التخطي إلى المحتوى الرئيسي

موجز لبحوث كتاب (الاستشراق المعاصر في منظور الإسلام)

               بسم الله الرحمن الرحيم

1-الأدب العربي الحديث في الكتابات الاستشراقية المعاصرة:

    ينقسم البحث إلى خمسة محاور تسبقها مقدمة ويقفوها خاتمة أما المحاور الخمسة فهي:

1- حقيقة اهتمام الغربيين بالأدب العربي، 2- القيم والأخلاق التي يهتم بها الاستشراق في الأدب العربي الحديث.،3- اللغة العربية والشعر الحر، 4- صور من اهتمام الغربيين بنماذج من الأديبات والأدباء العرب. 5- محاولة لرصد بعض المؤتمرات والندوات حول الأدب العربي الحديث.

يبدأ البحث بمقدمة تناولت الاهتمام الغربي بالأدب العربي الحديـث وما يراه عدد من الباحثين أن الغرب لا يهتم حقيقة بالأدب العربي الحـديث، وأن معظم الاهتمام الاستشراقي هو بالأدب العربي القديم. وأشار البحث إلى رأي الدكتور عاصم حمدان في أن الاهتمام بالقديم إنما كان بسبب أن الأدب يمثل فكر الأمة وتطلعاتها وشـخصيتها وهويتها. وقد كان الأدب العربي ملهماً لكثير من الأدباء والشعراء الغربيين في كتاباتهم ومن هؤلاء تشوسر صاحب قصص الكانتربري ودانتي وجوته وغيرهم. أما عندما أصبحت كثير من الكتابات الأدبية العربية المعاصرة نسخة مشوهـة من الأدب الغربي أساليب ومناهج وقيماً وغير ذلك. وبخاصة في مجال النقد الأدبي الذي طغت عليه المدارس الأجنبية فقد قلّ الاهتمام أو لم يجد فيه الغرب الشخصية العربية الإسلامية المتميزة التي كانت تميز الأدب القديم.

    ولكن الباحث يرى أن الاهتمام بالأدب العربي الحديث ليس قليلاً أو محدوداً ولكن هذا الاهتمام اختياري وانتقائي ومتحيز لنماذج معينة من الأدب العربي. والدليل على ذلك أن جائزة نوبل ذهبت لنجيب محفوظ على روايته أولاد حارتنا ولموقفه من عملية السلام مع اليهود ولتأثره بالفكر الغربي وبخاصة بكل من ماركس وفرويد ودارون.  وأن من المرشحين الحاليين لهذه الجائرة في الدوائر الاستشراقية هو أدونيس وكذلك في الدوائر الحداثية. لا أدري من الذي أوحى للثاني بهذا الرأي؟

        وتركز الاهتمام الغربي على الأدب العربي الحديث الذي يحارب العقيدة الإسلامية ولا يقيم وزناً للقيم الإسلامية والثوابت والمسلمات. فروايات نجيب محفوظ ترفع من شأن الانحراف والمنحرفين والمومسات، وتدعو إلى اللهو والإباحية فالمومسات لهن شأن في روايات نجيب وكذلك المنحرفين وذلك في روايات مثل ثرثرة فوق النيل وهناك محاربة مسلمات الأمة ومقدساتها، والسخرية باستمرار من الدين والمتدينين.

    ومن نماذج الانحرافات الخلقية الاهتمام بكتابات محمد شكري حتى إن كتبه قد ترجمت إلى العديد من اللغات، وقام بعض طلاب الدراسات العليا بإعداد بحوث ودراسات حولها. ولم يكتب شكري ما يمكن أن يطلق عليه أدباً فهو صاحب فكر منحرف يريد أن يقلد الكاتب الأمريكي هنري ميللر، مع الاختلاف في أن ميللر كان صاحب ثقافة واسعة ولغة أدبية راقية، ولكنه يحرص على كتابة ما يسمي الأدب المكشوف.

