الرحلة العلمية:
حصلت على موافقة الجامعة للقيام برحلة
علمية مدة شهرين إلى كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية لزيارة جامعة
لندن للحصول على ما كتبه برنارد لويس (موضوع رسالتي للدكتوراه فزرتها وحصلت على
التقرير السنوي لمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية من عام 1938 حتى 1988 وفيه
معلومات قيمة عن المدرسة وأنشطتها وأنشطة الأساتذة من محاضرات ونشر وإشراف.
كما زرت المؤسسة الإسلامية في مدينة
ليستر وكذلك زرت جامعة بيرمنجهام وقابلت بعض الأساتذة ومنهم الدكتور علي سرتي
أما زيارتي لأمريكا فبدأت بجامعة برنستون
حيث قابلت كثيراً من الأساتذة في قسم دراسات الشرق الأدنى وقابلت المستشرق برنارد
لويس موضوع بحثي للدكتوراه وأجريت معه لقاءً سجلته على آلة التسجيل ونسخته وأرسلته
إلى المستشرق ليؤكد لي ما قاله في الشريط. وفي تلك الرحلة زرت كلاً من واشنطن
ومكتبة الكونجرس وكذلك زرت المعهد العالمي للفكر الإسلامي في مدينة هرندن حيث
قابلت مدير المعهد الدكتور عبد الحميد أبو سليمان وقابلت الدكتور طه جابر العلواني
السفارة الأمريكية والصحف:
وكان من بين نشاطاتي في هذه الفترة
التعرف إلى النشاطات الثقافية بالسفارة الأمريكية في جدة أو القنصلية والتي كانت
تقوم بدعوة بعض المفكرين والعلماء الأمريكان لتقديم محاضرات يحضرها عدد من
المثقفين والعلماء من المملكة، ومن هؤلاء جوزيف كيششيان الذي حاضر عن الأصولية
والحركات الإسلامية ولورنس بنيت من جامعة ديوك حاضر عن تدريس الدين الإسلامي في
الجامعات الأمريكية وكان لي نقاش معه ومن ذلك أنني سألته من يقوم بتدريس الإسلام
قال لدينا عدد من الأساتذة فقلت له هل بينهم مسلمون فقال المسلم عادة يميل إلى
الوعظ قلت له هل لديك دليل على ذلك؟ ثم سألته لماذا لا يكلف الطلاب بقراءة الكتب
عن الإسلام التي كتبها مسلمون مثل المودودي وإسماعيل راجي الفاروقي فقال هذه أعلى
من مستويات الطلاب
ومن المحاضرين البروفيسور أندريه نوشي من
جامعة هارفارد خبير الجمعيات غير الحكومية الذي سألته أنني قرأت تقريراً في مجلة
المجتمع عن الجمعيات غير الحكومية بأنها تسعى إلى نشر الثقافة والفكر الغربي
وكذلك فهناك اتهامات موجهة لها بصلاتها السرية والعلنية باستخبارات الدول الغربية
فقال متعجباً صحيح هذا؟ قلت نعم في تقرير مجلة المجتمع فوعدني بالكتابة إليّ عن
حقيقة الجمعيات غير الحكومية (ولم يكتب إلي بشيء)
وللسفارة الأمريكية نشاط في تتبع ما
تنشره دور النشر حتى إنهم أحياناً يعرفون عن الكتب قبل أن تخرج إلى السوق مثل كتاب
أمريكا سري للغاية للدكتور محمد خضر عريف. وكان يحصل على عدة نسخ من كل
كتاب فيبعث بها إلى مكتبة الكونجرس فيقومون بتقويم الكتاب ثم يطلبون نسخاً من بعض
الكتب وكان مما حاولوا أن يجدوا نسخاً من بعض كتبي فكلمني الأخ علي الغضبان فقلت
له سأزودك بالنسخ المطلوبة مقابل الحصول على الأعداد القديمة من عدد كبير من
الدوريات التي كانت تشترك فيها السفارة مثل مجلة شؤون خارجية ومجلة سياسة الشؤون
الخارجية ومجلة كومنتري (لم تكن متوفرة أو يمكن الاشتراك بها بمبلغ كبير لا يتوفر
في ميزانيات جامعاتنا) فوعدني بذلك ووفّى لي السنة الأولى ثم في السنة التالية
أهدوا البواقي لجامعة الملك عبد العزيز بجدة. وقد كوّنت مكتبة كبيرة استشراقية
أفدت منها كثيراً في بحوثي وفي مقالاتي الصحفية.
