الحمد لله الذي
بنعمته تتم الصالحات والصلاة والسلام على أشرف رسله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين وبعد:
فليس غريباً أن تنطلق الدعوة من المدينة
المنورة من جديد تنادي بالاهتمام بالمغرب العربي دراسة وبحثاً، فمن هذه البقعة
انطلق نور الإسلام ليوحد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها تحت راية لا إله إلاّ
الله محمد رسول الله، وفي هذه البقعة الطاهرة ازدهرت العلوم الإسلامية علي أيدي
علماء من أنحاء البلاد الإسلامية كافة، وما عهد حلقات الحرم النبوي الشريف عنّا
ببعيد، بل إن الجامعة الإسلامية اليوم بكل كلياتها ومعاهدها في المدينة المنورة
تضم بين جنباتها من أبناء العالم الإسلامي من يمثل كل بقعة فيه.
أعلم أن هذه الدعوة محدودة بهذا الجهد
العلمي المتواضع، ولكن الأمل أن يستجيب لها من إخواني المسلمين في المشرق من نوّر
الله بصيرته، وَوَهَبَهُ الإدراك، وأبعد عنه ضيق الأفق ليخطو بالبحث العلمي تجاه
المغرب العربي ما هو متوقع من أبناء هذه الأرض الطيبة لتقوى أواصر المحبة بيننا
وبين إخواننا في المغرب العربي ونستجيب لنداء الرب جل وعلا (وأن هذه أمتكم أمة
واحدة وأنا ربكم فاعبدون)
هذه البحوث الثلاثة أعدت نتيجة القراءة
الأولية لتقديم خطة بحث للدكتوراه في الاستشراق الفرنسي ونشاطاته في المغرب العربي،
ولكن حالت ظروفي الدراسية (تعنّت الإدارة) دون إتمام الأمر فلله الأمر من قبل ومن
بعد.
ففي
البحث الأول حاولت تتبع خطوات النهضة الإسلامية في المغرب العربي منذ نهاية الحرب
العالمية الأولى حتى منتصف هذا القرن، ليس تأريخاً لها ولكنه بحث عن موقف الاستشراق
والاستعمار منها. فهذان العدوان وإن كانا خارجيين فقد استطاعا في غفلة من أبناء
المسلمين أن يستخلصوا مجموعة أطلقوا عليها اسم "النخبة" لتحارب الإسلام
من الداخل. فالحركة الإسلامية هي مجال دراسة المستشرقين ورصدهم لتكون نتائج
دراساتهم تخطيطاً مدروساً لوقف هذا التيار المبارك، ثم يأتي دور المستعمرين
فينفذون ما خطط له المستشرقون، ويتداخل الاستشراق والاستعمار أحياناً فيكون المخطط
هو المنفذ.
وتناول البحث الثاني صورة أخرى من كيد
الاستعمار والاستشراق في تعاونهما لتوجيه سلوك المسلم المغربي بصورة تجعل السيطرة
عليه أيسر، ولا شك أن هذا التعاون قد حقق بعض أهدافه فتبدلت أخلاقُ وعادات، بل إن
كثيراً من آثار الوجود الفرنسي ما زال قائماً حتى الآن.
أما البحث الثالث فإنه يختلف قليلاً عن سابقيه ذلك أننا لم إلى المستشرقين مباشرة ولكننا وجدنا من تلاميذهم الأوفياء لفكرهم الغربي يتعرضون إلى بعض الهيئات والمؤسسات الإسلامية في المغرب العربي بالهجوم والاتهام بشتى أنواع التقصير والجهل، ومثالنا ما تعرضت له جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الجزائر من اتهامها بأنها لم تقدم طروحات اجتماعية لتطوير المجتمع الجزائري أنها – في نظرهم- كانت أسيرة العقائد الكلاسيكية والسلفية، وجهل العلماء باللغات الأجنبية ، وقد تيسر لي من المراجع ما يرد على هذه الاتهامات ويشاء الله أن يكتب مستشرق كندي عن الشيخ عبد الحميد بن باديس فيفند هذه الاتهامات دون أن يقصد ذلك (هو أندريه ديرلك وقد قمت بترجمة رسالته للدكتوراه ونشرت في الجزائر)، فالحمد لله أولاً وأخيراً.
مرة أخرى آمل أن تجد هذه الدعوة للاهتمام
بالمغرب العربي دراسة وبحثاً من يستجيب لها، وأسأل الله أن يوفقني إلى الصواب فهو
حسبي ونعم الوكيل.
وكتبه
مازن بن صلاح المطبقاني
المدينة المنورة- حي المغاربة
في 1/6/1409هـ/18/1/1989م
تعليقات
إرسال تعليق