   وقد أبدى الاستشراق المعاصر الاهتمام بلغة الأدب العرب المعاصر فكان مشجعاً للغة العامية ومحاربة الفصحى بحجة أن الفصحى لا تصلح لكتابة الحوار في الروايات أو في المسرحيات. كما اهتم الاستشراق بالشعر الحر أو المرسل أو ما يسمى "قصيدة النثر" وقد احتفـل كثيراً بهؤلاء. وقد انتقل هذا الاهتمام من الدوائر الاستشراقية إلى وسائل الإعلام العربية الإسلامية حيث فتحت لهم الأبواب وتوصل هؤلاء إلى السيطرة التامة على كثير من منـابر الرأي في العالم الإسلامي. ولا ينبغي أن نغفل أن للاستشراق دور في هذا مهما حاول هؤلاء أن يتنصلوا من وجود مثل هذه الصلات. وقد قدّم الدكتور أحمد سمايلوفيتش في بحثه المعنون فلسفة الاستشراق في دراسة الأدب العربي الحديث  هذا الموضوع بتوسع. وقد استمر الاهتمام بهذا الأمر بعد صدور كتاب سمايلوفيتش (1974) بل إن جامعة جورجتاون أعلنت منذ مدة قصيرة عن إصدار عدة قواميس إنجليزية عربية وعربية إنجليزية لكل من العامية العراقية والسورية والمغربية. كما أن معهد الخدمة الخارجية التابع لوزارة الخارجية الأمريكية يدرّس اللهجات المحلية وهناك من المستشرقين المعاصرين من يعرف اللهجات أو اللغات العامية ولا يعرف العربية الفصحى.

وتناول البحث في أحد محاوره اهتمام الغرب بالأدباء العرب المتغربين فيقدم لهم الفرص لحضور الندوات والمؤتمرات وإلقاء المحاضرات ويترجم إنتاجهم ويروج له. وقد بدأ البحث بالاهتمام بالأديبات العربيات المتغربات ومن هؤلاء ليلى العثمان وسعاد الصباح وحنـان الشيخ التي استضافتها رابطة دراسات النساء الشرق أوسطيات بالولايات المتحـدة الأمريكية في الاجتماع السنوي للرابطة كما قدمت قراءة لكتابها قصص حياتي التي تحدثت فيه عن تمردها على مجتمعها وعلى وطنها وعلى قيمها وتحدثت فيه عن الاغتراب وغير ذلك من الأمور التي توضح مدى الضياع الذي تعيشه.

         ومن صور الاهتمام بالكاتبات أن قامت فرقة مسرحية بريطانية بتمثيل مسرحية كتبتهـا حنان الشيخ ولا تختلف في قيمها وفكرها عن الكتابات الغربية. وقامت دور نشر بنشر بعض كتابات أهداف سويف القاصة المصرية. وتحرص وسائل الإذاعات الموجهة (وهو استشراق إعلامي) بتقديم عروض لكتابات هؤلاء الكتاب واستضافتهن للحديث في المناسبات المختلفة وبخاصة حول ما يسمى " تحرير المرأة"

        أما الاهتمام بالأدباء العرب الذين يتبنون الفكر الغربي فقد قدمت جامعة جورجتـاون وظيفة أستاذ زائر لحليم بركات كما استضافت جامعة لندن كمال أبو ديب واستضافت جامعة هارفارد حسين أحمد أمين، وترجمت كتابات أدونيس وعبد الوهاب البياتي وغيرهم. كما فتح معهد الفنون المعاصرة البريطاني الفرصة لعدد من الأدباء المتغربين فرصة اللقاء بالأدباء والتحدث من على منبره - مع أن المعهد يزعم بأنه يعطي الفرصـة للجميع - ولكن هذا الجميع إنما هم الذين يخرجون على قيم مجتمعاتهم الإسلامية وتمنع كتاباتهم في بلادهم حيث استضاف المعهد محمد شكري ونوال السعداوي وحنان الشيخ وعبد الرحمن المنيف وغيرهم.

     وتناول البحث في لمحور الأخير نماذج من الندوات التي اهتمت بالأدب العربي الحديث ومنها ندوة جامعة اكستر التي عقدت مرتين في ذكرى وفاة محمد عبد الحي شعبان مؤسس قسم الدراسات الإسلامية بالجامعة. بالإضافة إلى الحديث عن الأدب العربي في المؤتمـرات التي يعقدها اتحاد المستشرقين الأوروبيين كل عامين، وكذلك المؤتمر العالمي للدراسات الآسيوية والشمال الأفريقية.

     وبالإضافة إلى الندوات هناك الرسائل العلمية التي تهتم بالأدب العربي الحديث فهنـاك رسالة دكتوراه منذ أكثر من عشرين سنة قدمت في جامعة برنستون حول جرجي زيدان، بالإضافة إلى رسائل دكتوراه عن عبد الوهاب البياتي ومحمد شكري وأمثال هؤلاء. كما قدم الباحث بعض النماذج للمحاضرات والكتب التي ظهرت في الغرب حول الأدب العربي الحديث.