الزائر
الدولي
الرحلة الأولى
كما أن هذه الصلة كانت سببا في حصولي على
منحة الزائر الدولي مدة ثلاثة أسابيع لزيارة عدد من الجامعات ومراكز البحوث ومراكز
الفكر الأمريكية وزيارة العديد من المكتبات الجامعية والمكتبات التجارية حيث
استطعت الحصول على عدد كبير من الكتب الاستشراقية ولقاء عدد كبير من المستشرقين في
جامعات مثل نيويورك وجامعة كولمبيا وجامعة برنستون وجامعة فيلانوفا وجامعة إنديانا
وجامعة بيركلي وجامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس وجامعة جورج تاون وجامعة جون هوبكنج
ومركز الولايات المتحدة للسلام ومعهد الشرق الأوسط ومعهد بروكنجز ومكتبة الكونجرس.
وقد كتبت ست مقالات أو أكثر في زاويتي بصحيفة المدينة المنورة ثم ظهرت في كتابي رحلاتي
إلى أمريكا (طبعتان)
وكان من نشاطات السفارة استضافة مجموعة
من الشخصيات العامة الأمريكية من ولايات أمريكية متعددة باسم مجموعات فيلوني الذين
قدموا للتعرف على المملكة العربية السعودية فحرصت على الالتقاء بهذه المجموعات
لتقديم ما أستطيع من صورة إيجابية عن بلادنا.
وفي أثناء بحث الدكتوراه استطعت الحصول
على عدد من الصحف الأمريكية والإنجليزية (من الرجيع) فكانت ثروة فكرية علمية اطلعت
من خلالها على المجتمعات الإنجليزية والأمريكية وعلى ما يُكتب عن الإسلام
والمسلمين في كبريات صحف هذين البلدين، وكانت هي من مصادري الأساسية في إعداد
كتابي الغرب من الداخل: دراسة للظواهر الاجتماعية والذي كان في الأساس
محاضرة عامة في نادي أبها الأدبي بعنوان (المعرفة بالآخر دراسة للظواهر الاجتماعية
في الغرب. وقد طبع الكتاب مرتين.
الزائر الدولي الرحلة الثانية
ودعيت
ضمن مجموعة من أساتذة الجامعات من المملكة في برنامج الزائر الدولي وكان موضوع
الزيارة (التعليم الديني والتعليم العام في الولايات المتحدة الأمريكية) وقد حددت
وزارة الخارجية الأمريكية الأهداف الآتية للمشروع:
1- الاطلاع على نظام التعليم العالي في الولايات
المتحدة الأمريكية
2- استكشاف دور الدين والحرية الدينية في مجتمع
متعدد الثقافات.
3- الاطلاع
على نماذج من التعليم الديني في الجامعات الخاصة والدينية والعامة في الولايات
المتحدة الأمريكية.
ومن فقرات البرنامج ما يأتي
• نظام الحكومة الفيدرالي في الولايات المتحدة
الأمريكية
• العلاقات الثنائية الأمريكية السعودية
• نظرة عامة على نظام التعليم الأمريكي
• الحرية الدينية والتنوع في المجتمع
الأمريكي
• التعليم العالي للصم.
• الدعوة
إلى الإسلام في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتضمنت الزيارة لقاءات ومحاضرات في عدة
جامعات منها جامعة برجام ينق وجامعة يوتا وجامعة هارفارد وجامعة براندايس وزيارة
بعض المدارس الثانوية واللقاء في مؤسسة تقويم التعليم العالي والجامعات في
الولايات الشرقية (التي بدأ فيها تأسيس الاتحاد) ومن أهم فقرات البرنامج
• زيارة مركز التفاهم الإسلامي النصراني في
جامعة جورجتاون حيث يناقش دور المركز في تحسين العلاقات بين العالم الإسلامي
والغرب وزيادة الفهم للمسلمين.
