية وتدريب طلاب الدراسات العليا في مجال التطور البشري. ويأتي أعضاء هذا المعهد من أقسام علم النفس وعلم الاجتماع والسياسة والتاريخ والتربية وعلم الإنسان. ويواصل الطلاب دراساتهم العليا للحصول على الدكتوراه من المعهد في هذه التخصصات. ويتركز البحث في الوقت الحاضر على التداخل بين الدين والمجتمع، وتطور الشباب والتربية والمجتمع المدني والحركات الاجتماعية.

     من الطريف أن المحاضر تناول صحن السَلَطة فقط وتأخرت الوجبة الرئيسة فلما جاءت كان الجميع يأكل بينما امتنع هو عن الطعام حتى يقدم محاضرته في الوقت المخصص وهو مدة ساعة. في الوقت الذي قد يصر صنف آخر من المحاضرين على تناول الطعام ويختصر المحاضرة. وقد أعجبني سلوكه فبإمكانه تناول الطعام بعد إنهاء المحاضرة ولو كان ذلك سيكون على حسابه.

        وكان النشاط التالي الاستماع لمحاضرة للأستاذ أكرم إلياس عن النظام السياسي الأمريكي وكان حديثه نوعاً من الدعاية للنظام السياسي الأمريكي ولعله يكون فيه كثير من الحقائق بلا شك. فتحدث عن الكونجرس ومجلس الشيوخ والولايات والتجمعات المدنية المختلفة. فأمريكا لها مجلس ممثلين هو الكونجرس ومجلس الشيوخ، ويتم اختيار ممثلين عن الولايات وفقاً لعدد سكانها أما مجلس الشيوخ فلكل ولاية ممثلان. وهناك داخل الولايات يوجد الحاكم لكل ولاية وهو منتخب كما أن للولايات مجالس ممثلين، بل إن التمثيل هناك يصل إلى ما دون الولاية فكل ولاية تتكون من عدد من المقاطعات.

          وأكد على أن الحكومة الفيدرالية تهتم بأمرين أساسين هما الدفاع والسياسة الخارجية وأن الولايات تدفع ضرائب يصل بعضها إلى الحكومة الفيدرالية والحكومة الفيدرالية تمول مشروعات في تلك الولايات في مجال التعليم. وأكد على أن استقلالية كل ولاية في نظامها القضائي والتشريعي والتعليمي، بل إن كل مقاطعة يكون لها نظام أو مجلس تعليمي يقر المناهج وغير ذلك. كما أكد المحاضر على أن مسألة انفصال الولايات أمر مستبعد لأنه لا داعي لمثل هذا الأمر فكل ولاية تكاد تكون شبه مستقلة بل هي المستفيدة من الحكومة الفيدرالية، وتميزت المحاضرة بعرض الجوانب الإيجابية من النظام الفيدرالي ولكنها لم تتطرق للسلبيات. ويمكن أن يكون الأمر صحيحاً، ولكن ليس من الطبيعي أو المعقول أن تدعو وزارة الخارجية شخصاً يظهر أية عيوب في نظام الحكم الأمريكي. وكان يردد بين الحين والآخر أن النظام الفيدرالي عظيم ولا يمكن لأية ولاية أن تفكر في الانفصال على الأقل في المنظور القريب. ولكن ما حدث منذ انتخاب بوش الابن في المرة الأولى والتنازع على عد الأصوات قلت في نفسي هذه بداية الانهيار في النظام الأمريكي لأنه ستبقى في نفوس الكثيرين أن بوش وصل إلى سدة الحكم بطريقة ملتوية حيث إن أخاه كان حاكماً لإحدى الولايتين المتنازع فيها على عد الأصوات.    وكاد يحصل الشيء نفسه في الفترة الثانية مع آل قور لولا أن آل قور أسرع في الاستسلام وقبول الهزيمة. كما أن نزول اليمين المسيحي المتطرف في انتخابات التمديد يدل على أن هذا اليمين المتطرف سيكون له كلمة في المستقبل وهو متطرف بمعاييرهم قبل معاييرنا. وهناك قضايا تتدخل فيها الحكومة الفيدرالية تضايق الولايات ولكنها ربما لا تزال صغيرة فربما يكبر حجمها وتبدأ بعض الولايات بالتململ.