   ولا بد في نهاية هذا الملخص أن نؤكد أن الاستشراق لا يهتم بالأدب العربي الحديث الذي يعتز بالإسلام ويتمسك بالقيم والثوابت الإسلامية. لا يشك المحاضر أن الغرب يعرف هؤلاء معرفة جيدة لأنه عرف عنه اهتمامه بكل ما يصدر عن العالم الإسلامي حيث يحصلون على كل مطبوعة تصدر عندنا ويقرؤون كل ما نكتب ويترجمون بعضه لتحليله والتوصل إلى فكرنا تماماً لكنهم بعد ذلك يمارسون التعتيم على هذا الإنتاج ذلك أن الأدب من أبلغ الوسائل في الدعوة إلى الله وهم لا يريدون لمثل هذا الأدب أن ينتشر بين طلابهم وبين شعوبهم ولذلك فمسؤولية العالم العربي أن يحرص على نشر هذا الأدب الذي يمثل القيم الإسلامية والأخلاق الإسلامية ليكون وسيلة لدعوة الأمم الأخرى.

2-هل انتهى الاستشراق حقاً؟

يتكون البحث من ثلاثة محاور هي:

1-      نهاية الاستشراق كما يراها الغربيون

2-     نهاية الاستشراق كما يراها باحثون عرب ومسلمون

3-    استمرار الاستشراق من خلال رصد بعض نشاطاته.

وتناول البحث في المحور الأول ما كتبه عدد من الباحثين الغربيين (المستشرقين) عن نهاية الاستشراق أو استمراره ومبررات هذه النهاية ولماذا ظهرت فروع معرفية أخرى تهتم بشؤون العالم العربي الإسلامي. ومن الآراء التي ترى نهاية الاستشراق ما كتبه برنارد لويس مبيناً الأسباب التي حدت بالمستشرقين ترك هذا الاسم ومن ذلك أنهم رأوا أن هذا الاسم أصبح ملوثاً ولذلك لا بد من الاستغناء عنه. بينما رأى باحثون آخرون أنه لم يعد هناك استشراق بل أصبحت هناك دراسات حول الصين ودراسات حول اليابان ودراسات تتناول الشرق الأوسط، كما أن هناك علماء اجتماع وعلماء اقتصاد وعلماء سياسة مختصون بقضايا البلاد والشعوب المختلفة.

ورأى كلود كاهن أن للاستشراق فضل كبير على العالم الإسلامي حيث قدم للباحثين العرب المنهجية والتراكم المعرفي الذي انطلقوا منه للبحث في تاريخهم وحضارتهم وأنهم لم يكونوا ليقولوا نصف ما قالوه لولا كتابات المستشرقين. ومن الباحثين الغربيين من يرى أنه لا بد للباحثين المسلمين أن يتتلمذوا على المستشرقين الذين كانوا رواداً في البحث في شؤون العالم الإسلامي وأن بعض المسلمين وصولا إلى درجة من الذكاء والمنهجية العلمية من أمثال أنور عبد الملك وهشام جعيط وهشام شرابي وغيرهم.

وأكد تيرنر برايان وجوردن بروت أن الاستشراق مرّ بالفعل بأزمة ولكن المؤسسة الاستشراقية مؤسسة قوية وقادرة على الاستمرار ولذلك فإنهم استطاعوا مواصلة هذه الدراسات والبحوث في قضايا العالم العربي والإسلامي. ومن المستشرقين الآخرين الذين تناول البحث آراءهم فرانسيسكو غابرييلي ومكسيم رودنسون وألان روسيون وغيرهم.

وتناول الباحث في المحور الثاني ما كتبه بعض الباحثين العرب والمسلمين حول نهاية الاستشراق فأشار إلى محاضرة الدكتور أكرم ضياء العمري في الجامعة الإسلامية قبل أكثر من عشر سنوات بعنوان(الاستشراق هل استنفد أغراضه؟) والتي خلص منها إلى أن الاستشراق لم يستنفد هذه الأغراض وذلك لأنه مازال يصدر مئات الدوريات وآلاف الكتب سنوياً حول العالم الإسلامي، وإنما غير الاستشراق أساليبه ومناهجه لتواكب التطورات في البحث العلمي وفي التخصصات المختلفة التي أخذ المستشرقون يهتمون بها مثل علم الاجتماع وعلم النفس وعلم الاقتصاد وعلم السياسة وغير ذلك من العلوم. وطالب الدكتور العمري بأن يسعى المسلمون إلى تمثيل أنفسهم أمام أنفسهم أولاً ثم ينطلقون لتمثيل أنفسهم أمام العالم.

وكتب أركون أن الاستشراق لم يظهر إلا بسبب غياب الباحثين المسلمين عن الساحة الفكرية ومازال هذا الغيابفي نظره-قائماً فلا بد للاستشراق أن يستمر. بينما رأى علي حرب المتخصص في الفلسفة أن الاستشراق كان من أضعف فروع المعرفة في الغرب وهو آخذ في الانقراض كما جاء في مقالته في صحيفة عكاظ.

