عندما انطلقت البعثات العلمية إلى
الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا قبل أكثر من ثلاثين سنة، كان من أول ما أصيب
به معظم الشباب العربي المسلم الصدمة الحضارية التي زلزلت أركان البعض حتى إنه لم
يفق منها مطلقاً، ومنهم من كانت الصدمة الحضارية مؤقتة استطاع بعد مدة أن يتغلب
عليها ويستعيد رشده، ومنهم من أصابته زمناً طويلاً.
ولكن كيف كانت هذه الصدمة الحضارية؟ رأى
البعض أنه جاء من بلد محافظ متمسك بالإسلام وشعائره وقيمه، وأن هذا البلد يعاني من
التخلف والجهل والمرض، فلا بد أن يكون التمسك بالإسلام هو السبب. واختلط الطلاب
السعوديون بالطلاب القادمين من الدول التي كان يطلق عليها حينذاك "الدول
التقدمية" وكانت حرب الستة أيام أو حرب الست ساعات قد أحدثت أزمة نفسية كبرى
لدى الجميع فاستغلها بعض الشيوعيين من أمثال صادق جلال العظم ليكتب أن الهزيمة
إنما كانت بسب الدين. وكانت القوة الدعائية لدى طلاب الدول المسماة بـ "التقدمية"
أقوى، فوصل بعض الطلاب من السعودية إلى درجة الإيمان العميق بالفكر العلماني
التغريبي وأن الدين حقيقة هو سبب التخلف. بل إن السخرية بالدين بلغت بأحدهم (كان
يعد لدرجة الدكتوراه في التربية عام 1970م) أن يشبّه القرآن الكريم بالشعر
الجاهلي، ويشيد بآراء طه حسين وغيره في ضرورة أن نأخذ الحضارة الغربية خيرها
وشرها.
وبلغت السخرية بالبعض أن يقترح أن يعطى
كل فرد بطاقة ممغنطة لتسجيل أدائه للصلوات في المسجد، وقد برزت هذه الفكرة عندما
علِم الطلاب السعوديون في أمريكا في تلك الفترة (1970 وما حولها) أنه سيكون هناك
تشديد على حضور الصلاة في المساجد. (وهذا ما قرأت أن تونس تنوي القيام به قريباً)
وتحدث أحد الطلاب العرب عن الزواج في بلده فوصفه بعملية البيع والشراء. لقد كان الانبهار بالغرب بل حتى الاستلاب قد
وصل إلى درجة لا يمكن تخيلها. وقد لا يلام الطلاب كثيراً الذين جاؤوا من مجتمعات
تؤكد على آحادية النظرة إلى حد كبير، وأن ثمة طريقة واحدة للإسلام، وكذلك غياب
الرأي الآخر والحرية الفردية.
وهناك من لم يخرج من البلاد العربية
الإسلامية ولكنه راعه ما يرى من تقدم علمي وتقني وعمراني واجتماعي في الغرب، وقرأ
عن الغرب من خلال الحديث عن أدباء ومفكري أوروبا والغرب عموماً فوقع في نفسه حب
القوم، بل إن كلمة الحب قليلة لقد توله بعض هؤلاء بالغرب؛ فأصبح الغرب مقياساً
للتقدم والتحضر، فالتنوير هو التنوير الأوروبي والعصور والقرون تقسم وفقاً للتقسيم
الأوروبي، والتحضر والتقدم هو ما عند أوربا، والإنسانية والأنسنة هو ما جاء من
عندهم. بل إن بعضهم بدون أي دليل عقلي أو نقلي أنكر أن يكون للأمة الإسلامية أي
دور حضاري في الحضارة البشرية، فالفتوحات الإسلامية (التي وصفها جوستاف لوبون
بأنها أرحم فتوحات عرفها البشر) إنما هي حروب استعمارية في نظر هؤلاء.
