التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حرية التعبير

 

ملحوظة: كنت أبحث في ملفاتي عن قضية حرية التعبير فوجدت أنني كتبت هذه المقالة وفيها مراجع لطيفة وأفكار يمكن أن تصلح اليوم كما صلحت عام 1419هـ

      للدبلوماسيين تعبير طريف حين يودون التهرب من الإجابة عن بعض الأسئلة وهو (لا تعليق، أو بدون تعليق) وقد قرأت في الأشهر الماضية عدة مقالات حول موضوعات تبدو حساسة في ظاهرها، ولكنها نشرت في بعض الصحف العربية المحلية والدولية وقد وجدت أن هذه الموضوعات تستحق النقاش، ولكنني سأقوم بتلخيص ما قرأت وعلى طريقة الدبلوماسيين لا تعليق لي على هذه الموضوعات.

      أما الموضوع الأول فقد كتبته الدكتورة عزيزة المانع في جريدة عكاظ بتاريخ 24 ربيع الأول 1419 بعنوان "مقاومة الآراء" وفي هذه المقالة تتحدث عن موقف البعض حينما ينادي كاتب أو مؤلف برأي ما فيظهر أن هناك من لم يعجبهم الرأي فيعمدون إلى طريقة القمع والمصادرة ظناً منهم أن "طريقة المنع والمصادرة للآراء هي من أسهل الطرق في صد ما لا يعجب البعض وإبعاده عن طريقهم" وتضيف: "لكن هل هي أيضاً من أنجح الطرق في تحقيق الغاية التي استخدمت من أجلها؟ هل محاربة الآراء بالمصادرة والقمع مجد في الحد من انتشارها؟"

      وطالبت في ختام مقالتها بأن الرأي المخالف إذا كان رأياً ضالاً فالمطلوب الإصلاح ولا يتم الإصلاح إلاّ "بالتقويم بدعم الأخلاق والتفهيم ونشر الوعي دون حاجة إلى عقاب أو مصادرة."

      وكتب الدكتور عبد الملك مرتاض-أديب وناقد جزائري-في عكاظ أيضا بتاريخ 26 ذي الحجة 1418 بعنوان "مثقفون أم مليشيات؟ " تناول في بداية مقالته الجماعة الذين انحازوا إلى الفكر اليساري وكيف أصبحت لهم جماعة منظمة وصفهم بأنهم "يتكاتفون مع من يكون مثلهم في الشرق والغرب وفي الدنيا والآخرة… ولا يزالون كذلك حتى شكلوا كتلة تحتفي بنفسها وتتغطرس بأفكارها وتتنرجس بأيديولوجيتها المستمدة من الخواء…. ووصفهم أيضاً بأنهم يعادون لكم ما هو غير يساري في الفكر والسلوك. وظهر في العالم العربي من يزعمون أنهم ينتمون إلى اليمين المتطرف فكان هؤلاء لا يترددون في حمل السلاح لقتل المخالفين في الرأي والمناوئين للأيديولوجيا اليمينية. وختم مقاله بالقول: "إن مصيبة العالم العربي في الاتجاهين المتطرفين أو قل في الذين إذا آمنوا برأي دنيوي عدوه عقيدة فأمسوا يدافعون عنه بكل ما يملكون. وكثيراً ما تغيب الحقيقة وتنطمس المعرفة في مثل هذا السلوك الشاذ".

      وقدم الدكتور مرتاض نصيحته في ختام المقال: "إننا بحاجة إلى مثقفين مؤمنين ينشرون من حولهم النور ويبثون في مجالسهم وكتاباتهم المعرفة ويروجون للتسامح والمحبة والتفتح والرقي الفكري الذي يناقش قبل أن يرفض ويتأنى قبل أن يحكم لا إلى ميليشيات مسلحة ترهب أهل الفكر بمحاولة حملهم على ما لا يعتقدون وارغامهم على ما يودون."

      أما المقالة الثالثة فقد كتب بو علي ياسين في الشرق الأوسط في 14محرم 1419 بعنوان "مظاهر الإرهاب الفكري وعقلية الوصاية" كان للمقالة عنوان آخر هو "كيف نتعامل مع الخصم الثقافي؟" تحدث في بداية المقالة عن أحكام يصدرها البعض على كتابات أو تآليف بأنها ضحلة وسطحية ويطالب بمنعها، ثم يناقش ياسين مسألة الحكم والتقويم هذه هل يمكن الأخذ بها من أي أحد. ويقول بعد ذلك "يجب أن نكوّن على الدوام رأيا نقدياً تجاه ما نقرأه أو نسمعه أو نشاهده، نحن نتحدث عن الحكم الرقابي أي الحكم بالمنع أو المصادرة أو التكفير وكل أنواع الأحكام غير الثقافية.

      ومما قاله في مقالته: "إن المثقف الذي يستعدي السلطة على إنتاج غيره من المثقفين يعترف ضمنياً بعجزه عن مواجهة هذا الإنتاج وهؤلاء المثقفين بقوة زنده أي بأعماله ونقده وإلاّ فلماذا يستنجد بقوى خارجية؟"

     ومع أن المقالة عنوانها بدون تعليق وكنت أود أن أترك الأمر بلا تعليق، ولكن لا بد من القول إن لم تعرف أمة من الأمم بالتفتح وسعة الصدر كما عرفت الأمة الإسلامية ذلك أن كتابها الكريم علّمها أن تحاور المخالفين رائدها طلب الحق كما جاء في قوله تعالى موجهاً للرسول صلى الله عليه وسلم (وإنّا أو أيّاكُم لعلى هدى أو في ضلال مبين) (سبأ24) مع اليقين أنه على الهدى، ولكن لأجل أن يبدأ الحوار مع المخالفين. وليس المقصود بعدم المصادرة أو المنع أن يتجرأ من يتجرأ على مقدسات الأمة وثوابتها فذلك أمر لا نقاش فيه ولا جدال والله الموفق.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...