التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المعتدلون في الغرب وموقفنا منهم



أولت مجلة المجتمع الكويتية منذ أكثر من سنتين اهتماماً خاصاً بكتابات بعض الباحثين الغربيين حول قضايا العالم الإسلامي وبخاصة مسألة "الصحوة الإسلامية "وكان من ذلك ترجمة أحد فصول كتاب الباحث الأمريكي جون إسبوزيتو التهديد الإسلامي: حقيقة أم وهم؟، وكذلك إجراء اللقاءات مع بعض هؤلاء أو استكتابهم.
        واستمرت مجلة المجتمع وغيرها من الصحف والمجلات العربية الاهتمام بهذه الكتابات؛ ومن الأمثلة على ذلك أن صحيفة المدينة المنورة تنشر مقالة أسبوعية للكاتب الأمريكي (السيناتور السابق) بول فندلي. كما إنها تهتم بما يكتب عن الإسلام في الغرب في صفحة نفحات إسلامية، أو ملحقها الإسلامي الأسبوعي. وكذلك فإن جريدة الحياة تنشر مقالات جورج ماقفرن، وتنشر الشرق الأوسط لعدد من الكتاب الغربيين.
        لا شك أن الصحافة العربية قد وجدت شيئاً من الموضوعية في كتابات هؤلاء أو إن كتاباتهم تتفق وخط سير تلك الصحيفة. ولكننا ينبغي أن نؤسس هذا المسلك على أصول وقواعد شرعية، ولذلك فقد رجعت إلى بعض الآيات التي تذكر أهل الكتاب وموقفهم من الإسلام والمسلمين أو التي تناولت شيئا من سلوكهم ووجدت ما يأتي:لتَجِدَنَّ أشَدَّ الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا، ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنّا نصارى ،ذلك بأنَّ منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون)، وقد امتدح القرآن الكريم أمانة بعض أهل الكتاب في قوله تعـالى (ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلاّ ما دمت عليه قائماً ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين سبيل، ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون)،وقد ذكر القرطبي أنه ليس في الآية تعديل لأهل الكتاب ولا لبعضهم خلافاً لمن ذهب إلى هذا الرأي ذلك لأن فساق المسلمين يوجد فيهم من يؤدي الأمانة، ويؤمن على المال الكثير ولا يكونون بذلك عدولاً، فطريق العدالة والشهادة لا يجزي فيه أداء الأمــــانة في المال من جهة المعاملة والوديعة.” ومما جاء في موقف أهل الكتاب من المسلمين قول الله تعالى: {هَا أنتم أُولاءِ تُحِبُّونهم ولا يحبُّوكم وتؤمنون بالكتاب كله، وإذا لقوكم قالوا آمنّا وإذا خلوا عضّوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور}
        ومما ينبغي الالتفات إليه أن الغربيين يختلفون فيما بينهم في المصالح والمشارب والمذاهب، ومع ذلك فإنهم قد يتفقون في مواجهة الإسلام، فيتبادلون الأدوار؛ فإن امتدح أحدهم الإسلام في شيء تجد عشرات غيره يقولون عكس ذلك تماماً، لذلك فلا بد من الحذر الشديد والنظر في كتاباتهم بدقة وعناية.
        ومع ذلك فإننا يجب أن ننظر في المواقف التي نراها إيجابية من الإسلام والمسلمين فنشجع أصحابها ونساعدهم في نشر هذه الأفكار ومن ذلك الحوار الذي أجراه الأستاذ عبد الله الغانمي مع الشيخ عبد الرحمن العمودي رئيس المجلس الإسلامي الأمريكي وأوضح فيه بعض مواقف السياسيين الأمريكيين التي يمكن عدها مواقف إيجابية.
        كما نستطيع أن نفيد من هذه المواقف فضح الصهيونية ومن ذلك ما كتبه جون اسبوزيتو حول الجهات التي تقوم بتشويه صورة لإسلام والمسلمين في الإعلام الأمريكي وأنها تصور الإسلام بأنه ضد الغرب وبأنه في صراع مع التقدم أو تصور موقف الحركات الإسلامية بأنه "الغضبة الإسلامية والتطرف والتشدد.”(المجتمع 1034-26 رجب 1413هـ) ومن ذلك ما ختمت به إيفون حداد لقاءها مع مجلة المجتمع موضحة سبب دفاعها عن الإسلام:"إني أدافع عن الإسلام من منطلق أني أعرف أنه دين الحق، والدفاع عن الحق واجب من عرف أنه حق، ولهذا فإني أدافع عن الحق." ع 1076 في 10/6/1414هـ.
        ومع هذا الاهتمام بهذه البوادر الإيجابية فمتى تفسح وسائل الإعلام الغربية لمثل هذه الأصوات أو أن تسمح للمسلمين أن يعبروا عن وجهة نظرهم في القضايا التي تهمهم، أمّا المبالغة في الاهتمام بهؤلاء في صحافتنا فماذا يفيدنا حقيقة؟

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...