ويصف محمد الخير عبد القادر نظرة هؤلاء
إلى الغرب وحضارته بأنها نظرة قائمة على الإعجاب بالحضارة الغربية، ولكن هذا
الإعجاب أدى بهم إلى "تناول القضايا الإسلامية بأسلوب جاوز حدود الحوار
الموضوعي إلى السخرية والتمويه بل الطعن في مقدسات المسلمين.."اتجاهات حديثة
في الفكر العلماني، أم درمان: الدار السودانية للكتب، ص 5)
ويقارن محمد قطب بين
"التنويريين" القدامى من أمثال طه حسين ورفاعة رافع الطهطاوي وغيرهم
و"التنويريين" المعاصرين فيقول: "نحسب الأجيال الأولى من
التنويريين..... كانوا مخلصين، والله أعلم بهم، لم يكن في قلوبهم ذلك الحقد الأسود
على الإسلام الذي اكتسبه المتأخرون منهم، الذين يتحدثون عن المسلمين بشماتة ظاهرة
لا حياء فيها، ويتحدثون عن الإسلام كأنه العدو الأكبر الذي لا بد من إزالته من
الأرض."(ص 33 من كتاب قضية التنوير في العالم الإسلامي، دار الشروق
القاهرة،1420 هـ/1999م) ويضيف محمد قطب بأن "التنويريين" المعاصرين
"ليسوا حريصين على إنقاذ أمتهم الإسلامية بصفتها تلك بل هم على العكس حريصون
على إبعاد هذه الأمة عن الإسلام، باعتبار أن هذا هو العلاج الذي لا علاج غيره لما
أصاب الأمة من الأمراض، فهم سابحون مع تيار الغرب برغبة ووعي ولا يعلمون على وجه
التحديد ماذا يريدون"(ص 34)
لكن الجانب الآخر من مواقف هذه الفئة أن
بعضها دخل مجال التعليم الديني وتدّين حتى درجة متطرفة، بل عرف عن أحدهم أن رفض
مظاهر المدنية الحديثة وسكن في بيت من الطين. واستمر بعضهم في هذا التطرف العجيب
حتى أدين بأعمال عنف، أو أدين آخرون بالوقوف في وجه الأنظمة الحاكمة هنا وهناك
ودخل بعضهم السجن، فلّما خرج تغيرّت قناعاته وآراؤه تماماً فأخذ يكتب ساخراً من
المتدينين أو أصحاب الالتزام الديني أو التنظيمي.
وأود أن أضيف سبباً لهذه العداوة
للاتجاه الإسلامي التي يصرح بعضهم بها في المجالس الخاصة ولكن لا يجرؤون على
كتابتها وهو ما يملأ قلوبهم غيضاً وحسداً من النجاح الكبير والإقبال الجماهيري على
مؤلفات بعض الكتّاب والمشايخ ومن يطلقون عليهم "الإسلامويين" وتجدهم
دائمي التحذير من هذه الفئة. فيذكر أحدهم كيف أن كتاب الدكتور عايض القرني لا
تحزن قد بيع منه مليون نسخة أو زيادة، كما أن أشرطة الكاسيت التي تحمل محاضرات
ودروس دينية تباع بأعداد كبيرة، وكذلك حضور المحاضرات والدروس في المساجد يكثر
روادها بينما أفضل ليبرالي لا يطمع بحضور محاضراته عدة أشخاص قد لا يتجاوزون أصابع
اليد. فهل هذا الجمهور كلُّه غبي أو إن في الأمر سراً يحتاج إلى اكتشاف؟
وقد وقف مستشرق هولندي هو يانسن John
Jansen من جامعة ليدن في المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن
الواحد والعشرين ليقول بشجاعة ليقول: إن ما أطلق عليه "البديل
الليبرالي" قد فشل، وأكد على أن الليبراليين أو العلمانيين يجدون دعماً
كبيراً من الجهات الرسمية؛ إذ تطبع كتبهم طباعة فاخرة وتباع بأسعار زهيدة ويمكّن
لهم من الظهور في وسائل الإعلام المختلفة وبخاصة الوسائل الأكثر جماهيرية (يجدون
مساعدة هائلة ليظهروا في الإنترنت حالياً –كما هو الحال في موقع الدكتور حمزة
المزيني وغيره-) ومع ذلك فإن إقبال الجماهير في البلاد العربية على الكتابات
الإسلامية والكتب الدينية، وأن الكتاب الإسلامي هو الأول في المبيعات في معارض
الكتب التي تقام هنا وهناك.
المبحث الثالث
تحليل لبعض النماذج من الكتابات المحاربة للإسلام
من الصعب على الباحث أن يحصي الكتابات
التي ظهرت في السنوات الأخيرة وبخاصة بعد التفجيرات التي هزت الرياض والخبر وغيرها
من المدن السعودية أو التفجيرات التي هزت لندن ومدريد وغيرها من عواصم العالم التي
انطلقت تحارب الإرهاب. ولكن يمكن تقديم بعض النماذج لهذه الكتابات. وقد تكون
النماذج محدودة لطبيعة بحث يقدم في مؤتمر لا يتيح للباحث سوى دقائق معدودة.