• مكتب الوعظ بجامعة جورجتاون حيث يقدم
الإمام يحيى هندي الإمام المسلم فكرة عن دوره كإمام وواعظ ويقدم نظرة عامة للمتطلبات
الأكاديمية المتعلقة بدراسة الدين للكاثوليك ولغيرهم في هذه الجامعة اليسوعية.
• زيارة
منتدى بو PEW
حول الدين والحياة العامة لمناقشة أهمية الدين في صناعة القرار في الولايات
المتحدة الأمريكية وكيف يشكل الدين الأفكار والمؤسسات في المجتمع الأمريكي.
المؤتمرات
للمؤتمرات قصة طريفة تستحق أن تُروى فأول
مؤتمر حضرته كان ملتقى الفكر السابع عشر في قسنطينة بالجزائر وكنت في بداية إعداد
رسالة الماجستير حيث حضرت للتعرف إلى علماء الجزائر وجمع مادتي العلمية لبحثي حول جمعية
العلماء المسلمين الجزائريين وبعد أن حصلت على درجة الماجستير وفي عام 1409هـ
(1989) جاءني اتصال من الدكتور أبو القاسم سعد الله يخبرني عن مؤتمر يقيمه المجلس
الشعبي البلدي بقسنطينة حول ابن باديس رحمه الله والتنمية وشجعني على الاتصال بهم
واقتراح موضوع أقدمه في المؤتمر فاقترحت موضوعاً هو من آفاق التنمية عند ابن باديس
وكان فيه ردود على المستشرقين وتلاميذهم بأن الإسلام لا يهتم بالتنمية الاجتماعية
والاقتصادية وكيف أن ابن باديس والإسلام اهتما بهذه المسائل وقدمت الدليل على ذلك.
ومن خلال هذا المؤتمر تعرفت إلى أخ تونسي
دعاني لحضور مؤتمر سيعد له عن المنهجية الغربية في الدراسات الاجتماعية حول العالم
الإسلامي واقترحت موضوع منهج برنارد لويس في دراسة الفكر السياسي الإسلامي وكان
بعد سنة تقريباً من المؤتمر الأول وكان هناك بعض المستشرقين في هذا المؤتمر.
ومن أبرز المؤتمرات ما يأتي
المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام
والقرن الواحد والعشرين بجامعة ليدن بهولندا وكان برعاية الجامعة ووزارة الخارجية
الهولندية ووزارة الثقافة ووزارة الشؤون الدينية الإندونيسي وكان من محاور المؤتمر
التحديث (وهو من أهم ما يبحث فيه المستشرقون) ومن محاضرات هذه الفقرة ما يأتي:
الإسلام والتحديث: محاضرة قدمها نصر حامد
أبو زيد -أستاذ زائر بجامعة لايدن-تناول فيها تعريف التحديث، وتحدث عن التحديث
الذي جاء به الإسلام للمجتمع الجاهلي ثم تحدث عن حركات تحديث أخرى في التاريخ
الإسلامي مثل الخوارج والمعتزلة وغيرها. وتحدث بتوسع عن المجتمع الجاهلي وسيطرة
العصبية القبلية فيه وكيف جاء الإسلام بنظام عقدي وسياسي واقتصادي
وأتيحت لي الفرصة لمناقشته بأن الإسلام
لم يأت للعرب وحدهم فهو رسالة للعالم أجمع وفيه إصلاح لأوضاع العالم في القديم
والحديث فقد تناول القرآن بني إسرائيل وانحرافاتهم المختلفة في المجالات العقدية
والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما ذكر القرآن قوم شعيب وانحرافهم العقدي
والاقتصادي وذكر القرآن الكريم فرعون وانحرافه العقدي والسياسي.
-الباكستان: نقد مفهوم الحداثة: قدمها لوكاس فرث
Lukas
Werth الأستاذ بجامعة برلين الحرة -معهد الدراسات
الأنثروبولوجية. وذكر في محاضرته ما يعنيه مصطلح " التحديث" للغربيين
وأن هذه المعاني ليست مقبولة لدى الباكستانيين وبخاصة في البنجاب حيث ما يزال
المجتمع متمسكاً بالثوابت الإسلامية وبخاصة فيما يتعلق بالصلات الاجتماعية.
