التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الكارهون للحق وحرية الرأي



يظهر بين الحين والآخر كتاب ليس لهم رصيد من الموهبة والعلم، أو لديهم الموهبة ولكنهم أصحاب تصورات منحرفة فيبحثون عن الشهرة من أقصر طريق، ومن هؤلاء (علاء حامد) صاحب رواية مسافة في عقل رجل. وكانت هذه الرواية غاية في الإسفاف والدناءة بتهجمها على عقيدة الأمة الإسلامية وقيمها كما أشار إلى ذلك أساتذة افاضل من مثل الدكتور مصطفى عبد الواحد والدكتور عاصم حمدان وغيرهما.
ان علاء حامد وأشباهه حين يطعنون في سير الأنبياء الكرام صلوات الله وسلامه عليهم، هل يفعلون ذلك عن جهل بهؤلاء الأنبياء؟ أم أنهم قرأوا سيرهم في الكتب المحرفة: التوراة والانجيل؟
لقد رجعت إلى آيات القرآن الكريم التي تتحدث عن بعض الانبياء وما دعوا أقوامهم إليه لعلي أكتشف مرض هذه النفوس التي كرهت الحق والصدق والصلاح والخير. وكأن هؤلاء الكتاب ظنوا انه ليس هناك من يدافع عن هؤلاء الأنبياء. بل وجدوا من يساعدهم على نشر عفنهم الفكري بدعوى حرية الرأي. أو كما قيل (من أمن العقوبة استسهل الذنب)
لقد دعا أبو الأنبياء ابراهيم عليه السلام قومه إلى ترك عبادة الأصنام فليس أكثر استخفافا بعقل الإنسان من أن يعبد أصناما لا تنفع ولا تضر، أصناما صنعها بيديه، فخاطب إبراهيم عليه السلام قومه موجها الحديث إلى أبيه برقة لا يعرفها الكافرون(يا أبت لم تعبد مالا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا) ومع الدعاء بالأسلوب الرقيق واجه كفرهم وعنادهم بالعقل (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه أن آتاه الله الملك إذ قال إبراهيم ربي الذي يحيي ويميت. قال أنا أحيي وأميت، قال إبراهيم فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب، فبهت الذي كفر والله لا يهدي القوم الظالمين) .
وجاء شعيب عليه السلام يدعو قومه إلى التوحيد وإلى شرع الله عز وجل الذي يحرم التطفيف في المكيال والميزان، ويحرم بخس الناس أشياءهم، ويحرم الإفساد في الأرض كما جاء في قوله تعالى (أوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)
ألم تكن أمام علاء حامد وأشباهه هذه المفاسد في مجتمعاتنا المعاصرة فينبروا لمحاربتها، أم هم راضون تماما عن واقعهم فلم يجدوا قضية يكتبون عنها سوى الاستهزاء بالأنبياء وشرائعهم؟
أما هود عليه السلام فقد وجد قومه غارقين في حياتهم المادية، اهتموا ببناء القصور والمصانع ومظاهر الترف. والترف يقود إلى الظلم فكانوا ذوي بطش حتى قال الله فيهم (وإذا بطشتم بطشتم جبارين) غاية في القسوة والوحشية. أليس في المجتمعات المعاصرة من هذه المظاهر ما يستحق الكتابة عنه؟ وحشية إسرائيل في قمع الانتفاضة، وحشية بعض الأنظمة في التعامل مع فئات من مواطنيها كل ذنبهم أنهم يدعون إلى الله.
وكان قوم صالح عليه السلام على شاكلة عاد قوم هود فقد ورثوا حضارتهم وترفهم، وكان من مظاهر ترفهم بناء القصور الشاهقة الباذخة في السهول وبناء البيوت في الجبال مما تعجز الآلات الحديثة عن القيام به. ولكنهم كانوا قوما مجرمين بل ان الجريمة اتخذت عندهم شكل العصابات المنظمة (وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون) وهل خلت الارض يا علاء وأشباهه من مئة رهط او أكثر يفسدون ولا يصلحون.. مخدرات..اغتصاب أموال..استبداد..طغيان..جندوا أقلامكم ايها الكتاب لمحاربة الرذيلة فلا خير في قلم لا يدعو إلى الحق أو يحارب الباطل.
ومن أنبياء الله عز وجل داود عليه السلام فقد كان نبيا ملكا، وقد امره الله أن يحكم بين الناس بالحق (يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله، إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) وهل سيحكم داود عليه السلام إلا بالحق! ولكن انظر إلى الوعيد الشديد لمن يضله الهوى عن سبيل الله. فهل انتشر العدل وانتفى الظلم من الأرض فلم يجد علاء ما يكتب عنه؟
وهذا النبي الكريم كان صاحب صنعة، ألانَ الله له الحديد فكان يصنع الدروع فهل بالإمكان أن يوجه مثل هذا الكاتب طاقته وموهبته لدعوة أمته إلى أن تصبح قوية.
وان داود عليه السلام كان نبيا زاهدا شاكرا لأنعم الله عز وجل كان يصوم يوما ويفطر يوما، فهل من دعوة إلى المتخمين في الأرض أن يقللوا من الشهوات.
لا شك أن الدروس والعبر التي يمكن أن نجنيها من حياة الأنبياء والمرسلين كثيرة جدا، ولا يمكن اجمالها في مقالة واحدة ولكنها دعوة إلى هذا الكاتب وأمثاله ممن لا يعرف العقيدة الإسلامية أن يدرس القرآن الكريم دراسة علم ووعي وفهم، وليعلم أن الأنبياء الكرام عليهم السلام لا يضيرهم أن يكتب هو وأشباههم مهما كتبوا، وليسكت الذين زعموا أنهم يدافعون عن حرية الرأي فليس من حرية الرأي الاستهزاء بمن دعا إلى الحق والهداية والنور.
وقفة:
مقالات الأستاذ الصحافي الكبير محمد صلاح الدين (رحمه الله) (الفلك يدور) و(رؤية معاصرة) وغيرها، يكاد كل مقال منها يكون ملخصا لبحث أكاديمي رائع فهل يقوم أحد أبناء الأستاذ الفاضل بجمعها في أكثر من كتاب. وحبذا لو تفضلوا بالتبرع ببعض مصادر معلوماته إلى أحد مراكز البحوث لتتسع دائرة الافادة منها ولتكون مرجعا للباحثين والدارسين.
     


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...