وتتنوع هذه الكتابات بين إعجاب شديد
بالحضارة الغربية حتى لا ترى حضارة سواها في العالم، أو تتناول المواجهة المزعومة
أو الحقيقية مع الغرب فتعلي من شأن القوة المادية للغرب بعامة ولأمريكا بصفة خاصة
فترى أن أي تفكير في المواجهة ليس لها أي مبرر بل هي من الخرافة. كما تتناول هذه
الكتابات الحديث عن الإسلاميين ومواقفهم من الإبداع والتجديد وتصفهم بالتقليديين.
وتتسم هذه الكتابات بكثير من أساليب الشتم والقدح والذم فتطلق على أصحاب الاتجاه
الإسلامي بـ "الإسلاموي" وتصفهم بالتحجر والجهل. وتسخر من أي دعوة
لتطبيق الإسلام في واقع الحياة أو مبدأ أو مقولة (الإسلام هو الحل) وفيما يأتي بعض
هذه النماذج:
·
مصطلحات في سبيل محاربة الإرهاب
لاحظت من خلال قراءة عدد من المقالات التي كتبها عدد من
الكتّاب في مقالاتهم التي يتناولون بها الإرهاب وفيما يأتي بعض هذه المصطلحات:
1-
الصحوي
2-
المسلم اللاصحوي
3-
أهل الخير
4-
السلفية التقليدية
5-
سلفية إجرائية سكونية جامدة (تمشي ألف
خطوة إلى الوراء قبل أن تمشي خطوة واحدة إلى الأمام)
6-
الحراك الاجتماعي
7-
المتوضع.
8-
التمظهر.
هذه المصطلحات وغيرها لها مدلولات خاصة لدى القوم يستخدمونها
بكثرة لتغطي على المعنى الحقيقي الذي يقصدونه أو إنهم يريدون أن يظهروا للقراء سعة
علمهم واطلاعهم وعمق ثقافتهم. وكم من مرة رميت بالصحيفة من يدي كراهة إضاعة الوقت
في محاولة فهم طلامسهم، ولكني اضطررت من أجل هذا البحث أن أقرأ وأمعن النظر فيما
أقرأ لأصل إلى حقيقة تفكيرهم.
·
الإعجاب بالحضارة الغربية
يقول محمد علي المحمود أستاذ الأدب
العربي بجامعة القصيم والكاتب بصحيفة الرياض:
"تقف التجربة
الحضارية الغربية الحديثة كأعظم تجربة حضارية عرفها التاريخ، وكأعظم حضارة مؤثرة
فيما يتجاوز محيطها الجغرافي. ومن خلالها خطا الوعي الإنساني خطوات حاسمة؛ تغير
بسببها الوعي الإنساني تغيراً نوعياً لم يسبق له أن حلم بمثله، فضلاً عن أن يمارسه
واقعاً، وقطع مراحل لم تجر في خاطر إنسان من قبل، فكأنما كانت قبل ذلك مخبأة في رحم
الزمان. وهذه حقيقة لا يسع العدو ولا الصديق، ولا البعيد ولا القريب أن يتجاهلها،
فضلاً عن أن يجهلها، خاصة في وقت هي من أهم مقومات وجوده.
إن حضارة ما من
الحضارات السابقة لم تقدم للبشرية ما قدمته الحضارة الغربية، ولم تغير من أنماط الحياة
للغالبية الساحقة من شعوب الأرض كما فعلت هذه الحضارة المعجزة (محمد علي المحمود، الرياض
في 2004/07/01م)
نعم تستحق الحضارة الغربية التي بنت
وسائل المدنية من سيارات وطائرات وبواخر وغيرها من وسائل التقنية، وأرست قواعد
العمل المؤسساتي المنظم. نعم إن الحضارة التي تدعو إلى احترام حرية الفرد وتنادي
بحقوق الإنسان تستحق الإعجاب. ولكن سجل هذه الحضارة في غير الجانب المادي يكاد
يكون صفراً؛ أليست هذه الحضارة هي التي تسببت في حربين عالميتين خلال أقل من نصف
قرن راح ضحيتها عشرات الملايين ودمرت عشرات المدن والقرى؟ أليست هذه هي الحضارة
التي اخترعت أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة البيولوجية والكيميائية؟ أليست هذه
الحضارة هي حضارات النابالم والقنابل العنقودية. ألا ترفض الولايات المتحدة
الأمريكية رائدة الحضارة الغربية اليوم التوقيع على معاهدات نزع الألغام الأرضية،
ولم تصادق على عدد من المعاهدات الدولية؟
لسنا في مجال
أن نوضح عيوب الحضارة الغربية قديماً أو اليوم ولكن إذا أحببنا الحضارة الغربية
وعشقناها فلنعلم أن لها عيوباً، كما علينا أن نتذكر أن غيرها من الحضارات السابقة
قد أسهمت في تقدم البشرية تقدماً حقيقياً ليس في مجال التقنية والآلات بل في مجال
الفكر والأدب وترقية حياة الإنسان على هذه الأرض؟ هل هو بحاجة إلى أن يعرف ما قدمته
الحضارة الإسلامية؟ هل يصعب عليه أن يرجع إلى المراجع التي تتناول هذه القضايا وهي
كثيرة.