ويؤكد الموسوي أن موت الاستشراق لم يعن أبداً نهاية آراء المستشرقين ونتائج دراساتهم وأبحاثهم بل عادت هذه الآراء والأفكار للظهور في كتابة المختصين والمستشارين الغربيين وذكر من أمثال هؤلاء رفائيل باتاي في كتابه العقل العربي حيث يقول عنه:" وبتاي يمكن أن يكون نموذجاً للدارس ذي المهمة الاستشارية في تكوين السياسة إزاء المنطقة مثلاً ، فهو تتلمذ على أساتذة مستشرقين أمثال بروكلمان وشغف في بداية تكوينه بغولدزيهر ، وعاش في الأرض المحتلة" وذكر عن أنتوني ناتنج Anthony Nutting بأنه " عندما يتخلى عن التحليل أو السرد التاريخي يجد نفسه مستعيناً بثوابت السلف الاستشراقي العامة والخاصة."

وكتب عبد الأمير الأعسم أن نهاية الاستشراق إنما كانت بسبب تحول هذا الفرع المعرفي إلى خدمة السياسة والمخابرات وأن هناك ضعفاً في هذا المجال بسبب الصعوبات المالية التي يواجهها الاستشراق كما حدث في جامعة هارفارد على سبيل المثال. وقد رد المحاضر على هذا بأن اهتمام السياسة بالاستشراق لم تتوقف يوماً ما ولكن أمر الصعوبات المالية فهو غير حقيقي لذكاء وقدرة الباحثين الغربيين على جلب التمويل اللازم لمشروعاتهم العلمية وإن المطلع على النشاطات الاستشراقية يرى عدم صحة مسألة ضعف التمويل.

أما المحور الثالث فكان حول استمرار الاستشراق والتأكيد على هذا الأمر من خلال الرحلة العلمية والميدانية لمراكز الدراسات والمعاهد والأقسام العلمية في الجامعات الأوروبية والأمريكية. وقد أتيح للباحث أن يحضر بعض المؤتمرات العالمية التي تؤكد استمرار الاستشراق مهما تغير الاسم فإن الأصل باق. وقد افتخر الهولنديون في افتتاح المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن الواحد والعشرين بسنوك هورخرونيه. ولكن المسؤولين في المجر لم يذكروا جولدزيهر في افتتاح المؤتمر العالمي حول الدراسات الأسيوية والشمال أفريقية.

وفي هذا المحور تناول الباحث عدداً من الأقسام العلمية والمعاهد ومراكز البحوث ونشاطاتها في مجال الدراسات الاستشراقية. فقد استعرض التقرير السنوي لمعهد الشرق الأوسط بواشنطن العاصمة كما قدم نبذة عن هذا المعهد. وتناول النشاطات الاستشراقية في جامعة برنستون وفي معهد الولايات المتحدة للسلام ومعهد بروكنجز وفي مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة لندن وفي إكس إن بروفانس بفرنسا.

وجاء ختام البحث ملخصاً لما جاء في محاوره الثلاثة والدعوة إلى استمرار الاهتمام بالاستشراق ودعم قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة بالباحثين المتمكنين في العلوم الشرعية وفي اللغات الأوروبية المختلفة ودعمه في النواحي العلمية بالدوريات وتشجيع حضور الندوات والمؤتمرات التي تعقد في الغرب.

3- المرأة المسلمة في الكتابات الاستشراقية المعاصرة.

يعد موضوع المرأة من الموضوعات الحيوية في الدراسات الاستشراقية حيث صدرت المئات من الكتب في هذا المجال وهناك رصد ببيليوغرافي جيد لهذه الدراسات. وينقسم هذا البحث إلى عدة محاور هي :

1-      خَلْق المرأة ومكانتها بالنسبة للرجل من خلال: الزواج والطلاق والتعدد

2-     حقوق الملكية والعمل والزواج..

3-      تحرير المرأة: إسلاميا أم علمانياً

4-   النشاطات الاستشراقية في دراسة المرأة المسلمة.

