التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ما زالوا يفخرون بالحروب الصليبية!!


([1])
هل إذا تحدثنا عن الحروب الصليبية نكون نتحدث في قضايا بالية؟ وهل حقّاً انتهت الحروب الصليبية؟ وأن العداء الغربي للإسلام والمسلمين لا ينطلق من أسباب دينية وإنما هي مصالح سياسية واقتصادية وإقليمية؟
لن أجيب بنعم أو لا، ولكني وجدت أن القوم لا يزالون يهتمون بالحروب الصليبية، وقد نشرت صحيفة الحياة اللندنية عرضاً لكتابين حديثي الصدور صدرا عن إدارة النشر بجامعة كمبريدج البريطانية بالإضافة إلى الأخبار عن فيلم جديد ستقوم هوليوود بتصويره قريباً من إنتاج المنتج اللبناني ماريو قصّار ويقوم بدور البطولة فيه الممثل المشهور أرنولد شوارزنيجر(الذي قام بدور البطولة في فيلم أكاذيب حقيقية) كما نشرت جريدة الحياة عرضاً لفيلم وكتاب بعنوان الصليبيون من تأليف ترى جونز وألان أريرا من إصدار هيئة الإذاعة البريطانية. أما الكتاب الأول فهو انتصار في الشرق- التاريخ العسكري للحملة الصليبية الأولى تأليف جون فرانس.
ويتناول الكتاب (الحياة عدد 11543 في 25 سبتمبر 1994م) الجانب العسكري من الحملة الأولى التي يرى المؤلف أنها "رسخت الوجود الفرنجي في قلب العالم الإسلامي، وساهمت في قيام ممالك صليبية عدة" وكانت هذه الحرب "صدمة قاتلة ليس فقط للعرب والمسلمين الذين كانوا الضحايا الأساسيين في الفظاعات التي أطلقها الصليبيون بل أيضاً بالنسبة إلى الصليبيين أنفسهم الذين ما كانوا يتوقعون مثل هذه للسرعة المذهلة في احتلال معظم المناطق القريبة من الهلال الخصيب" ويتناول الكتاب أيضاً الدوافع التي تسببت في الحروب الصليبية وكذلك تركيب المجتمع الأوروبي، أما الكتاب الثاني فهو القلاع الصليبية تأليف هيو كينيدي، ولئن كان الكتاب كما يشير عنوانه يتناول التاريخ العسكري للحروب الصليبية، لكنه يوضح مدى اهتمام الغرب بهذه الحروب، ويقول في ذلك سمير رزق الله الذي قدّم العرض"غير أننا بتنا نشهد في السنوات القليلة الماضية اهتماماً بالمواضيع التفصيلية الهادفة إلى تبيان جوانب غامضة من الوجود الصليبي في المنطقة خصوصا أن هذا الوجود استطاع ان يثبت أقدامه لأكثر من قرنين كاملين عمد خلالهما إلى إنشاء ممالك وإمارات إفرنجية لعبت دوراً مهماً في التطورات الاجتماعية والاقتصادية خلال القرون الوسطى في أوروبا أو في الشرق العربي الإسلامي" (الحياة 11601 في 22/11/1994م). وفي مجال السينما نشرت جريدة الحياة (11406 في 10/5/1994م) خبراً عن عزم المنتج اللبناني ماريو قصار إنتاج فيلم بينما فشل المخرج المعروف مصطفى العقاد في الحصول على التمويل اللازم لفيلم بعنوان (صلاح الدين) ومن العجيب أن تخوف بعض العرب والمسلمين من تمويل فيلم (صلاح الدين)كان لأسباب تافهة ومن ذلك أن صلاح الدين لم يكن عربياً أو ربما كان شيعياً وكان أتفه من ذلك المحرر الذي أورد الخبر حيث لم يكلف نفسه الرد على هذه التفاهات إما جهلاً بالحقائق أو تعمداً لإبقاء القارئ جاهلاً بالحقيقة.           وهكذا يهتم الغرب بالحروب الصليبية وتمارسها بعض حكوماته ووسائل إعلامه ومن ذلك القسم العربي بهيئة الإذاعة البريطانية الذي يطلق على المجاهدين الشيشان (المتمردين) وفي برنامج الإذاعة نفسه باللغة الإنجليزية عن العنف في العالم ركّز البرنامج على الضحايا اليهود وأهمل الضحايا المسلمين. وقد خصص جزءاً كبيراً من وقت البرنامج للحديث عن الجندي اليهودي الذي اختطفه بعض الفلسطينيين فاستضافت الإذاعة أمه وأباه واستدرت عطف الجماهير المسكينة على هذه الضحية بينما لم ينل الضحايا الفلسطينيون عشر معشار ما نال اليهود من الاهتمام، كما أهمل البرنامج الضحايا المسلمين في كشمير وفي الفلبين وفي البوسنة والهرسك وفي الشيشان وفي غيرها، ولعل من أحدث ملامح الصليبية المعاصرة أن صندوق النقد الدولي سيقدم عدة آلاف من ملايين الدولارات لروسيا تعويضا لها عما خسرته في حربها للشيشان، أليس هذا من شر البلية (إذاعة لندن 17/8/1415هـ)
ماذا لو اهتم المسلمون بالكتابة عن الحروب الصليبية (قديماً وحديثاً) لقيل أنتم تهتمون بالماضي وتثيرون العداء ضدكم، وكأنّ الغرب أو بعض دوله في حاجة لمن يثير عداءها؟ّ





[1] - المدينة المنورة العدد (11669) في 17 شوال 1415هـ (18 مارس 1995م)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...