كما أبدى
المحمود حزنه الشديد عندما تعرضت لندن لأعمال إرهابية، ولا شك أن علماء الأمة
كتبوا كثيراً في الاعتراض على مثل هذه الأعمال، لكن أن تكون فرصة للحديث عن الحب
والعشق والهيام ببريطانيا فأمر يثير التعجب وفيما يلي عبارات المحمود عن لندن
"وصل الإرهاب إلى (لندن) قلب العالم المتحضر، إلى ذلك العالم الحي النابض
بدماء الحرية والكرامة والإنسانية، لندن، مدينة السلام- بحق- تفيق من سباتها
الأمني المضمخ بعبق التاريخ والمعاصرة على النعيب الأصولي، نعيب أعداء السلام
وأعداء الإنسان، وصل إليها الإرهاب بعد أن كانت لمدة طويلة –الملجأ الآمن لأسراب
الطيور الإرهابية المهاجرة؟
لا نريد أن
نذكره ببريطانيا التي زرعت إسرائيل، ولا بريطانيا التي احتلت مصر وعينت القسيس
دنلوب ليضع المناهج الدراسية فيها، ولا نريد أن نذكره بكرومر ولا بقتل الفلاحيين
المصريين ولا بدانشوار، ولكن ليتذكر أن بريطانيا شريكة أمريكا في ضرب العراق
وأفغانستان، ولو قررت أمريكا أن تضرب أي مكان في العالم فإن بريطانيا ستكون شريكة
لها. لماذا الإصرار على هذا الحب العجيب؟ الذي جعله يقول عن بريطانيا "وفي
المملكة المتحدة (بريطانيا) التي أشرق منها نور الحضارة المعاصرة، حيث شق الهُدى
(هدى الحضارة الإنسانية) أكمامه، وتهادى موكباً في موكب
·
الهزيمة النفسية والدعوة إلى الانهزام
كتب المحمود تحت عنوان (نحن وأمريكا
حقيقة القوة) (26/8/2004م) يؤكد على القوة الأمريكية وأن من الخطأ التفكير في
المواجهة مع أقوى قوة في العالم وفيما يأتي بعض عباراته: " إن كثيراً من
الأيديولوجيات القومية والإسلامية قد أخذت على نفسها مهمة بعض روح العداء للآخر
وخاصة الأمريكي، عبر رفع لشعارات الصراع والمعركة! بعيداً عن تقرير حقيقة قوة هذا
الآخر وحقيقة احتياجنا إليه." ويضيف في موضع آخر مؤكداً مسألة القوة
الأمريكية "كما أن سقوطها العسكري (المستحيل طبعاً في المدى المنظور يفتح
الباب على مصراعيه لفوضى عسكرية عالمية، نحن الأضعف في كافة معادلاتها حتى في ظل
أحلام الوحدة العربية والإسلامية"
ويمكننا أن
نتساءل لماذا هذا الإصرار على تأكيد ضعفنا- مع أنه واقع- وعلى أن أمريكا الأقوى لا
يمكن أن تُهزم؟ فهل يمكننا أن نذكر حملة نابليون على مصر وكيف أن المصريين قاموا
بأعمال مقاومة كبيرة رغم الفارق الضخم في الإمكانات بين القوتين. ألم يقرأ المحمود
وأمثاله مسألة التحدي وإرادة الشعوب؟
· الإرهاب والحرية
إن المطالبة بالحرية مطلب أساسي لكل بشر
ومع الحرية الكرامة الحقيقية، ولكن أن ينسب إلى الاتجاه الإسلامي أو
"الإسلامويين" أنهم يصادرون الحريات فأمر يحتاج إلى مراجعة دقيقة. ويجد
أحد كتاب تيار محاربة الإسلام فرصة لاتهام الإسلاميين أنهم يصادرون حريات غيرهم،
ويكثر البكاء على الحرية. ومما قاله في هذا الصدد "إن الإرهاب الفكري –فيما