-دور
الإفتاء في السياسة الخارجية المصرية من عام 1977-1992: قدمها الأستاذ عبد العزيز
شادي المدرس المساعد بجامعة القاهرة، كلية العلوم السياسية، وطالب الدكتوراه
بجامعة لايدن.
تناول شادي رحمه الله في محاضرته بعض
التساؤلات حول دور الإفتاء وهل كان مؤيداً دائماً للسياسة الخارجية؟ وما الحالات
التي كان الإفتاء مؤيداً للسلطة؟ وما الحالات التي أعطى فيها الشرعية للسياسة
الخارجية أو نزع الشرعية عن تلك السياسات. وقد خلص الأستاذ شادي إلى أن تبعية دار
الإفتاء للحكومة المصرية يجعلها في كثير من الأحيان تابعة في فتاويها للسلطة
الحكومية.
- عبد الحميد بن باديس ونظرته إلى التنمية:
د. مازن صلاح مطبقاني، قسم الاستشراق كلية الدعوة بالمدينة المنورة، جامعة الإمام
محمد بن سعود الإسلامية.
تناولت المحاضرة في مقدمتها اتهام بعض
الغربيين الإسلام بأنه ضد التحديث، ويسوقون هذه الاتهـامات في معرض حديثهم عن
الحركات الإسلامية التي يطلقون عليها (الأصولية) أو (الإسلام السياسي). وقد حاول
الباحث أن يوضح أن الإسلام دين حضارة وعمران من خلال دراسة كتابات عبد الحميد بن
باديس العالم الجزائري الذي كان يقدم دروساً في تفسير القرآن الكريم، ومن الآيات
التي توقف عندها قول الله تعالى (أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون)
وتناول كلمة مصانع وأنها ليس كما فهمها المفسرون التقليديون بأنها مجاري المياه أو
القصور وإن كانت تدل على العمران، لكن ابن باديس يرى أنها تدل على المصانع
الضرورية للعمران والحضارة.
وأشرت في المحاضرة إلى أن المسلمين في
بداية عهدهم درسوا الحضارات الأخرى وأخذوا منها وأضافوا الكثير إلى ما أخذوا ولم
ينظرا باحتقار إلى أي حضارة أخرى، وقدموا نتاج حضارتهم إلى الأمم الأخرى وممن أخذ
عنها أوروبا
-وسائل التطور الإسلامي في ماليزيا: محمد
شكري صالح. جامعة سينز الماليزية، ماليزيا. تناولت الورقة الوسائل المختلفة لتحقيق
التنمية الإسلامية في ماليزيا. وقد قسم الباحث ورقته إلى قسمين الوسائل التي
اتخذتها الحكومة الماليزية والقسم الثاني الوسائل التي اتخذتها الجهات غير
الحكومية. واهتمت المحاضرة بالوسائل التي اتخذتها الحركة الإسلامية المحظورة (دار
الأرقم) والحركة الإسلامية المعارضة (الحزب الإسلامي الماليزي) كما تناولت اتجاه
الأسلمة الذي تسير فيه الحكومة الماليزية.
-صرخات الشعراء الماليزيين حول التطور
الاجتماعي الاقتصادي: عبد الوهاب علي. تناول البـاحث في محاضرته معاناة المسلمين
من النواحي الاجتماعية والاقتصادية، وكيف أن الأقليات من الأعراق الأخرى يتمتعون
بمزايا كثيرة، ولذلك توجه الشعراء إلى الدولة يستنهضونها لعمل شيء ما لتحسين أوضاع
المسلمين. وذكر أن بعض هؤلاء الشعراء أعطي مناصب مهمة في الدولة.
-الإسلام في أواسط آسيا وفي روسيا:
التثقيف مقابل التسييس: فيتالي نؤومكين المركز الروسي للبحوث الاستراتيجية
والدراسات الدولية.