تناول المحور الأول آراء بعض الكاتبات الغربية حول هذا المحور ومنهن مثلاً جوديث تكر التي ترى أن الوحي غامض في مسألة خلق المرأة والعلاقة بينها وبين الرجل. كما تناول هذا المحور أيضاً ما كتبته الباحثة باربرا ستوواسر (رئيسة مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورجتاون ). ومن الباحثات المسلمات المتأثرات بالفكر الغربي الباحثة رفعت حسن (الباكستانية الأصل) التي طعنت في حديث أن المرأة خلقت من ضلع أعوج وأنها لا ترى أن الحديث صحيح. وتناول هذا المحور ما كتبته فاطمة المرنيسي وتأتي أهمية ما تكتبه هذه الباحثة أنه مترجم إلى اللغة الإنجليزية ويدّرس في الجامعات الغربية كما يحتفى بالباحثة وإنتاجها هناك.

وتناول المحور الثاني ما كتبته كل ممن ستوواسر حول الزوج والطلاق والتعدد وما فيه من توجيه التهم إلى الإسلام في هذه القضايا والرد عليها. كما تناول هذا المحور مسألة الحجاب التي تعد الآن من القضايا الحساسة في بلاد الغرب وبخاصة فرنسا التي أظهرت عداوتها الحقيقية للإسلام في هذه المسألة. وقد حذت تركيا حذو فرنسا وإن كانت أشد تطرفاً في نزع الحجاب.

وتناول هذا المحور بعض ما جاء من آراء لكاتبات عربيات مسلمات قامت اليونسكو بنشر بحوثهن في كتاب وكنّ أكثر عداوة للإسلام وشريعته وموقفه من المرأة من كثير من المستشرقات والمستشرقين. حيث دعت هؤلاء الباحثات إلى السفور وإلى الاختلاط في التعليم وفي العمل وفي شتى مجالات الحياة.

أما المحور الثالث فتناول ما كتبته باربرا ستوواسر من تقسيم النظرة إلى المرأة في العالم الإسلامي بين النظرة المحافظة والنظرة الداعية إلى التجديد مع المحافظة على القيم الإسلامية كما تناول المحور دعاة التحديث الذين لا يستندون إلى الكتاب والسنّة أو التمسك بثوابت الأمة ومن هؤلاء محمد أحمد خلف الله وقاسم أمين وسعد الدين إبراهيم وغيرهم. وقد لاقى دعاة التحرير العلماني الاهتمام والحفاوة من منابر الرأي الغربية ومن الجامعات الأوروبية والأمريكية حتى يكادون أن يكونوا القاسم المشترك للندوات والمؤتمرات الغربية. وقد تأثرت القنوات الفضائية العربية بالغرب في الاهتمام بهؤلاء فليلى العثمان ونوال السعداوي وكوليت خوري هن ضيفات هذه القنوات وليس الداعيات المسلمات.

وتناول المحور الرابع النشاطات الاستشراقية والدراسات الميدانية وتمويل هذه الدراسات. بالإضافة إلى الاهتمام بالكتابات العربية الإسلامية التي تقلد الآراء الاستشراقية وتهتم بها المراكز الاستشراقية ومراكز البحوث والجامعات الغربية. وقد رصد الباحث عدداً من المؤتمرات والندوات والنشرات والنشاطات المختلفة وقدم رأيا في الاتجاهات العامة لهذه النشاطات. ولا شك أن الغربيين يبذلون كل تلك الجهود والأموال لدراسة المرأة المسلمة وفي أذهانهم مخططات معينة يسعون إلى تنفيذها.

 

 4- من قضايا الدراسات الإسلامية في الغرب

        يتكون البحث من ثلاثة محاور هي:

 1- المواد الدراسية التي يدرسها طلاب الدراسات الإسلام في أقسام دراسات الشرق الأوسط ومراكز الدراسات العربية والإسلام في الجامعات الأمريكية. بالإضافة إلى استعراض بعض النشاطات التي تعقدها بعض الجامعات الأمريكية ومركز دراسات الشرق الأدنى والأوسط بجامعة لندن.

2- تمويل الدراسات الإسلام في الغرب، وهذا المحور مهم جداً لأنه يقدم لنا صورة عن أهمية هذه الدراسات في الغرب.

3- نماذج من الأساتذة الذين يقومون بالتدريس في هذا المجال في الجامعات الغربية.