        وعلقت على المحاضرة أن المحاضرة كانت مفيدة وأن هناك من قام بدراسة الحكومة الأمريكية من أمثال الدكتور أحمد البرصان الذي نشر مقالة في مجلة المجلة عام 1988م بعنوان (كيف تصنع الجامعات ومراكز البحوث قرارات الكونجرس والحكومة الأمريكية، كما أن الدكتور منصف السليمي أعد دراسة أخرى عن الحكومة الأمريكية، ولكننا مع ذلك بحاجة إلى مزيد من الدراسات. وما قلته عن اللامركزية في الحكومة الأمريكية الفيدرالية فإن الحكومة الإسلامية ظلت إلى قرون عديدة تترك الشعوب تحكم نفسها بنفسها وتقرر أمور التعليم والاجتماع والصحة وغير ذلك حيث كان اهتمام الحكومة المركزية لا يتجاوز الدفاع والأمن والسياسة الخارجية. وقد أصدر الدكتور أحمد الريسوني كتاباً رائعاً بعنوان (الأمة هي الأصل) وقال كان جزء الهرم الأعلى للدولة ولا يتجاوز ذلك الثلث، بينما أصبح الهرم مقلوباً في عصرنا الحاضر وصار للدولة تدخل في كل جوانب الحياة من التعليم الابتدائي إلى الجامعين والحكومات لها وزارات ثقافة ووزارات تعليم وتعليم عالي ووزارات اقتصاد ووزارات صحة. فصار ثلثي الحياة تسيطر عليه الدولة وتديره ولم يبق للشعوب إلاّ الثلث والثلث كثير.

        ويعجبني في هذا المجال تعريف الدكتور عبد الله النفيسي للسياسة حين يقول: "والسياسية في رأيي المتواضع هي القرار السياسي الذي نكون نحن إما أبطاله أو ضحاياه فهي التي تحدد كل شيء من المناهج الدراسية التي يدرسها أبناؤنا إلى البرامج التي نشاهدها على التلفزيون إلى الطعام الذي نأكله واللباس الذي نلبسه، وهي التي تحدد طريقة الحياة التي نعيشها وما يمكننا أن نتحدث فيه أو نسكت عنه إنها تحدد كل شيء تقريباً حتى النقود التي نحملها في حافظة النقود في جيوبنا فإذا كانت هذه هي السياسة كلها فلماذا تكون قاصرة على فئة معينة من الشعب ويحرم الشعب كله من الحديث فيها." وهذا يصدق على الأمريكان الذين عزفوا عن المشاركة في الانتخابات لما تتضمنه هذه الانتخابات من أساليب يمكن وصفها بالتنافس غير الشريف أو حتى تصل إلى أن تكون دنيئة، ويقول في ذلك جيمس زغبي كانت هناك حملة انتخابات لممثلي البرلمان (الكونجرس) فكان أحد المتنافسين يصف غريمه بالغشاش، والذي يصف الآخر بالكذاب، فهل يختار الناس غشاشاً أو كذاباً، فالعقل يقول إذن يترك الجميع.



 

 

حوارات في أمريكا

 

     كانت محاورات في أمريكا ضمن برنامج الزائر الدولي (التعليم العام والتعليم الديني) -ضيوفه من أساتذة الجامعات في المملكة لقاء مع عدد من المثقفين الأمريكان تجاوز عددهم الثلاثين وفي ذلك اللقاء تقدم أحدهم (في مركز محمد علي رحمه الله بولاية أوكلاهوما) للحديث عن المرأة في بلادنا وأنها مضطهدة. فطلبت الرد عليه فبدأت قائلاً إن المملكة العربية السعودية أشبه بقارة فوضع المرأة يختلف من منطقة إلى منطقة بل يختلف من مدينة إلى مدينة، ويختلف من بيت إلى بيت، ففي بيت يمكن أن تكون المرأة هي السيدة المطاعة وتكون في بيت مجاور مظلومة مضطهدة، ونحن كلما تمسكنا بالإسلام وكنّا أقرب إلى تطبيقه كانت المرأة في أحسن حال وتكرم وتقدر، وإن ابتعدنا عن تطبيق الإسلام أو ضعف هذا التطبيق نال المرأة والرجل معاملة سيئة.