تحدث المحاضر عن أوضاع الإسلام والمسلمين
في الاتحاد السوفياتي منذ حركة البروسترايكا وما حدث بعدها من انهيار الاتحاد
السوفياتي وتطور أوضاع المسلمين ودخولها في أوضاع عاصفة من النمو والتوسع والتمزق.
وأوضح أن أهم ملامح هذه الفترة السعي نحو التعليم الإسلامي حيث بدأت نشاطات واسعة
في هذا المجال وبمساعدات من الهيئات والمنظمات الإسلامية الدولية. ومع ذلك فقد حدث
شيء من الانقسام بين العلماء التقليديين والعلماء الجدد.
وأشار
المتحدث إلى بعض المحاولات لتحويل الإسلام إلى قوة سياسية في معظم الدول الإسلامية
التي استقلت حديثاً في أواسط آسيا. وقد ظهرت أحزاب إسلامية معارضة. ويتوقع المتحدث
أن لا يكون هناك رابح في المعركة بين الإسلام السياسي والإسلام التعليمي ولكن سوف
تظهر قوة تجمع بين الاثنين.
-فشل البديل الليبرالي: يوهانس يانسن Johannes
Jansen جامعة لايدن. تناول المحاضر موضوع البديل
الليبرالي للمشروع الإسلامي الذي تطرحه الحركات الإسلامية أو (الأصولية). ويقصد
بالبديل الليبرالي المشروع الذي تطرحه (النخبة) العلمانية لتحديث المجتمع المصري
وبخاصة في مواجهة المشروع (الأصولي) أو مشروع (الإسلام السياسي)، وذكر في محاضرته
جهود كل من مصطفى أمين ومحمد سعيد العشماوي، ونوال السعداوي وفؤاد زكريا وسعد
الدين إبراهيم. وأشار إلى أن كتابات هؤلاء تطبع المرة تلو المرة ولكنها مع ذلك
فشلت في تحريك الجماهير ليكون لهذا المشروع قوة تواجه قوة التوجه الديني. وأوضح أن
أسباب فشلهم قد تعود إلى أنهم لا يعيشون هموم المواطن العادي أو إنهم يعيشون في
بروج عاجية. ومشروعهم بلا شك هو المشـروع التغريبي. وتحدث عن كتاب فؤاد علاّم
(الإخوان وأنا: من المنشية إلى المنصة) وأشـار إلى أن فؤاد علاّم قدّم بعض
الروايات الغريبة للأحداث التي جرت في مصر منذ محاولة قتل عبد الناصر التي اتُهم
فيها الإخوان المسلمون إلى مقتل السادات. وأشار إلى أن بعض الروايات تخالف
الروايات المعروفة فربما كان علاّم بارعاً في الكذب.
وأتيحت لي الفرصة للتعقيب على المحاضرة
فأبديت له إعجابي بعنوان محاضرته وأضفت بأن العنوان يتضمن حُكْماً على هذا المشروع
وهو حكم صحيح وأنا أؤيده في هذا الحكم. وبحكم تخصصي في الاستشراق وفي التاريخ
الحديث فقد توقفت عند مصطلح النخبة الذي استخدمه الباحث فذكرت له إن الذين ذكرهم
(فؤاد زكريا، وسعد الدين إبراهيم وغيرهما) على أنهم النخبة إنما هم نخبة زائفة
لأنها مصنوعة في الخارج. وقد لاحظت أن مثل هذه المجموعة موجودة في معظم البلاد
العربية الإسلامية، وأضفت علينا أن نحدد معاني المصطلحات التي نختارها. وأجاب بأنه
لم يقصد ما فهمت من العنوان، وأما بالنسبة للنخبة فهو يرى أن هؤلاء هم النخبة
سواءً وافقت أم لم أوافق ثم أضاف: " مصطفى أمين من النخبة وإن لم يكن مصطفى
أمين نخبة فليس هناك نخبة
ولو كان في الوقت متسع لأوضحت له أننا
نطلق على النخبة في العالم الإسلامي على العلماء العاملين أو العلماء الربانيين
لأن هؤلاء هم الذين يعملون على إسعاد غيرهم ويعيشون هموم شعوبهم ولا ينعزلون في
بروجهم العاجية.