تناول المحور الأول المواد الدراسية التي تدرس في عدد من الجامعات الأمريكية وهذه الجامعات هي: جورجتاون بواشنطن، وجامعة انديانا في بلومنجتون وجامعة نيويورك في نيويورك ومعهد الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جون هوبكنز بواشنطن العاصمة. وكانت المواد التي تناولها البحث مادة تاريخ الشرق الأوسط، ومادة حول أوضاع المرأة في الشرق الأوسط المعاصر، ومادة حول الإصلاحات السياسية والاقتصادية في العالم العربي المعاصر، وكذلك مادة حول الأديان الثلاث اليهودية والنصرانية و الإسلام. وأضاف المحاضر إلى أن الأساتذة في الجامعات الغربية يقدمون للطلاب عدة ورقات تتضمن تفصيلاً للمقرر وأهداف المادة التي يدرسونها والتكاليف المطلوبة من الطلاب من قراءات مختلفة ومراجع وكل ما يتعلق بالمادة من اختبارات وبحوث وحضور وغياب وغير ذلك. وقد أشار البحث إلى أن أبرز الملاحظات حول تدريس هذه المواد الاعتماد على المراجع الأجنبية بصورة أساسية. أما المراجع العربية والإسلام فتنصب على كتابات بعض الكتّاب المتغربين الذين يتبنون وجهات النظر الغربية ومن هؤلاء فؤاد زكريا وسعد الدين إبراهيم ونوال السعداوي وفاطمة مرنيسي وغيرهم. أما الذين ذكرت أسماؤهم من الكتاب الإسلاميين فعددهم قليل ولا يكاد يذكر.

         وقدم البحث استعراضاً للنشاطات العلمية الأكاديمية في كل من جامعة هارفارد التي تصدر نشرة كل أسبوعين عن نشاطاتها، أما المصدر الثاني فهو نشرة تصدر عن مركز دراسات الشرق الأدنى والأوسط بمدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن . وتتضمن بعض النشاطات في المناطق القريبة من لندن.

      وبعد أن قدم الباحث بعض عناوين هذه المحاضرات والندوات خلص إلى أن الدراسات الإسلام مازالت تتميز بما يأتي: أ- استمرار الاهتمام بالحضارات التي سبقت بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم مثل المحاضرات عن الفراعنة والأشوريين والبابليين والتنقيبات الأثرية للأمم السابقة.

      ب- الاهتمام بالقضايا الحساسة بالنسبة للعالم العربي مثل قضية المياه وقضايا الديموقراطية والتغيرات الاجتماعية.

      جـ- متابعة أوضاع العالم العربي السياسية والاقتصادية والفكرية مثل الاهتمام بالانتخابات اللبنانية والاستفتاء على الدستور في المغرب.

          د- الاهتمام بالإنتاج الأدبي المحظور في العالم الإسلامي وتوفير الفرص للخارجين على القيم والثوابت والمسلمات الإسلام لعرض آرائهم في الغرب.

أما المحور الثاني فتناول فيه البحث تمويل الدراسات العربية والإسلام في الغرب فبدأ بالدراسات العربية في الجامعات البريطانية. وقد ركز البحث على الدراسات الإسلامية المعاصرة فذكر أن البرلمان البريطاني أقر مشروع إنشاء مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن لتكون أكبر مركز لدراسة الدول العربية والأفريقية ، ومنذ ذلك الحين والتعاون وثيق جداً بين الدراسات الإسلام والجامعات البريطانية .ففي أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية قام أساتذة هذه المدرسة وأقسام الدراسات الإسلام الأخرى بالمشاركة في المجهودات الحربية البريطانية من خلال تخصصاتهم ومن ذلك فتح الرسائل البريدية وترجمة محتوياتها، والحديث في الإذاعة البريطانية والكتابة لمجلة المستمع العربي، وغير ذلك من الأعمال التي تخرج عن مهمة الأستاذ الجامعي.

        وفي عام 1947 كوّنت الحكومة البريطانية لجنة برئاسة سكاربرو لدراسة أوضاع الدراسات الأوروبية الشرقية والسلافية والعربية والإسلام وأوصت هذه اللجنة بدعم هذه الدراسات مالياً وبشرياً. وفي عام 1961 كُوّنت لجنة أخرى برئاسة السير وليام هايتر لدراسة أوضاع هذه الدراسات وقامت اللجنة بتمويل من مؤسسة روكفللر بزيارة عدد من الجامعات الأمريكية والكندية للإفادة من التجربة الأمريكية والكندية في الدراسات الإقليمية. وأوصت هذه اللجنة بدورها بتمويل الدراسات العربية الإسلام وأصبحت الأموال التي خصصت بناء على توصيات اللجنة بأموال هايتر. ومن الأمثلة على تمويل الحكومة البريطانية أن المحاضر زار قسم الشرق الأوسط بوزارة الخارجية فعرف أن التعاون مازال قائماً بين أقسام دراسات الشرق الأوسط ووزارة الخارجية البريطانية. وفي عام 1953 انتدبت الخارجية البريطانية البرفسور برنارد لويس لزيارة أكثر من عشرين جامعة أمريكية وإجراء مقابلات تلفازية وصحافية وإذاعية للترويج لوجهة نظر الحكومة البريطانية في قضايا الشرق الأوسط.

         أما بالنسبة لأمريكا فإن خروج بريطانيا من دائرة النفوذ في منطقة الشرق الأوسط ودخول أمريكا إلى هذه المنطقة جعل أمريكا تبحث عن متخصصين في شؤون المنطقة فوجدت أن العدد قليل فأصدرت الحكومة الأمريكية مرسوماً حكومياً يقضي بدعم عدد من الجامعات لإنشاء مراكز دراسات للشرق الأوسط ودعم بعض المراكز الموجودة فعلاً. ومازال هذا الدعم موجوداً حتى اليوم. كما إن الحكومة الأمريكية تستعين كثيراً بأساتذة الجامعات المتخصصين في الدراسات العربية والإسلام لتقديم شهاداتهم أمام لجان الكونجرس المتخصصة كما فعلت عام 1985 وصدرت هذه الشهادات في كتاب بلغت صفحاته أكثر من أربعمائة صفحة. وكما تفعل وكالة الاستخبارات المركزية الآن في دراسة الظاهرة " الأصولية" في العالم الإسلامي.

        وهناك جانب آخر في تمويل هذه الدراسات يتركز في المؤسسات الخيرية (ظاهرها كذلك) وهي ترتبط بالحكومة الأمريكية لأنها تعفي هذه التبرعات من الضرائب. وقد قدمت هذه المؤسسات دعماً غير محدود لهذه الدراسات تمثل في بعض النماذج التي قدمها البحث من بعض الكتب والبحوث التي صدرت في الولايات المتحدة حول العالم الإسلامي.

         ولا بد من ذكر الدعم الذي قدمته البعثات العلمية من الطلاب العرب والمسلمين للدراسة في الجامعات الأمريكية وبخاصة في مجال الدراسات العليا حيث إن الطلاب يدفعون رسوماً للجامعات كما إن البحوث التي يقومون بها يفيد منها الأمريكيون في معرفة المنطقة.

        ومن أنواع الدعم المهمة ما قامت به حكومة خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله من دعم للمراكز الإسلام وللمعاهد ومن ذلك إنشاء كرسي الملك فهد للدراسات الإسلام بجامعة هارفارد وكرسي الملك فهد للدراسات الإسلام في جامعة لندن، وكرسي الأمير نايف للدراسات الإسلام بجامعة موسكو، وكرسي الملك فيصل في جامعة كاليفورنيا، وكذلك معهد العلوم الإسلام والعربية التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلام في واشنطن. والمعهد العالمي للفكر الإسلامي الذي بدأ برامجه الدراسية هذا العام. وهو دعم يستحق كل الإشادة الدعم والتأييد. ولا بد من متابعة دراسة نتائج هذه الجهود المباركة لتحقق الأهداف العظيمة التي وضعت من أجلها.

         أما المحور الأخير فهو تقديم نماذج من أساتذة الدراسات العربية والإسلام في الجامعات الغربية فإن الباحث قد أجرى عدداً من اللقاءات مع أساتذة في هذه الأقسام خلال أكثر من زيارة للجامعات الغربية كما إن متابعة النشاطات العلمية في الجامعات الغربية يعطي فكرة عن هؤلاء الأساتذة. وقد أشار الباحث إلى عمل الدكتور الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله الذي كان ريادياً بكل ما تعنيه الكلمة فقد زار عدداً من الجامعات الأوروبية والروسية عام 1956 والتقى بعدد كبير من المستشرقين. ولو أن الدكتور السباعي خرج برأي مفاده أن المستشرقين متعصبون وحاقدون، ولكن الباحث في زياراته إلى الغرب لا يستطيع أن يوافق كل الموافقة على استنتاج الدكتور السباعي فإن الأمور قد تغيرت نوعاً ما، فقد ظهر أساتذة تخلصوا كثيراً من رواسب الماضي واستطاعوا أن يتحرروا من الأحقاد الموروثة وإن كان بعضها مازال موجوداً.

     وقدم البحث نماذج من الأساتذة الذين يخدمون الثقافة الإسلام خدمة عظيمة وهم من الأمريكيين المسلمين ومن هؤلاء الدكتور خالد يحي بلانكنشب وهو أمريكي مسلم من أصل نرويجي ومتزوج بسيدة حجازية وله إسهامات رائعة فقد ترجم بعض مجلدات تاريخ الطبري كما له كتاب بعنوان (هشام بن عبد الملك ونهاية دولة الجهاد) وألقى بعض الدروس الحسنية. وقد عمل الدكتور خالد في جامعة أم القرى مدرساً للغة الإنجليزية ودرس على بعض مشايخ الحرم المكي الشريف. ومن هؤلاء عبد الحكيم جاكسون الذي يعد من أبرز المتخصصين في الفقه المالكي، ويدرس الآن في جامعة انديانا في قسم الأديان.