      ولكن ما بال المرأة عندكم هل هي أحسن حال؟ لقد بحثت في موقع مجلة علم النفس اليوم التي بدأت تصدر قبل أكثر من أربعين سنة فوجدت مئات الآلاف من الصفحات تتناول معاملة المرأة السيئة في بلادكم، (وهنا ملمح في النقاش أن تلفت الانتباه إلى مصدر قد لا يعرفه كثيرون ولكنه يؤكد الجانب العلمي في نقاشك) وبحثت في قوقل فوجدت مواقع وصفحات أكثر بل وصل الأمر أن يحاول البعض أن يصدر تشريعات من الكونجرس للحد من العنف ضد المرأة ووجدت أن كلية دنفر بولاية كولورادو فيها مادة اسمها العنف ضد النساء وللمادة كتاب منهجي ضخم أكثر من سبع مائة صفحة اشتريت نسخة مستعملة منه بخمسين  دولاراً. وكما يقولون إذا كان بيتك من زجاج فلا تقذف الناس بالحجارة. فعندنا تقصير في شأن المرأة والرجل ولكن الدين برئ من كل ذلك.

     وفي المركز نفسه قال أحدهم السعودية ترعى المدارس الدينية وهي تعلم كراهية الغرب والعنف فقلت مما تعلمت في أثناء دراستي هنا أن الموضوعية تقتضي البعد عن التعميمات الجزافية ويبدو لي أن ما قلته ينطبق عليه ذلك، ولكن دعني أسألك هل زرت تلك المدارس وهل اطلعت على مناهجها وهل قابلت تلاميذها؟ قال قرأت ذلك فقلت أتصدق كل ما تقرأ؟ ولكن هل مناهجكم سليمة من العنصرية والعصبية· ودعني أشير ما فعلته الأستاذة أودري شباز من إعداد دليل للمواد الاجتماعية ليدرس في مدارس أمريكا ليحاول إبعاد التشويه والتعصب ضد العرب والمسلمين وأهل الشرق الأوسط بعامة

ملحوظة: من فن الحوار الإقناع أن تبهر الطرف المقابل بمعلومات جديدة عليه مثل ذكر مجلة علم النفس اليوم وأنها صدرت قبل أربعين سنة، وأن تذكر ما يقوله قوقل عن العنف، ثم أن تقدم له الدليل من كتاب مقرر في فصول دراسية جامعية وعدد صفحات الكتاب

الإسلام في أوروبا

       كان من ضمن البرنامج زيارة عميد كلية القانون بجامعة يوتا فحدثنا عن اهتمام الجامعة بالإسلام في أوروبا وأنهم يعقدون مؤتمراً سنوياً حول الأمر كما أن للكلية      برنامجاً خاصاً لدراسة الإسلام في أوروبا ومن نشاطات ذلك البرنامج أنها دعت المستشرق الأمريكي المعروف برنارد لويس لإلقاء محاضرة بعنوان (أوروبا والإسلام) في أيام 26 فبراير و5 و12 مارس عام 1990م. كما رعت الجامعة مؤتمراً بعنوان الإسلام المتطرف في أوروبا في شهر نوفمبر من عام 2007 في معهد هيكلي للعلوم السياسية. وهناك مواد دراسية في كلية العلوم السياسية.؟

       وأتيحت لي الفرصة للتساؤل لماذا هذا الرهاب أو الخوف المرضي من الإسلام في أوروبا فالإسلام هناك باق للأبد ولكن لماذا لا تنظرون في الجوانب الإيجابية من وجود المسلمين هناك فهؤلاء الناس لديهم قيم ومبادئ وأخلاق يمكن للأوربيين أن يفيدوا منها بالإضافة فهؤلاء منهم الطبيب والمهندس والعالم والفيزيائي والقانون وغير ذلك فهم يقدمون خدمات لا حصر لها، وكان معنا مترجم لبناني الأصل اسمه جورج توماس أعجبته اللغة التي تحدثت بها مع عميد الكلية.

تقويم التعليم العام والتعليم الجامعي: تقوم جهات محايدة في الغرب على تقويم الجامعات وكذلك التعليم العام وقد تعجبت جهة أجنبية أن المؤسسة التي تقوم بتقويم التعليم العام في بلادنا تابعة لوزارة المعارف. وقد كتب الدكتور سالم سحاب عن تقويم الجامعات ومؤسسات التقويم Accreditation ونحن بحاجة إلى مثل هذا، صحيح أن مثل هذه المؤسسات قد تفضح كثيراً من الأوضاع الخاطئة ولكن إذا أردنا اليقظة الحقيقية فعلينا مواجهة الحقائق.

