التخطي إلى المحتوى الرئيسي

صناعة المؤتمرات فن يجب أن نتعلمه ونتغلب على العقبات

 


 

مازن مطبقاني (2010-10-13) (20:33)

      نقل موقع أهل التفسير مقالاً للدكتور محمد ناصر الحقباني من جريدة الجزيرة حول هذا الموضوع وقمت بالتعليق عليه وأرجو أن يكون قراءة ممتعة ومفيدة وأن تشاركوا معي ومع الدكتور في التغلب على عقبات صناعة المؤتمرات وإليكموه:

    مقالة جميلة وفي وقتها كما يقولون، تناولت أموراً وسكتت عن أمور، وسأتحدث عن المسكوت عنه، ففي البداية ارتبطت الموافقة على المؤتمرات بالموافقة السامية، وهذا إجراء يستغرق زمناً طويلاً في الأحوال العادية. وقد رسخت هذه الثقافة لأن المؤتمرات كانت تعتبر منبراً لا يمكن السيطرة عليه، ولما جاء عصر الإنترنت والفضائيات أصبحت هذه القضية من الماضي لأن ما يقال ويكتب اليوم أكثر بكثير مما يمكن أن يقال ويكتب في المؤتمرات. فالخطوة الأولى أن تصبح المؤتمرات شأناً داخلياً داخل الجامعة ولا مانع أن تشعر الإدارات المختلفة بحصول المؤتمر إن أرادت أن تعرف ما يدور فيه. والأمر الثاني أن المؤتمرات يجب أن يكون فيها رسوم تسجيل (وليس الرسوم التي تكسر الظهر أو تكون استغلالية) وهذه الرسوم جعلت بعض الجامعات تجعل المؤتمرات فرصة لكسب المال غير الحلال. ولكن إن فرضنا الرسوم فعلينا أن نحرص على دعوة المتخصصين الذين يمكن أن يقدموا بحوثاً علمية رصينة، كما أنه ينبغي أن يكون لدينا آليات لنشر الأخبار عن المؤتمرات، فما زلنا في مؤتمراتنا العربية نعتمد على الأساليب القديمة من إرسال خطابات إلى السفارات فالوزارات فمدراء الجامعات وهذا يستغرق وقتاً طويلاً فخبر عن مؤتمر عام 2000 استغرق من وقت إرساله إلى وصوله إلى كلية الدعوة (فرع جامعة الإمام حينذاك) أربعة أشهر وقد وصل مكتب العميد بعد يوم من آخر موعد لتقديم المقترحات. (وعلى الهامش عرفت عن الخطاب ليس لأن العميد أطلعني عليه ولكن تفرسي بما على مكتب العميد من أوراق -استراق النظر الحلال- فقلت له أعطني نسخة من هذا الخطاب. وأرسلت إليهم بانه نظراً للبيروقراطية في جامعتي لم أعلم عن مؤتمركم إلاّ اليوم فهل يمكن أن أبعث مقترحاً، وكانت المراسلة بالبريد الإلكتروني في بداية دخوله المملكة، ووافقوا وقبلوا الموضوع ولكن العميد رأى أن العولمة لا علاقة لها بالاستشراق جهلاً منه)

      عندما تتحرر الموافقة على المؤتمرات من الحصول على إذن من خارج الجامعة فعندها يمكننا أن نتعلم صناعة المؤتمرات الحقيقية بأن لا يكون المؤتمر فرصة لكسب المال (وإن كان المال شيئا طيبا إن كان حلالاً) بل لا بد أن يكون عملاً يحبه من يقوم به، والتمويل أمر ضروري للمؤتمرات. فقد كنت أتحدث بالأمس أن شركة شل تمول دراسات اجتماعية في ألمانيا عن الشباب فماذا تمول شل ونحن نغير زيوتنا منها ولها نصيب في بترولنا، فلماذا تمول في ألمانيا ولا نعرف عن مشروعاتها هنا؟ فأين البنوك والمؤسسات المالية الكبرى التي لا تكاد تقدم شيئاً للمجتمع؟ فلا بد أن تكون بين الجامعة وبين أصحاب الأموال علاقة قوية يدعمون المشروعات العلمية، ذكر أستاذ درس في ألمانيا أن شركة فوكس واجن مولت عمل قاموس عربي ألماني وربما عربي عامي ألماني.

        بعد الانتهاء من قضية التصاريح والأذونات علينا أن نطور مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني إلى الأكاديمية السعودية للعلوم الاجتماعية وتكون هي الراعية والحاضنة للنشاطات الفكرية، فالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية كان مبناها عام 1947 لا يزيد على أربعة طوابق وفي عام 2000 صارت أكثر من عشرين طابقاً، وتكاد تبحث وتشجع كل أنواع البحوث. فلماذا يبقى المركز هو المكان الوحيد للحوار؟ يجب أن تشتعل البلاد حوارات ونقاشات في العلن. لقد عشت لأرى أقساماً علمية تمر عليها خمس وست وسبع سنوات لم تعقد ندوة واحدة ولا محاضرة ولا مؤتمراً بل بعض الرؤساء يعطلون ما كان موجوداً.

والمؤتمرات أنواع بعضها يتطلب الورقة كاملة (وهو أمر تصر عليه كل مؤتمراتنا في المملكة) بينما هناك مؤتمرات تكتفي بالملخص وللباحث أن يأتي ببحث كامل مكتوب أو يعد مسوّدة أولى لبحثه، وقد قدمت أربع أو خمس بحوث لم أكملها حتى اليوم وحين قدمت لم تختلف عن أي ورقة كانت مكتوبة بالكامل.

          ومن صناعة المؤتمرات أن تلغى مسألة الوجاهة وغيرها ففي مؤتمر متخصص دعي بعض كبار المسؤولين لإدارة جلسات علمية لعلماء أفاضل يملكون من العلم والمعرفة أضعاف من يديرون تلك الجلسات، فينبغي أن نخرج من هذه الأساليب. لمؤتمراتنا عيوب كثيرة يجب أن نتعلمها ويجب أن نبحث عن الخبراء في شأن المؤتمرات فنفيد منهم. وأذكر أنه عقد مؤتمر في جامعة سعودية وكان كارثة في تنظيمه والأشخاص الذين حضروه من الجانب السعودي فكتب أحدهم إلى مدير تلك الجامعة بأسلوب رقيق ينتقد تنظيم ذلك المؤتمر، ولم يتلق أي رد ولا حتى شكر على اهتمامه وكتابته. وهو ما يجعل ثمة فرق بين مسؤول عندنا لا يرد ومسؤول في جامعة أخرى كما قال الابن محمد حطحوط المبتعث إلى الولايات المتحدة أنك تضمن رد مدير الجامعة خلال ساعات وليس خلال سنوات أو لا يأتي الرد مطلقاً.

         المؤتمرات كما هي قضية اقتصادية كما أشار كاتب المقال (مؤتمر حضرته في إسبانيا حضره أكثر من ألفي شخص، احتلوا ألفي غرفة وأكلوا عدة آلاف من الوجبات واشتروا وغير ذلك) فهي قضية علمية حقة، حيث إن بعض المؤتمرات تقدم فيها بحوث رصينة تثري العلم والمعرفة كما تقيم بعض المؤتمرات معارض على الهامش وتقيم جوائز للكتاب. فأين نحن من كل هذا؟

        وأرجو أن تتاح لي الفرصة لكتابة أكثر توسعاً عن قضية المؤتمرات 

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...