كيف تصبح كاتباً صحفياً

 

الـمقـدمــة

كثير من الشباب يبدأ ممارسة هواية الكتابة في المرحلة الإعدادية أو قبلها أو بعدها، يكتب الخواطر وربما القصص والمقالات، ويتجرأ البعض بإرسال ما يكتب إلى الصحف والمجلات. ولمّا كانت الصحف لديها صفحات كثيرة وفراغ كبير؛ فإنها تنشر بعض هذه الكتابات دون تدخل كبير، ودون تقديم النصح والمشورة للكاتب. ويظن الشاب أنه أصبح كاتباً بمجرد ظهور كتاباته في الصحف. ولكن الحقيقة غير ذلك، فليس هذا النشر دليلاً على ذلك مطلقاً. وتستمر المحاولات دون توجيه صحيح، حتى إننا نرى من أدمن الكتابة دون تقدم يذكر. بل إن البعض عندما يرى اسمه مطبوعاً تصيبه النشوة فيلجأ أحياناً إلى استعارة بعض كتابات غيره، وربما السرقة من كتاباتهم.

وقد عانيت من هذه القضية حيث استمرت تجربتي في الكتابة والنشر سنوات طويلة، وكانت كأنها خبرة سنة مكررة عشرات المرات. فقد نشرت أول مقالة لي في جريدة «المدينة المنورة» عام 1393هـ، ونشرت بعدها مقالات في مجلة المجتمع الكويتية عامي 1394
و1395هـ (1974و 1975م) ولم أصبح كاتباً محترفاً أو كاتباً يستحق هذا اللقب إلاّ بعد أكثر من عشرين سنة. وربما يرجع تأخري هذا لأنني لم أتحقق من أن الكتابة تستلزم التعلم والدراسة حتى شاء الله أن ألتحق بالمعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة (كلية الدعوة حاليّاً) فَطُلِب منّي أن ألتحق بدورة في اللغة العربية مدتها أربعة أشهر بمعدل ثلاث ساعات أسبوعيّاً. وهنا لازمت الدكتور أحمد الخراط أستشيره في معظم ما أكتب وقد أكرمني بمراجعة رسالتي للماجستير مراجعة دقيقة. وراجع حتى رسالة الدكتوراه في أسبوعين وكانت حوالي 600 صفحة قائلاً مازن أسلوبك شيق جعلني أقرأ الرسالة بسرعة. فجزاه الله خيراً   

وواصلت محاولاتي الكتابية حتى وجدت الفرصة في ملحق التراث بصحيفة «المدينة المنورة»، فكان الدكتور محمد يعقوب تركستاني المشرف على الملحق خير أستاذ ومعين في استمراري بالكتابة. ولكن الكتابة لملحق التراث لها طبيعتها الخاصة فلا هي بالتي تشبه الكتابة في صفحات الجريدة المختلفة، ولا هي بالكتابة الصحفية المهنية فهي بين الكتابة الأكاديمية والكتابة الصحفية.

وفي ذات يوم تلقيت دعوة من رئيس تحرير جريدة المدينة المنورة بالإنابة الأستاذ جمال خاشقجي للكتابة في صفحة الرأي، واشترط أن تكون الكتابة موجهة إلى عامة القراء، وأن تكون موضوعاتها منوعة. فدخلت التجربة والاختبار، وانطلقت للكتابة الأسبوعية لمدة ثماني سنوات متواصلة أصبحت في السنة الأخيرة منها كاتباً يوميّاً.

ولمّا وجدت أنني تأخرت كثيراً في أن أصبح كاتباً أدركت أن الشباب بحاجة إلى بعض القواعد العامة ليتعلموا الكتابة، وحتى لا يتأخروا كثيراً كما تأخرت في اكتشاف قدرتي على الكتابة. وهذا الذي جعلني أقترح على الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمدينة المنورة أن تعقد دورة في الكتابة الصحفية شارك فيها أساتذة من قسم الإعلام بكلية الدعوة بالمدينة المنورة بالإضافة إلى الدكتور أحمد الخراط أستاذ اللغة العربية. فأعددت هذه الورقات لتكون في أيدي المتدربين. وقسمتها قسمين أولهما تقنيات الكتابة وطرقها، والثاني إرشادات عامة ونصائح حول التعامل مع وسائل الإعلام. ثم أَتبعت ذلك بعدد من المقالات التي تناولت فيها بعض رسائل القراء حول قضية الكتابة.

وها أنا أقدمها اليوم في هذا الكتيب راجياً أن تكون مرشداً ومعيناً لشبابنا الذين يرون أنهم يملكون موهبة الكتابة أو أنهم يرغبون في أن يصبحوا كتّاباً. فأسأل الله - عز وجل - أن يجعل فيها الفائدة والمنفعة إنه ولي ذلك والقادر عليه.

 

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية