التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الاستشراق هل هو من المذاهب الفكرية الهدّامة؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

   

       صحيح أن الغرب ألغى مصطلح استشراق في المؤتمر الدولي للجمعية الدولية للمستشرقين (عـام 1973م) التي أصبحت تسمى " الجمعية للدراسات الإنسانية حول آسيا وأفريقيا"، ولكننا في العالم الإسلامي ما نزال نصر على هذا المصطلح. وقد يكون للغرب مبرره في رفض التسمية وللمسلمين مبرّراتهم في الاحتفاظ بهذا الاسم. ومهما يكن الأمر فإننا في العالم الإسـلامي نَعُدُّ الاستشراق (الدراسات العربية والإسلامية في الغرب) من المواد التي تدرس ضمن مقررات الدراسات الإسلامية بصفته أحد المذاهب الفكرية الهدّامة، ولذلك فإن العديد من الكتـب المتخصصة في الاتجاهات الفكرية أو المذاهب الفكرية المعاصرة تجعل الاستشراق أحد هـذه المذاهب أو الاتجاهات. وتتناول الاستشراق بصورة نمطية مكررة نشأة الاستشراق، دوافـع الاستشراق، وأهدافه، ومدارسه الجغرافية أو الفكرية.

      فهل الاستشراق حقاً أحد المذاهب الفكرية أو الاتجاهات الفكرية؟ وهل ينطبق على الاستشراق ما ينطبق على الوجودية، أو الماركسية أو العولمة أو الماسونية؟

      هل يمكن البحث في الاستشراق بعيداً عن مثل هذا التصنيف؟ وهل يمكن البحث فيه دون الأفكار المسبقة بأن الاستشراق شر كله؟

   ينوي الباحث في هذا البحث التوصل إلى أسباب تصنيف الاستشراق ضمن الأفكار الهدّامة ومحـاولة الوصول إلى جعل الاستشراق ضمن دراسة الغرب دراسة شاملة بحيث لا تأخذ دراستنا لهم في مجال الدراسات العربية الإسلامية أكثر مما يجب. ويمكن أن نتساءل هل يشغل الغرب نفسه بما نقوله عنه، وهل جعل لهذا الأمر أقساماً علمية؟

       وينبغي أن ندرك أنّ الدراسات العربية الإسلامية في الغرب تستمد قوتها وانتشارها من خلال الإمكانات الضخمة المتوفرة لها التي تكفل لها الانتشار في أنحاء العالم، فرابطة دراسات الشرق الأوسط الأمريكية تضم آلاف الباحثين من شتى أقطار الأرض، فهل نسعى نحن في العالم الإسلامي إلى دراسة أنفسنا وتكوين الرابطات المتخصصة في ذلك ويكون لنا يد في توجيهها الوجهة التي توضح الصورة الحقيقية للإسلام والمسلمين مع اعتبار أن دراسة الإسلام والمسلمين حق من حقوق أي شعب يريد أن يقوم بهذه الدراسة. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...