لو حضر بقوة- سيغتصب القيمة الأولى والجوهرية للكائن الإنساني (الحرية)تلك القيمة
العليا التي يجب التمسك بها حتى الرمق الأخير لكل إنسان" ويربط ضياع الحرية
بالفهم غير السليم للإسلام بقوله :" لأن هذا الصراع قبل أني كون صراعاً بين
المؤسسة الأمنية والإرهابيين، هو صراع بين المجتمع بما ينطوي عليه من مكتسبات
الحرية والإرهابيين ومنظريهم الذين يسعون لقولبة المجتمع وأطرنته وفق رؤاهم المستمدة
من فهمهم الكسيح للدين الإسلامي" (في القضاء على الإرهاب، محمد المحمود،
11/3/2004م)
·
قضية المرأة
يريد بعض الكتّاب أن ينتقد الإسلام بأنه
لم يقدم لمشكلة المرأة أية حلول أو أن الإسلام هو الذي يضع العراقيل في طريق
مشاركة المرأة في المجتمع. ويكتبون بطريقة فيها كثير من الغموض، وإليك ما كتبه
المحمود:" إشكالية المرأة مثلاً، وهي من أعقد الإشكاليات وأشدها إلحاحاً، لم
يتقدم الصحوي بأي حل عملي في هذا المضمار" ويوضح الأمر أكثر بقوله: "حين
واجه الصحوي إشكاليات المرأة الراهنة التي تتطلب برنامجاً عملياً ظهر تخبطه
المرضي، لم تكن المسألة تنظيراً ووعظاً، ولم يعد الحل في تصوير البيت (سجناً)يحوله
الخيال بمحض الاقتناع إلى (جنّة). المرأة الآن يحكمها الواقع بضرورياته التي
تتنامى يوماً بعد يوم، و (السخرية بها) بأن البيت مملكتها!) لا ينفعها في واقع
الحياة شيئاً. اقتاتت المرأة على الوعود زمناً، فلم تخرج من ذلك إلاّ بزيف الوعد
الصحوي، وقناعة راسخة، تؤمن بأن الحراك الصحوي حراك ذكوري في مجمل
تصوراته"(الصحوي ناظراً ومنظوراً إليه، المحمود، الرياض، 24مارس 2005م)
والمحمود في هذه المقالات وغيرها لا
يكتب بالمنهج العلمي فيذكر ما يريد (الصحوي) من المرأة ولا كيف يفكر في هذه
القضية، إنه يورد آراء يسقطها على الآخرين ويعتقد أن الجمهور سيقبل هذه الآراء. من
قال إن الصحوي أو الإسلام يريد للمرأة أن تقبع في البيت وأنه يوهمها بأنه (الجنة)
وليس (السجن). وما الوعد الصحوي الذي يراه المحمود زيفاً؟ هل عمل المرأة في البيت
ورعاية الأسرة سجناً حقاً؟ ألم تقرر إحدى الموظفات الكبار في شركة ببسي كولا ذات
يوم أن تعود إلى البيت، وقررت غيرها كذلك؟ هل تأثرن بالصحوي، وهل عند الأمريكيين
صحوي ولا صحوي.
·
الإسلام والإنسانية
يمارس المحمود هوايته في الطعن في
الإسلام والتاريخ الإسلامي، وقد أثاره منظر سيارة نقل تحمل عمّالاً في مدينة
سعودية فجعلها فرصة للحديث عن الإنسانية والإنسان، وبكى بدموع غزيرة على غياب
الإنسانية في الحضارة الإسلامية. وكتب في هذا يتعجب من انشغال
"الإسلامويين" عن "قضية الإنسان" حيث يقول: " متى يشتغل
الإسلاموي عن معاركه التي يدخلنا فيها صباح مساء بقضية إسلامية حقيقية، هي: قضية
الإنسان ويغيب ما سواه؟
تعليقات
إرسال تعليق