التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مقدمة الكتاب الثالث (من أروقة المؤتمرات)

 

الحمد لله حمدا كثيراً طيبا مباركاً فيه والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد

       فهذا هو الكتاب الثالث في هذه السلسة أقدم فيه بعض ما يخص الاستشراق وعلاقة الشرق بالغرب وأبدأ ذلك بمحاضرة كنت أعددتها لتكون محاضرة صوتية بعنوان "احذروا خطر الاستشراق" وهي ليست بحثاً أكاديميا ولكنها نداء وتوضيح للجمهور المسلم ليتعرف على جوانب الاستشراق المختلفة عقدياً واجتماعياً وسياسياً واقتصاديا.

       وقد كتبت في مقدمة تلك المحاضرة ما يأتي نصّاً: "فهذه كلمات حول قضية مهمة يغفل عنها كثير من الناس، بل إن معظم الناس قد يسمع بكلمة استشراق، فلا يتأثر ولا يعرف لماذا كان الاستشراق خطيراً. بل ربما رأى البعض أن الحديث عن الاستشراق ترف لا حاجة لنا به. ويرى بعض آخر أن الاستشراق قضية من الماضي البعيد، وليس له وجود الآن، ولكننا نرى أن من الواجب الحديث عن هذا الأمر، وبخاصة في هذا الوقت بالذات الذي كشّر بعض الكفار في الغرب عن أنيابهم، ووصل الأمر بالبعض أن نادى بهدم الكعبة المشرفة. وهناك منّا من يُعجب بالاستشراق ويرى أنه كله إيجابي ولكن علينا أن نلتزم بالآية الكريمة (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (سورة المائدة آية 8)

       وكنت قد فكرت في إقامة دورات لتدريب المحاضرين والأساتذة على حضور المؤتمرات والندوات فقامت ابنتي أسماء بإجراء لقاء مطول معي حول هذه القضية ونشرت في صحيفة جامعة الملك سعود بعد أخذ إذن عمادة التطوير على نشر المقابلة. وبعد النشر حاولت أن أقابل عميد التطوير أو حتى وكيله فلم أنجح وبقيت الجامعة لا تهتم بإعداد أساتذتها أو محاضريها على كيفية حضور المؤتمرات. وشاء الله أن يتقدم مركز تفسير للدراسات القرآنية بعقد أول دورة وقد حضرها أكثر من عشرين شخصاً أكثر من خمس عشرة منهم أساتذة يحملون الدكتوراه والبقية كانوا محاضرين يعدون رسالة الدكتوراه. وقد عقدت الدورة في القصيم وفي تطوان بالمغرب وفي الرباط كذلك.

 كما يتضمن هذا الكتاب من السلسلة تقارير عن مؤتمرات حضرتها ولم يتسن لي إضافتها إلى الكتابين السابقين وهناك أخبار عن مؤتمرات وتقارير موجزة عن بعض تفاصيل المؤتمرات في الغرب بصفة خاصة لتوضيح حقيقة اهتمامهم بالإسلام والمسلمين.

وشاء الله أن أعرف عن عدد من المؤتمرات وبعضها دعيت للمشاركة فيه فتقدمت باقتراح أو أكثر ولكن لم أتمكن من الحضور فأقدم في هذا الكتاب عدداً من الاقتراحات التي قدمتها وبعض هذه المؤتمرات له قصة طريفة في طريقة معرفتي بالمؤتمر وكذلك محاولتي الحضور التي لم تتحقق.

ويتميز هذا الكتاب من السلسلة بإيراد بعض الموضوعات التي تتصل بالمؤتمرات اختياراً وإعداداً وتقديم ملخصات موضوعات وطريقة إعداد الملخص وطريقة تقديم البحوث وهي مادة اطلعت في الجامعات الغربية على مواد دراسية تقدم بخاصة لطلاب الدراسات العليا لتدريبهم على حضور المؤتمرات بفعالية والإفادة من هذه النشاطات إلى أقصى حد ممكن. وقد يسّر الله لي أن أعدّ هذه الدورة بناء على خبرتي الطويلة في حضور المؤتمرات كما تعلمت من المواد المتوفرة في المشباك حول هذه القضية. وأعترف أن لنا مواقف من الغرب وتآمره وتخطيطه ضدنا ولكن الحقيقة أنهم يقدمون علماً غزيراً في مجالات كثيرة ومنها هذه القضية وهي حضور المؤتمرات وبعض المادة المتوفرة لا تحتاج سوى بعض الترجمة والصياغة بما يناسب ثقافتنا ومرجعيتنا الإسلامية.

وها أنا أقدم الكتاب الثالث في دراسة الاستشراق وعلاقة الشرق بالغرب راجياً أن يكون فيه الفائدة العلمية والعملية فما أحسنت فمن الله وما أخطأت فمن نفسي والشيطان ورحم الله من أهدى إليّ عيوبي، والحمد لله رب العالمين

 

                                  الرياض

              2 محرم الحرام 1442هـ (21 أغسطس 2020م)

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...