فيا فوز المستغفرين وليس الشاذيّن



       عبارات طالما طرقت مسمعي في خطب الجمعة ينهي بها الخطيب الخطبة الأولى "فيا فوز المستغفرين استغفروا الله" فالعبارة فيها إخبار وطلب، إخبار على أن المستغفرين هم الفائزون. يفوزون بماذا (ورضوان من الله أكبر) ليست المادة هي مقياس الفوز وليست الدنيا ونعيمها ومناصبها بل رضوان الله سبحانه وتعالى. وفي العبارة طلب وحث على الاستغفار، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر الله ويتوب إليه في اليوم مائة مرة. نعم هذا هو الفوز والفلاح.
        أمّا لماذا تذكرت هذه العبارة فهو الملف الذي أعدته مجلة" الإصلاح" بعنوان "الغرب بين الانهيار والانبهار" في عددها رقم 262 الصادر في 27/5/1414هـ حيث خصصت جزءاً منه للشاذين جنسياً وعنونت ذلك " يوم يصبح المنكر معروفاً" فقد فاز الشاذون هناك. نعم فاز الشاذون فوزاً ساحقاً. فمنذ آلاف السنين والبشرية تنظر إلى الشذوذ الجنسي (اللواط والسحاق) على أنه مخالفة للفطرة وتنكب عن طريق الحق وفحش ودناءة فما هذا الفوز الذي حققه الشاذون؟
         هل نبدأ بقمة فوزهم أو أقله شأنا؟ إن الأمم تجعل أعيادها القومية للاحتفاء بإنجاز ذي قيمة اجتماعية أو دينية أو سياسية أو اقتصادية، ولكن كيف يكون الشذوذ إنجازاً من أي نوع؟ نعم أصبح للشاذين عيداً قومياً أُطلق عليه "عيد الخروج" أي الخروج إلى العلن، فإن ما يفعله الشاذون إنما هو سلوك شريف وطبيعي "وليس فيه ما يعيب وليس ثمة ضير أو خوف من إبرازه علناً على الملأ، ولا حتى على أفراد الأسرة الصغيرة وخصوصاً الوالدين"
        و "فاز" الشاذون حينما اشتركوا في الانتخابات الرئاسية ووقفوا خلف الرئيس الحالي (السابق كلينتون) فأوصلوه إلى سدة الحكم مما جعلهم يطالبون بدخول الجيش ومطالبة الجيش بمعاملة "المتزوجين" منهم معاملة "المتزوجين العاديين" بعدم التفريق بينهم. وقد قدمت بعض الإدارات معاملة خاصة لهم، وربما تمييزهم على الناس العاديين نظراً لما كان للشاذين من دور في إنجاح حملة الرئيس.
      و "فاز" الشاذون في الحصول على مساحة واسعة من وسائل الإعلام لعرض قضيتهم وأنهم أصحاب حق وينبغي عدم التمييز ضدهم حتى غنهم استطاعوا أن يؤثروا في بعض السياسيين المشهورين الذين طالما وقفوا ضد الشاذين ومن هؤلاء السناتور جولد واتر الذي رشّح نفسه عدة مرات لمنصب الرئيس؟
      كما "فاز" الشاذون في مجال الكنائس والحصول على تأييد بعض رجال الدين النصارى. وقد ذكرت "الإصلاح" أن من بين هؤلاء القس الشهير سنت فردناند  Ferdinand Saint من لوس أنجلوس الذي تحدث إلى طائفة منهم فقال لهم: "إنهم من وجهة نظره المستندة إلى الإيمان المسيحي لم يرتكبوا إثما، وحض رجال سلك الكهنوت إلى إعادة النظر في آرائهم السلبية تجاه هذه النوع من السلوك"
    و"فاز" الشاذون في التلاعب بالبحوث العلمية ونتائجها حيث قدموا بحوثاً تبرر شذوذهم بأنه نتيجة لعوامل الوراثة، مما يجعل سلوكهم أمراً لا دخل لهم فيه، فلماذا معاداتهم لأمر خارج عن إرادتهم. وهنا ينبغي أن نتوقف قليلاً عند هذه المزاعم فالبحوث العلمية الرصينة تقول "بأن الشذوذ الجنسي ليس صفة وراثية طبيعية، وإنما عرض طارئ لون مستبد من ألوان المرض العقلي، وأن أصحابه فاسقون وأنهم خطر على الناشئة" ثم إذا لم يكن هذا السلوك خاطئاً واختيارياً فما كان القرآن ليذمه ويحذّر منه ويوضح ذلك العقوبة الشديدة التي نزلت بقوم لوط عليه السلام (فلّما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجّيل منضود) (هود 82)
     وهكذا جعلت حضارة الغرب المنكر معلوفاً، وليست حضارة الغرب فريدة في هذا المجال فيقول الأستاذ عادل أمين (مجلة الإصلاح): وهكذا ففي مراحل الازدهار الأقصى للحضارات تصبح المتعة الجنسية هي الهدف الأسمى…" ويحسن في هذا المقال الإشارة إلى مقدمة كتاب أبي الأعلى المودودي رحمه الله تعالى الحجاب الذي يوضح فيه وضع المرأة في الحضارات المختلفة وفي مختلف مراحل تلك الحضارات وأن الحضارة عندما تؤذن بالمغيب تصبح المرأة عنصراً للمتعة بدون حدود وبلا قيود أخلاقية أو دينية. فإن الغرب اليوم انتشر فيه بالإضافة إلى الشذوذ الانحلال الأخلاقي المريع.
     فهل يستيقظ المسلمون ويعودون إلى إسلامهم عوداً جميلاً لقيادة العالم بعد أن يتخذوا الأسباب لذلك من العلم والقوة فقد آن الأوان لشرق الحضارة الإسلامية من جديد.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية