نشر
خبر صغير في مساحته كبير في حقيقته حول إنشاء مؤسسة لرعاية الموهوبين. وقد أشرت في
مقالتي حول ملف قطوف الصحفي أن هذا الخبر كان ينبغي أن يتناوله الكتاب والمفكرون
بالتعليق والإشادة.
ومضت
بضعة أشهر على نشر الخبر حتى أصبحت المؤسسة حقيقة واقعة وانبرت الأقلام تتناول هذا
الموضوع بما يستحقه من الاهتمام. وبدأ أثرياؤنا تقديم تبرعاتهم لهذه المؤسسة
الفتية.
إن
إنشاء مؤسسة لرعاية الموهوبين لعمل عظيم يدل على أن المسؤولين في هذه البلاد
يهتمون بما تتناوله الصحافة وبما يقدمه العلماء والمفكرون من أفكار فيدرسونها
ويقدمون لها الدعم المخلص الذي يجعلها وكأنها قامت منذ عشرات السنين. وقد أعجبني
الدكتور مازن بليلة في تعليقه على الموضوع بأن ذكر بعض الملاحظات التي أعتقد أنها
لن تغيب عن الهيئة التي اضطلعت بمجلس أمناء المؤسسة من أنه لا بد أن يكون لهذه المؤسسة
نظام أساسي مدروس وآليات للعمل دقيقة.
إنه
لمما يثلج الصدر أن نهتم بالموهوبين في مؤسسة لها هذا الدعم الكبير والحقيقة أن
الموهبة تجد من يرعاها في بلادنا والحمد لله منذ عشرات السنين وإن لم تنشأ مؤسسات
مخصصة لذلك فإن البعثات العلمية التي انطلقت منذ أكثر من أربعين سنة إنما كانت
تهتم بالموهوبين وكذلك تقديم وظائف المعيدين والبعثات لإتمام الدراسات العليا في
الخارج كانت تأكيداً على رعاية الموهوبين.
ولقد
لفت انتباهي في مجلة المجال التي كانت تصدرها وكالة إعلام الولايات المتحدة
المسابقات السنوية التي كانت تعقد على مستوى الولايات المتحدة حول اختراعات
الموهوبين وأن الشركات تتنافس في رعاية أصحاب المواهب وتقدم الجوائز من منح علمية
لأصحاب المواهب. وتقدم شركات صناعة السيارات جوائز للموهوبين والدعم المالي
ليقدموا بعض الأفكار الطريفة في صناعة السيارات وإن كان بعضها قد لا يكون عملياً
ولكنها تدل على موهبة حقيقية.
والموهوبون
ليسوا فقط أولئك الذين يصنعون المركبات والآلات والمعدات والاختراعات المادية فإن
المواهب تتعدد بتعدد مجالات المعرفة فهناك المواهب الأدبية والفكرية من كتابة
القصة والشعر والرواية والمقالة الأدبية والبحث العلمي في مجالات التاريخ
والجغرافيا وعلم النفس وعلم الإنسان وفي شتى مجالات المعرفة. وقد تعددت المسابقات
الأدبية في عدد من الأندية الأدبية أو فروع جمعية الثقافة والفنون.
وقد
كتب الأستاذ محمد صلاح الدين قبل مدة عن وجود المجلس الأعلى للآداب والفنون تابع
لوزارة المعارف ولكن هذا المجلس منذ تأسيسه لم يظهر له نشاطات في مجال تشجيع
الآداب والفنون ولعل الأمر عائد لقيام الرئاسة العامة لرعاية الشباب برئاسة سمو
الأمير فيصل بن فهد بمهمة رعاية الآداب والفنون فهل بالإمكان أن يكون لنا مسابقات
فكرية وثقافية على مستوى المملكة مع الإبقاء على الجوائز المحلية التي أخذ بعضها
طابعاً أكبر من مجرد جائزة محلية.
ومن
الأمور التي يمكن أن يشار إليها في الحديث عن المواهب أن الأمر لا يتعلق
بالموهوبين من الشباب والشابات في مقتبل العمر فإن المواهب لا حدود لها ويمكن أن
نرى أن تراث الأمة الإسلامية زاخر برعاية العلماء من جميع الأعمار فهؤلاء أولاد
عارف في المغرب استضافوا العلاّمة عبد الرحمن ابن خلدون ثلاث سنوات في قصورهم حتى
استطاع إنجاز كتابه العظيم (المقدمة) وذكر الجاحظ عن جوائز الخلفاء والملوك
للأدباء والمفكرين. وقد كتب الدكتور عبد الملك مرتاض في صحيفة الرياض مشيراً إلى
أن هذه الجوائز لو حولت إلى عملات عصرنا لكانت بمئات الألوف من العملات الصعبة.
إن
بلادنا والحمد لله زاخرة بالموهوبين في شتى المجالات العلمية والأدبية والثقافية
المختلفة وإن هذه خطوة عظيمة ينبغي أن تثمن وأن يقال لأصحاب الفكرة ألف شكر
تعليقات
إرسال تعليق