منذ أن التحقت بجامعة
الملك عبدالعزيز عام1394هـ(1974م) منتسباً لقسم التاريخ وانطلقت للكتابة الصحافية
مبتدئاً في صحيفة المدينة المنورة ثم في مجلة المجتمع أصبح لدي ثروة ضخمة من
الكتابات بخط اليد لأننا كنّا إن لم نستعمل القلم فالآلة الكاتبة وهذه لم تكن
متوفرة للجميع ومن طبيعة دارس التاريخ أن يعنى بالوثائق والآثار فكان من أول هذه
الآثار مسودات ما كتبت.
وشاء الله بعد ثلاث سنوات ونصف أن أتخرج
بدرجة البكالوريوس وفتح برنامج الماجستير في الجامعة وبحث من بعض أساتذتي وكذلك
حصولي على تقدير جيد جداً التحقت بالبرنامج الذي كان يعاني الصراعات بين المدرسة
الأمريكية والمدرسة الإنجليزية وأما الأساتذة المتخرجون في الجامعات العربية فهم
كانوا يميلون إلى أحد الاتجاهين، فاستمرت الدراسة ثماني سنوات ولكنها توجت بكتابة
رسالة ماجستير أو البحث المكمل للحصول على الماجستير برسالة كاملة تتجاوز المائتي
صفحة.
وكان موضوع رسالتي حول جمعية العلماء
المسلمين الجزائريين ودورها في الحركة الوطنية الجزائرية وكان المطلوب أن أسافر
إلى الجزائر وإلى مصر وأن أحصل على مراجع من أمريكا ومن فرنسا وهنا بدأت صلتي
بكتابة الخطابات أو الرسائل لطلب المعلومات والمساعدة،
وتطور الأمر أكثر بعد حصولي على الماجستير
والالتحاق بالمعهد العالي للدعوة (كلية الدعوة فيما بعد) وبدأت
أراسل شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً
وكانت لدي جرأة وشجاعة أن أكتب لأي أحد
كبيراً كان أو صغيراً،
مشهوراً أو غير مشهور. ثم أعددت إضبارات لمراسلاتي فجعلت إحداها للصادر حيث كان لدي آلة تصوير ورق من
نوع ميتا 111، فيما خصصت الإضبارة الأخرى للوارد ثم كثرت المراسلات فصار لزاما التقسيم
الوارد لعام 1407هـ (1987م) والصادر للعام نفسه ثم تكررت الإضبارات والذي قادني لعمل
الملفات هو أنني عملت سابقا في وظيفة مساعد إداري بالخطوط
السعودية فكان من مهام وظيفتي
أن أعد المراسلات والخطابات التي ترد إلى الإدارة (الشؤون الدولية) لملفات الصادر
والوارد وغيرها من الملفات بحسب موضوع المراسلة والجهة القادمة منها.
ومع التعمق في الدراسة والبحث انطلقت
للكتابة الصحفية الأسبوعية وحتى اليومية وأحياناً أكثر من مقالة أسبوعية بالإضافة
إلى الكتابة إلى بعض المجلات، فتجمع لدي عدد طيب من مسوّدات المقالات التي أحتفظ
ببعضها إذ كنت أرسل الأصل بالفاكس أو أتولى كتابته عبر الحاسوب، ولم يكن في يوم من الأيام لدي آلة طباعة على
الرغم من أنني تعلمت النسخ على تلك الآلة حين كنت في الصف الثالث الإعدادي ولم أكن
أدري أن تلك المهارة سوف تصبح أساسية في عملي الكتابي والتأليفي
وتنوعت جهات المراسلات بحسب الموضوع الذي
كنت أنوي الكتابة فيه، فقد انطلقت في البداية للبحث في الاستشراق الفرنسي والشمال
الأفريقي فكانت المراسلات في ذلك الاتجاه أي بلدان شمال أفريقيا وفرنسا. ثم تحول
اتجاهي للبحث في الاستشراق الأمريكي والإنجليزي فتغيرت وجهة المراسلات فصارت
أمريكا وبريطانيا وبعض الشخصيات العلمية التي درست في تلك الجهات.
كانت المراسلات في الأصل لطلب المعلومات
والاستشارة والتوجيه وقد اختططت لنفسي منهجاً (لم أتعلمه من أحد) وهو أن أقدم نفسي
للمرسل إليه بطريقة موجزة مع مخاطبته بالإجلال والاحترام كما هو الأدب الإسلامي في
مخاطبة من نتعلم منه، وهادينا في ذلك الحديث المروي عن عمر بن الخطاب (عن ابن عمر
عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، إِذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ
بَيَاضِ الثِّيَابِ، شَدِيدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لَا يُرَى عَلَيْهِ أَثَرُ
السَّفَرِ، وَلَا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتَّى جَلَسَ إِلَى النَّبِيِّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إِلَى رُكْبَتَيْهِ،
وَوَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى فَخِذَيْهِ .. الحديث (رواه مسلم)
وبعد
ذلك أسأل ما أريد أو أطلب التوجيه والنصيحة
وتعددت الرسائل الجوابية فكانت منها قطع
أدبية راقية وأسلوب علمي فخم ولوحة جمالية. وأرجو حين اختار من تلك
المراسلات واضمنها هذا
الكتاب أن أكتب كلمات موجزة عنها جميعاً وربما خصصت كل مراسلة
بتعليق موجز.
ومع كل هذا فحين صار لنا البريد الإلكتروني
لم تتوقف الرسائل وبعضها يستحق أن يكون في هذا الكتاب بإذن الله وهي ليست بالقليلة.
أرجو أن يكون الكتاب جاهزاً في القريب بإذن
الله وشكراً لمن نبهني إلى أن أجمع ما لدي حتى لا تصبح أوراق وقراطيس يوضع فيها اللوز أو تمزق
وتملأ سلال النفايات ويعود الفضل لأخي الحبيب وأستاذي الدكتور محمد يعقوب تركستاني
وأنتظر أن أرى كتابه وأن يكون كتابي لاحقاً له إن شاء الله.
تعليقات
إرسال تعليق