        ومن النماذج الإيجابية الدكتور إسماعيل راجي الفاروقي رحمه الله الذي كان له تأثير رائع على عدد من الطلاب الأمريكيين والعرب والمسلمين. وذكر البحث الدكتورة تمارا صن من جامعة جنوب فلوريدا وقد أشرفت على عدد من الطلاب المسلمين في الدراسات العليا ويشيدون بفهمها العميق للإسلام حتى إنه تم اختيارها لتكون من أعضاء هيئة تحرير المجلة العربية الأمريكية للعلوم الاجتماعية التي يشرف عليها المعهد العالمي للفكر الإسلامي. وقد شاركت تمارا في ندوة مع سارة روي وكينيث كراج وقد أجادت في الحديث عن الإسلام وموقفه في القضايا المعاصرة.

        ولكن هناك نماذج سيئة جداً تسيء إلى العرب والمسلمين ومن هؤلاء بعض الأساتذة ذوي الميول اليهودية الصهيونية والأساتذة ذوي الميول الصليبية الحاقدة أو من العرب والمسلمين الذين تنازلوا عن هويتهم العربة الإسلام وتبنى بعضهم العلمانية أو الماركسية والإلحاد ومن هؤلاء مثلاً صادق جلال العظم الذي درّس في جامعة برنستون مدة ثلاث سنين ، ومنهم عبد القادر الزغل، ومنهم أيضا ً فؤاد عجمي ، وعزيز العظمة وهشام شرابي وهشام جعيط  ونصر حامد أبو زيد في جامعة ليدن وغيرهم  ، ومن الأمريكيين برنارد لويس ومايكال كوك ابراهام يودوفيتش ، وغيرهم  

 

5- منهج المستشرق برنارد لويس في دراسة الفكر السياسي الإسلامي

         تضمن البحث تمهيداً تناول التعريف بالمستشرق البريطاني الأصل الأمريكي الجنسية برنارد لويس ثم قسم البحث إلى ثلاثة محاور هي: المرجعية في الفكر السياسي الإسلامي من خلال الحديث عن مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم وقيادته ثم الإمامة ومسؤولياتها وصلاحياتها. أما المحور الثاني فتناول العلاقة بين الفرد والدولة في الفكر السياسي الإسلامي الذي درسه لويس من وجهة نظر متحيزة لم تر فيه إلاّ أنه نظام يدعو إلى الإذعان والخضوع، وأنه ليس في الإسلام حقوق للمواطن وإنما عليه واجبات، كما لم يعرف المسلمون الحرية السياسية وحرية الرأي. وتناول المحور الثالث قضية الحركات الإسلامية المعاصرة التي يطلق عليها الغربيون ومنهم لويس (الأصولية) أو (الإسلام السياسي) أو المتطرف أو المتشدد وغير ذلك من الألقاب. كما تضمن هذا المحور نموذجاً من الحركات الإسلامية المعاصرة وهي الإخوان المسلمون وما كتبه لويس حولهم وما تضمن ذلك من أخطاء منهجية.

6      -مؤتمرات الغربيين حول الدراسات الإسلامية

    وقد كان هذا البحث يتكون من ثلاثة محاور: المحور الأول حول اهتمام المستشرقين بالمؤتمرات منذ المؤتمر الدولي لاتحاد المستشرقين الذي عقد في باريس عام 1873وتناول هذا المحور نوعية المشاركين في المؤتمرات وتمويلها. كما تناول أيضا المشاركة العربية الإسلامية في هذه المؤتمرات. وكان المحور الثاني حول المؤتمرات العامة ومنها مؤتمرات الاتحاد الدولي للمستشرقين الذي بدأ عام 1873 وعقد مؤتمره الخامس والثلاثين في بودابست بالمجر. ومن المؤتمرات العامة أيضاً مؤتمرات رابطة دراسات الشرق الأوسط الأمريكية وكذلك جمعية دراسات الشرق الأوسط البريطانية. ومنها أيضاً المؤتمر العالمي الأول حول الإسلام والقرن الواحد والعشرين الذي عقد في ليدن بهولندا.

وكان المحور الثالث حول المؤتمرات المتخصصة وقد قدم البحث نماذج من المؤتمرات حول اللغة العربية والأدب ومؤتمرات حول المرأة المسلمة ومؤتمرات حول القضايا السياسية، ومؤتمرات حول الإسلام والغرب وكذلك الإسلام والمسلمين في الغرب.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...