بل نهاية الرأسمالية قريبة


 نشرت هذه المقالة في صحيفة المدينة المنورة في العدد (14047) بتاريخ 21 رمضان 1419هـ الموافق 8 يناير 1999م، أرجو أن تجدوا فيه الفائدة والمتعة والطرافة…

تابعت قراءة كتابات الدكتور عبد الواحد الحميد في عكاظ ثم أصبح كاتباً رياضيا (نسبة إلى صحيفة الرياض) تابعت كتاباته لما فيه من فكر مستنير حقاً، وتناول عميق وإخلاص لرسالة القلم وحب لبلاده وحب لأمته يسبق ذلك كله. وليس ذلك فحسب بل حرصت على التعرف عليه شخصياً حتى لقيته في الظهران فأفدت منه كما هو الحال في صحبة الأماجد.
ولكني في هذه المقالة أود أن أتناول مقالة له كتبها بعنوان "ليست نهاية الرأسمالية" (الرياض 13 رجب 1419هـ تناول فيها الهزات الاقتصادية التي تتعرض لها مختلف دول العالم الرأسمالي (وهل ثمة عالم آخر اليوم؟) وأن هذه الهزات ليست كما أشارت بعض المجلات الأمريكية إنذاراً بنهاية النظام الرأسمالي أو الرأسمالية. وأنقل هذه العبارة التي أوجز فيها نظرته: "لقد حدث ما هو أسوأ من الأزمة الاقتصادية الحالية ولم يقتلع الرأسمالية أو النظام الاقتصادي الحر… فقد استفاد النظام من التجربة وتعلم منها الكثير من الدروس فأصبح أقوى من ذي قبل."
والدكتور عبد الواحد الحميد متخصص في الاقتصاد ومن حقه أن يقتنع بأن ما يحدث "ليس نهاية الرأسمالية" ولكن حتى الرأسمالية سوف تنتهي ولكن متى؟ هذا ما لا يمكن التكهن بوقته، ولكننا نقول إن العالم الإسلامي متى ما استيقظ وقويت شوكته حقاً عقدياً أولاً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً وعليماً –فإنه البديل الحقيقي للرأسمالية-وإن كانت الجوانب الأخرى ما هي إلاّ ثمرات لقوة العقيدة الحقيقية لأن كل جوانب الحياة في الإسلام ذات ارتباط وثيق بالعقيدة. فإننا حينها سنقدم للبشرية جمعاء نظاماً اقتصادياً إسلاميا يتفوق على النظام الرأسمالي الذي يفخرون به ويودون أن يسود العالم كله. بل له السيادة في الوقت الحاضر.
    أما سبب قناعتنا بأن هذا النظام سوف ينتهي بإذن الله فما أشرنا إليه في مقالة سابقة مما كتبه الأستاذ خالد القشطيني عن الأزمة الأخلاقية للنظام الرأسمالي (الشرق الأوسط 7 ربيع الأول 1419هـ)، وقد قدّمت مجلة نيوزويك قبل سنتين تقريباً ملفاً بعنوان (المليونيرية القتلة) وتناولت فيه بعض الشركات الكبرى الأمريكية والأوروبية التي قامت بتسريح عشرات الألوف من الموظفين بينما ينعم الرؤساء وأعضاء مجالس الإدارات بالثروات الضخمة التي ساهم في تكوينها هؤلاء المسرحون. وقد علّق الدكتور سالم سحاب في هذه الصحيفة في حينه بالمقارنة بين الثري المسلم الفاضل أو النظام الإسلامي الذي لا يمكن أن يفعل مثل هذا لأن التسريح من العمل يعد قتلاً لكثير من الناس الذي اعتادوا العمل والإنتاج ولا يقبل بالبطالة إلاّ من كانت همته قد ماتت.
ولا بد أن الدكتور الحميد قد اطلع على ما كتبه المفكر الأمريكي ريتشارد سينيت بعنوان (تآكل الشخصية: العواقب الشخصية للعمل في الرأسمالية الجديدة) وفيه ينتقد الأوضاع الاجتماعية في الغرب التي تأثرت بالممارسات الرأـسمالية (سالم سحاب، المدينة المنورة 13 شعبان 1419هـ) وللفيلسوف وعالم الاجتماع الأمريكي إريك فروم Erich Fromm عدة كتب حول عيوب النظام الرأسمالي حتى إنه يعتقد أن المجتمعات الغربية لا تعيش في حالة عقلانية، وقد انتقد المستشرق البريطاني المشهور مونتجمري وات النزعة الاستهلاكية الطاغية في واحد من أحدث كتبه وهو حقيقة الدين في عصرنا وأكد أن العالم قد أصبح خاضعاً لسيطرة الشركات الكبرى التي لا يهمها إلاّ إشعال النزعة الاستهلاكية في العالم.
       وفي مجال مصائب الرأسمالية ما كتبه الأستاذ فاروق لقمان (الاقتصادية 9 رجب 1419هـ) عن رشاوي العقود الغربية. فهل العالم مسرح (وهو كذلك الآن) للغرب يلعب فيه كيف يشاء ولا يمكن لغيرهم أن يظهر؟ وقد أعجبني تحقيق طويل نشرته مجلة (الاقتصادية) البريطانية The Economist تناولت فيه كثيرا ًمن مزايا النظام الاقتصادي الإسلامي من تحقيق العدالة الحقيقية والبعد عن الجشع والطمع والفساد الذي يميز النظام الرأسمالي الحالي. ولا بد من التأكيد على أن النظام الرأسمالي قائم على الربا ومبدأ الفائدة وفي هذا ما فيه من محاربة لله ورسوله حتى إن الإمام مالك عندما سئل عن أعظم ذنب في القرآن فقال لم أجد أعظم من الربا الذي تأذن الله عز وجل بمحاربة أهله. ألا يكفي هذا إنذاراً بنهاية الرأسمالية؟


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية