موقف الأوروبيين النصارى من قضايا المسلمين



        كنت أكتب مقالة أسبوعية لصحيفة المدينة المنورة في الفترة من عام 1412هـ حتى عام 1420 هـ تقريباً، وفي هذه الأثناء أعددت هذه المقالة حول بعض مواقف الأوروبيين من المسلمين وفيما يأتي هذه المواقف.

موقف الأوروبيين المسيحيين:

        كنت أبحث عن أبيات الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة رضي الله عنه التي قالها في غزوة مؤتة يتعجب من تردده فرجعت إلى كتاب الإسلام دين ودولة ونظام تأليف عبد الحي القمراني، فوجدته ينقل نصا من كتاب أحمد أمين يوم الإسلام ص:120 وفيه يقول أحمد أمين:
     "الحق أن موقف الأوروبيين المسيحيين عجيب، فهم إذا علموا أن شعبا نصرانيا عُذّب أو أهين ثارت ثورتهم، أما إذا علموا أن المسلمين عُذّبوا وأهينوا لم تتحرك شعرة فيهم، خذ مثلا هذا الذي كان بين الأرمن والمسلمين فقد تعدى الأرمن على المسلمين وعذبوهم وقتلوهم فلم يتحرك الأوربيون لنصرتهم، تعدى المسلمون على الأرمن وعذبوهم وقتلوهم فثارت ثورة الأوربيين"اهـ
        أليس هذا ما يحدث اليوم من الصرب المسيحيين؟ ألم تزل أوروبا تقف متفرجة على القصف بالمدفعية ينال المسلمين منذ أكثر من شهرين ولا نسمع إلا كلاما عن المقاطعة والاقتصادية والمقاطعة الرياضية، أما أن يكون عملا جاداً فلم يقرر الأوروبيين بعد عمل شيء، أين الرحمة والإنسانية والعدالة والإخاء الإنساني؟ هل هذا كله كلام في كلام؟

نائب أمريكي يتحدث عن جرائم الصرب:

        أدرت مفتاح المذياع قبل أيام وكان الوقت بعد منتصف الليل (25/12/1412هـ) فإذا بمذيع الإذاعة البريطانية يتحدث إلى نائب جمهوري أمريكي ويسأله عن البوسنة الهرسك فسمعت عجبا. كان النائب يتحدث بحماسة عن غضب الشعب الأمريكي من أعمال الصرب الإجرامية، ويقول إن ما يفعله الصرب لا يعد حربا مشروعة، بل إنها جريمة كبرى تهدف إلى إبادة أقلية دينية. وأضاف بأن الشعب الأمريكي يطالب حكومته أن تسرع إلى التدخل العسكري لإيقاف جرائم الصرب، فليس من الإنسانية أن نقف مكتوفي الأيدي أمام هذه الأعمال الوحشية.
        كدت أعتقد أن هذا النائب مسلم أخذته الغيرة على أبناء دينه ولكن تذكرت مجلس النواب الأمريكي ليس فيه مسلمون بعد (وأرجو أن يصبح لهم وجود قريبا)، والإذاعة البريطانية حريصة -كما يزعمون- على تقديم وجهة النظر الأخرى، أسرعت فاستضافت نائبا آخر وسألته: هل هذا النائب يتحدث باسمه شخصيا أو باسم أغلبية الجمهوريين في مجلس النواب أو باسم الحكومة؟ فرد النائب الثاني بأنه يتحدث باسمه شخصيا، وأضاف بأنه الحكومة الأمريكية لا تنوي التدخل العسكري، وقضية مسلمي البوسنة والهرس ليست من أولويات الرئيس بوش فهو مشغول بالحملة الانتخابية.
        لقد شعرت بأن النائب الثاني قد نجح في إزالة كل أثر طيب قد تركه النائب الأول. هذا أسلوب فيه ذكاء حيث لا يمكن أو يوجه اللوم للإذاعة البريطانية بالتحيز، لكن ما فعلته هو التحيز بعينه حيث كان بالإمكان أن يكون النائب الثاني ممن يؤيد ما قاله النائب الأول فيقوى الأثر لدى المستمع. المهم أين الذين يدرسون الإعلام الغربي وما يفعله بقضايا المسلمين؟ وقد أخبرني الأخ الزميل إسماعيل النزاري أن موقف الذي تبناه وسيلة الإعلام هو آخر ما يلقي على المستمع أو المشاهد فهل هذا كذلك يا إذاعة لندن؟

جائزة فرنسية للوقاحة:

        طلعت علينا جريدة الصباحية (صدرت في أثناء حرب الخليج الثانية التي احتل فيها العراق الكويت) بعنوان كبير (مانشت عريض)"الأدب المغربي يفوز بجائزة الوقاحة: أكاديمية فرنسية تكرم أديبين عن أعمالهما الخارجة" في 21/6/1412هـ.
      قرأت الخبر وعجبت كم ظُلِمَ الأدبُ المغربي بمثل هذا الكلام، وانتظرت أياما لعلي أجد من الأدباء المغاربة من يرد على الصحيفة على هذا الاتهام الباطل، بل كانت الجريدة تستحق أن يرفع ضدها شكوى، فالأدب المغربي أدب إسلامي ينطلق من عقيدة الإسلام ومبادئه، يدعو إلى العفة والطهر والقيم الرفيعة أما هذان (الأديبان!!) فخارجان عن الأدب؛ لأنهما يدعوان إلى الرذيلة والزنا والفجور. وإذا كانا كتبا كلاماً سيئا وقحا فلماذا التكريم؟ إنهما يستحقان العقوبة، ولكن إمعانا من الفرنسيين في تشجيع هذا (الأدب!!) الهابط أقام القنصل الفرنسي في الرباط حفلا لتكريمهما، وطالب أحد الأديبين أن تقوم بلادهما بتكريمهما.
        وتساءلت أين تعلم هذان (الأديبان!!) هذه الوقاحة؟ أليس من البلاد التي انتشر فيها السفاح والزنا والفجور، بلاد الاغتصاب والزنا.... والبلاد التي ظهر فيها الهربز والإيدز و(الإفرنجي) (السفلس)، البلاد التي يغنّى فيها مغن مشهور على لسان شاب بأنه كلما جاء يخطب فتاة يقول له أبوه إنها أخته ولكن أمه لا تدري، فيضيق ذرعاً أنه لا يجد الفتاة المناسبة، فيذهب إلى أمه ليشكو لها فتقول له لا يهمك ما يقول أبوك فحتى أبوك ربما لم يكن أباك، والبلاد التي تؤمن بالسيطرة على ثروات الشعوب وتسعى إلى طمس الثقافات الأخرى وتنشر ثقافتها بالقوة والهيمنة، إن الوقاحة في الحقيقة (وقاحات) وهذه واحدة منها وقديما قيل (في الحديث) (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية