الافتتاحية
الاستشراق والاستغراب كانا موضوع حلقة حوار
في قناة الأخبار العربية في برنامج (قناديل في الظلام) الذي يقدمه الدكتور محيي
الدين اللاذقاني يوم الجمعة الموافق 28يوليو 2000م، وقد شارك فيها كل من ليزلي
مالكنوخلي الإنجليزي والأستاذ خالد البسام من البحرين وشارك من خارج الأستديو كل
من حسونة المصباحي الكاتب التونسي والسيد هاشم صالح والسيد ياسين الأيوبي.
وقد
تابع الجلسة الدكتور حميد لحمر أستاذ الشريعة بجامعة القرويين بمدينة فاس بالمغرب
وذكر في رسالة شخصية أن تلك الندوة كانت جلسة أكاديمية جيدة، وقد توقع منّي أن
أشارك في النقاش باتصال هاتفي.
فلماذا غبنا عن هذه الجلسة مع أن قسم
الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة هو القسم الأكاديمي الوحيد في العالم
الإسلامي؟ ويتساءل المرء هل هذا التجاهل مقصود أو إن ثمة أمور أخرى تحكم مثل هذه
البرامج؟ لقد حرصت منذ وقت مبكر أن أبعث تعريفاً بهذا الموقع للدكتور محيي الدين
اللاذقاني على عنوانه الإلكتروني الذي ينشره مع مقالاته في جريدة الشرق الأوسط
إذا كان هذا العنوان فعالاً في الاتصال بالكتاب.
لماذا نغيب نحن عن مثل هذه الحوارات؟ إنني
سأسعى للحصول على هذه الندوة والاطلاع على ما جرى فيها من نقاش. ولكن المهم أن
الاهتمام بالاستشراق والاستغراب يأخذ حيزاً مهماً في الندوات والمؤتمرات والبرامج
الإذاعية والتلفازية. فقبل أشهر عقد في الجزائر في مدينة وهران مؤتمر دولي حول هذا
الأمر وقبله بأسبوع عقد في عمّان مؤتمر آخر عن العلاقات العربية الأمريكية وكان
الاستشراق أحد أهم المحاور في المؤتمر وإن لم ينص عليه.
وقد استضافت قناة الشرق الأوسط الفضائية في
برنامجها المفتوح الدكتور كمال أبو ديب وقال كلاماً غير علمي عن الاستشراق حيث كال
له المديح والثناء وكيف لا والدكتور أبو ديب تستضيفه جامعة لندن للعمل فيها عدة
أعوام. وكتب إلى معدة البرنامج ومقدمته لأطلب أن أتحدث في البرنامج نفسه للرد على
أخطاء أبي ديب والحديث عن الاستشراق من واقع التخصص والمتابعة فلم أحض بأي رد.
إن الاهتمام بالاستشراق يجب أن يواكبه جهد
حقيقي في معرفة الذات وتمثيل أنفسنا أمام أنفسنا كما قال الدكتور أكرم ضياء العمري
في محاضرة له بالجامعة الإسلامية قبل عدة سنوات، وإلاّ فلماذا تهتم قناة الجزيرة
بباحث من السعودية يزعم أنه سيعيد كتابة التاريخ الإسلامي وقد وجد عشرات الأخطاء
في الطريقة التي كتب بها هذا التاريخ حتى إنه عثر –فيما يزعم – على هفوات وأخطاء
لأئمة أعلام كالإمام البخاري وغيره.
وقد ذكرت في مقالة لي أن لدينا قراءة
خاطئة لتاريخنا تضخم الأخطاء والسلبيات والصفحات السوداء التي لا يخلو منها تاريخ
أمة فنحن بشر من البشر، ولكن هذا التاريخ يحتوي من الصفحات المشرقة ما لا يوجد
مثله لدى أمة من الأمم. إن الكرامة التي حققها الإسلام للفرد المسلم حتى جعلت عمر
الخطاب رضي الله عنه يقول (متىّ تعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً ) وهو في
معرض الدفاع عن قبطي اشتكى ابن أمير الولاية المسلم حين ظلمه، وهي التي جعلت رسول الجيش الإسلامي يدخل على
قائد الفرس ويقول له ( كنّا نظنكم أولي أحلام تتساوون فيما بينكم فإذ بكم يستعبد
بعضكم بعضاً ، إن قوماً هذا حالهم فمصيرهم إلى زوال) وقلت معلقاً ذات مرة (من علّم
هذا البدوي القادم من الصحراء هذه الفلسفة العميقة في قيام الدول وانحطاطها) لله
دره كيف جعل غياب العدل والمساواة إيذاناً بانحدار الدول وسقوطها.)
إننا بحاجة إلى معرفة أنفسنا ومعرفة غيرنا
ذلك أننا أمة الشهادة (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا
شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا)
لا بد أن ندرس الاستشراق وأن ننتقل لندرس
الغرب ونعرفه كما يعرفنا وأفضل فهل من يستجيب؟ والله الموفق؟
تعليقات
إرسال تعليق