- النموذج الديموقراطي الغربي والإسلام
السياسي في الشرق الأوسط: الجزء الأول، هالة مصطـفى من مركز الأهرام للدراسات
السياسية والاستراتيجية. والجزء الثاني قدّمه نبيل عبد الفتاح قسم الدراسات
الدينية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية: يرى الباحثان أن الساحة
الدولية تشهد في الوقت الحاضر صوراً جديدة للصراع بين الدول تختلف عما كان الحال
عليه خلال الحرب الباردة. فالتنمية الفعلية سارت في مسار مختلف تماماً عن المسار
المتوقع من حيث إيجاد جو من السلام والأمن بنهاية الحرب الباردة. فقد ظهرت الحروب
القومية في أنحاء العالم ومن أخطرها تلك التي انفجرت بسبب التناقضات الثقافية
والعرقية والدينية.
ومما أضاف إلى التباين الواضح بين الدول
المتطورة والدول النامية في مجالات التقنية والقيم والثروة قد أضاف إلى شدة الصراع
بالإضافة إلى أشكال الصراع الجديدة التي ظهرت مؤخراً. ومما يزيد في حدة هذه
التناقضات الصراعات بين الثقافات والحضارات الذي ظهر مؤخراً في مجالات التاريخ
واللغة والثقافة والعادات والدين. ومما يزيد الوعي بهذه الصراعات الاحتكاك بين
الثقافات المختلفة
وأشار الباحثان إلى أن عملية التحديث أدت
إلى انفصال الشعوب المختلفة من هوياتها القديمة، وبالتالي فإن أزمة الهوية
وبالتالي يظهر الدين لملء الفراغ ليصبح مصدر الهوية وهذا ما تمثله الحركات
الأصولية الدينية.
والدور
المزدوج الذي يقوم به الغرب يؤدي إلى تصعيد هذه الأزمات بسبب اختلال التوازن بين
الغرب والدول غير الغربية في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة، ويزيد في إحساس
غير الغربيين بالهزيمة في مواجهة القوى الغربية العظمى. وبالتالي تدفع تلك الشعوب
للبحث عن جذورها الثقافية.
وأشار
الباحثان إلى الاختلاف بين القيم الغربية وقيم الثقافات الأخرى مثل: الليبرالية
والديموقراطية وحقوق الإنسان والعلمانية وهي التي تشكل الأسس للدولة القومية
الحديثة.
وفي
هذا السياق فإن تقديم نموذج النظام الغربي الديموقراطي في دول غير غربية مع الأخذ
في الاعتبار القيم التي ذكرت سالفاً يعد من أصعب المشكلات التي تشغل قطاعاً مهماً
من الصراع الفكري في العالم الإسلامي والشرق الأوسط. وإن ظهور الحركات الإسلامية
من خلال النظام الديموقراطي هو أهم تحد في هذا المجال.
وقدم
الباحثان بعد ذلك وجهة نظرهما تجاه الحركات الإسلامية ومدى إمكان اندماجها
وتأقلمها مع النظام الديموقراطي الغربي فأكدا على أنه من الصعب على هذه الحركات
القبول بالقيم الغربية في مجال التعددية الذي هو الأساس للنظام الديموقراطي وهذا
في نظر هالة مصطفى يناقض جوهر التعددية ويهدم مبادئ التنافس الحر بين القوى
المختلفة في المجتمع.
وعندما أتيحت لي الفرصة أن أعقب طلبت من
رئيس الجلسة أنني أريد أن أبعث رسالة إلى رئاسة المؤتمر بأن الحركات الإسلامية غير
ممثلة في هذا المؤتمر وأن ما نسمعه من تشويه لصورتها وطعـن في فكرها دون تفريق بين
الحركات الإسلامية المعتدلة وغيرها أمر يحتاج إلى رد وتوضيح، ولذلك فينبغي في
المستقبل أن يمثل الطرف الآخر حتى يكون ثمة توازن في عرض وجهات النظر. وحاول رئيس
الجلسة أن يقلل من خطورة الأمر بأن قال: إن الانتقاد الذي قدمته أو الرسالة التي
وجهتها لا تعني أن هذين البحثين ليسا موضوعيين أو علميين. ولم أرد أن أرد عليه فقد
أدركت أن رسالتي قد وصلت.
