التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ألسنا أمة الشهادة؟

 

       بكى رسول الله حين قرأ عليه صحابي كريم قول الحق سبحانه وتعالى (وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) فاخضلت لحيته وقال للقارئ حسبك. ولم أفكر طويلاً لماذا بكى رسول الله وأسأل العارفين وإن كان يمكنني البحث في تفسير الآية فلدي القرطبي وليت لدي الطبري. لماذا جئت بهذه المقدمة لأتساءل عن مسؤوليتنا في تعريف العالم بالإسلام من ناحيتين الأولى العملية أن نعيش به في بلادنا فلا يكون لدينا استبداد ولا طغيان ولا سرقة لأموال الأمة ولا يكون لدينا استعباد ولا ولاء لغير المؤمنين، وأن نعيش بالإسلام إن سرنا إلى بلاد الكفّار فلم يسلم أهل جنوب شرق آسيا لأنه جاءتهم جيوش الفتح ودخلت دولهم في الإسلام وإنما تجار وعلماء عاشوا بالإسلام وللإسلام فانجذب البشر إليه فدخلوا في دين الله أفواجاً، وما أكثر العربان الذين يذهبون إلى بلاد الغرب اليوم فلا يزيدون الغربيين إلاّ نفوراً من ديننا (في غالبهم)

        والمجال الثالث لماذا يتقاعس العلماء وأساتذة الجامعات عن حضور المؤتمرات والندوات ليقولوا للناس شيئاً عن الإسلام ويعيشوا الإسلام حتي يحبهم البشر الآخرون؟ لن أطيل ففي ما أكتبه عن بولندا والمؤتمر الذي حضرته غناء.

       إن كنّا اليوم نتحدث عن مؤتمرات تتناول مختلف القضايا التي تخص العالم العربي الإسلامي فإن المسلمين وهم أمة الشهادة والأمة الوسط التي اختارها الله عز وجل لحمل الرسالة الخاتمة وكلفها بالشهادة على الأمم عليهم أن يتطلعوا إلى اليوم الذي يأخذون فيه زمام المبادرة ببحث مشكلاتهم وقضاياهم العقدية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية بروح علمية وبحرية فكرية تامة، كما عليهم أن يتطلعوا إلى أن يكونوا هم المبادرين إلى عقد المؤتمرات والندوات حول المشكلات الدولية وعن المجتمعات الغربية لتعرض هذه المشكلات على ميزان الإسلام لنقود البشرية إلى غد أكثر إشراقاً وسلاماً وعدلاً.

       كنت في مؤتمر فذكرت قصة بلال بن رباح رضي الله عنه مع أبي ذر رضي الله عنه وكيف خرج النبي صلى الله عليه وسلم غاضباً (أعيرته بأمهه إنك امرؤ فيك جاهلية) فوضع أبو ذر خده في الأرض ليطأه بلال رضي الله عنهما. وكنت أحكي القصة منفعلاً لأؤكد على محاربة الإسلام للتنميط والعنصرية وأنا منفعل، فأخذ أحد الأساتذة الموضوع ليناقشه في اليوم التالي مع طلابه في الجامعة الأمريكية في قسم علم الاجتماع. والقصص كثيرة. وهذه المنظمات إن لم نحضرها حضرها من الغربيين من يتكلم باسم الاسلام أو حضرها من المسلمين الذين لديهم من الانحرافات ما لديهم ومن يحبهم الغربيون ويفتحون لهم المجال، ولكن إن حضرنا فإنهم لن يمانعوا بل إن الغرب والعقلية الغربية تقدر وتحترم بل حتى تقدس أيضاً الشخص القوي المتمكن في موضوعه والمتمسك بدينه

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...