       وفي هذه الرحلة (برنامج الزائر الدولي للقادة حول التعليم العام والتعليم الديني) التقينا بشخصيات أمريكية تحدثت عن تقويم التعليم العالي واعتماد الجامعات في أمريكا، وكان اللقاء الأول في جامعة لويفيل بولاية كنتكي والثاني في مدينة بوسطن حيث التقينا بثلاث سيدات في مكتب خاص لتقويم الجامعات الأمريكية.

          وهذه الهيئة مستقلة وغير حكومية وغير ربحية وتحصل على التمويل من التبرعات ومما تدفعه الجامعات من رسوم للحصول على الاعتماد، ولا تظنوا أنهم إن دفعوا الرسوم كان التقويم في صالحهم، لا فإن هذه الجهة ترسل عدداً من الأشخاص من رؤساء جامعات وعمداء وأساتذة لهم باع في التعليم العالي وبعد الحصول على تدريب معين في عملية التعليم يقومون بالاطلاع على أوضاع تلك الجامعات ثم يقومون بزيارة ميدانية مدتها أربعة أيام لا يتقاضون فيها فلساً أحمر ولا أصفر غير تكاليف السفر والإقامة فيقابلون الأساتذة والطلاب والمسؤولين في تلك الجامعة ويطلعون على مجريات الأمور ويكتبون تقريرهم بعد نهاية الرحلة.

         والمطلوب من الجامعات أن تقوم بكتابة تقرير من مائة صفحة عن أوضاعها كل خمس سنوات، أما اللجنة يكون عملها كل عشر سنوات ولكنهم قد يحتاجون أحياناً للمتابعة أو السفر خلال العشر سنوات إذا جد جديد في تلك السنوات العشر أو بعد أن يطلعوا على تقرير الجامعة الذي تقوم نفسها فيه وهو تقرير الجودة كما يسمى.

          وأمريكا قد قسمت إلى عدة مقاطعات تتولى تقويم الجامعات في تلك المقاطعة كما تقوم بعض هذه المكاتب الإقليمية تقويم الجامعات الأمريكية في الخارج للحصول على الاعتماد الأكاديمي. وهناك ورش عمل مستمرة للاطلاع والتدريب على آخر المستجدات في عملية التقويم

       وقريباً من هذه المؤسسة استمعت إلى تقرير في الإذاعة الأمريكية العامة NPR أن الكونجرس الأمريكي (مجلس ممثلي الشعب الأمريكي) لديه لجنة لمراقبة الجامعات الحكومية التي تنفق عليها الولايات والحكومة الفيدرالية فتبحث في نفقات الجامعات ورواتب الأساتذة والرسوم التي يدفعها الطلاب وتقدم نقدها للجامعات وأعتقد أن على الجامعات أن تأخذ به.

من طرائف الرحلة 

       كان لنا لقاء مع مسؤول رسمي في حكومة إحدى الولايات وكانت مدة اللقاء نصف ساعة فقط وبدأ أحد المشاركين في الرحلة الحديث واسترسل كأنه الوحيد الذي له الحق في الحديث وكان الأمر أنانية مفرطة فما كان منّي إلّا أن قررت مغادرة الاجتماع لأننا ست أشخاص وليس من حق أي واحد أن ينفرد بالحديث في أي لقاء فاضطر إلى الاختصار أو السكوت.

       ومن طرائف الرحلة أن أحدهم قال إن مازن سوف يعيد علينا في كل لقاء ما قاله في اللقاء السابق وكانت المفاجأة أنني كنت والحمد لله لدي الجديد الكثير في كل لقاء حتى قال لي الدكتور الشريف عدنان الحارثي أتعجب يا دكتور مازن أن المسؤولين لم يستعينوا بك في أي عمل ولديك كل هذه المعلومات والأفكار، فقلت له اسألهم ولا تسألني.

       ومن طرائف الرحلة أن الدعوة لهذا البرنامج للمتخصصين في الدراسات الإسلامية ولكن بعض الجامعات أرادت مجاملة بعض الأساتذة الذين لا  علاقة لهم بالدراسات الإسلامية فأحدهم متخصص في التربية واثنان منهما متخصصان في التاريخ.

 

     

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...