الرابطة الألمانية لدراسات الشرق الأوسط
للبحوث المعاصرة والتوثيق
المؤتمر السنوي الثاني عشر في الفترة من
27-29 أكتوبر 2005م (24-26رمضان 1426هـ في مدينة هامبورغ بألمانيا. تحت عنوان
(المؤتمر الدولي حول البحث المعاصر في مجال الشرق الأوسط)، وقد تكون المؤتمر من
عدة جلسات وحلقات منظمة ومعرض للكتاب وكانت بعض الجلسات باللغة الألمانية كما كان
بعضها باللغة الإنجليزية. وفيما يأتي موجز لأبرز أحداث هذا المؤتمر:
تناولت بحوث المؤتمر المقدمة باللغة
الإنجليزية الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ ففي الجانب السياسي تناول
الباحث شلومبرج Oliver Schulmberger من جامعة بون مسألة نشر الديموقراطية في العالم العربي وأنها
تواجه ثلاث مشكلات أهمها أن ذلك قد يُعدُّ تدخلاً في الشؤون الداخلية، وأن فرض
الديمقراطية من الخارج صعب والثالث كيف تقبل الشعوب الأوربية إنفاق أموال دافعي
الضرائب في أمر معقد لا تُعرف نتائجه. وأضاف إن الديمقراطية ليست الهدف الوحيد لدى
دافع الضرائب الأوروبي. ومن المعوقات أن مصالح الدول الأوربية مثل تدفق المواد
الخام والمصالح الاقتصادية الأخرى قد تحول دون الحماسة لنشر الديمقراطية التي قد
تعني زعزعة الاستقرار. وقدم الباحث تساؤلات مثل: هل يشهد العالم العربي عصراً
جديداً في مقاومة الحكم الشمولي والدعوة إلى الحرية والتحرر. وأشار إلى أن الأنظمة
الشمولية من الصعب عليها التنازل عن السلطة لأن ذلك من ضد طبيعة البشر ولذلك ففي
رأيه لا بد من التفاوض وسن النقاش. كما أشار إلى أن المساعدات العسكرية التي
تقدمها الدول الأوروبية. ولذلك فعلي الدول الأوروبية أن تسعى إلى تقوية مؤسسات
المجتمع المدني، وتقوية النظام القضائي وتسعى إلى تأكيد أهمية فصل السلطات. أما ما
تقوم به الدول الأوربية من اتخاذ الأنظمة الحالية شريكاً في الترويج للديموقراطية
فلم يثبت نجاحه.
وتناولت الباحثة كارولا ريشتر Carola
Richter دور
الإعلام في الترويج للديمقراطية متخذة من
إعلام المعارضة الإسلامية في مصر نموذجاً حيث أشارت في البداية إلى منهجها في
البحث القائم على أن تقويم عملية الدمقرطة في الأنظمة الشمولية يحتاج إلى استخدام
الطريقة العملية وذلك أنه نفهم أن الدمقرطة يجب فهمها على أنها عملية مد المشاركة
في المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي لممثلين كانوا مهمشين في الماضي، وفي
المرحة الثانية مرحلة الاندماج حيث المساحة المكتسبة للمشاركة بحيث يصبح التنافس
السياسي أمراً مؤسسياً، وفي هذه المرحلة يجب إثراء عملية الدمقرطة من خلال مزيد من
النقاش بين الشعب حول نوع الديمقراطية التي يرغبون فيها والمناسبة لقيمهم وتاريخهم
وثقافتهم، وأي الجوانب يجب إضافته والتي يجب إهمالها.
وترى الباحثة معظم الأنظمة الشمولية في
العالم العربي ما زالت رابضة في المرحلة الأولى، وأن أفضل طريقة لتحريك الدمقرطة
هو تمكين ممثلين قادرين على إطلاق عملية التحول بكسر احتكار السلطة من قبل النظام
الحاكم
تعليقات
إرسال تعليق