الأزهر: وجهة نظر غربية.


        
الأزهر قلعة من قلاع الإسلام الباسقة والعريقة وقد قدم على مدى تاريخه الطويل نماذج رائعة من العلماء العاملين، وكان قلعة للجهاد في وجه أعداء هذه الأمة ومن ذلك جهاده في وجه حملة نابليون على مصر، ولا يزال كذلك لولا أن بعض المعادين لهذا الدين يريدون لهذا الصرح العلمي الكبير أن يُفرغ من مضمونه، وأن تُلغى رسالته العظيمة بأساليب شتى.
ولقد لفت انتباهي اهتمام المستشرقين بهذا الجامعة الكبيرة منذ مئات السنين فمنهم من حضر إليه مستطلعاً دارساً مثل المستشرق المجري إجناز جولدزيهر وماسنيون وغيرهما، ومنهم من هداه الله للإسلام بين شرفاته، ومنهم من جاءه متجسساً. وقد احتجت بعض المعلومات من إحدى السفارات الأجنبية في جدة قبل أعوام فإذ بالمسؤول الإعلامي والثقافي في تلك السفارة قد حصل على الدكتوراه من جامعة أمريكية حول الإصلاح في الأزهر من عام 1800حتى 1980م. فتأكد لي أن الباحثين الغربيين المتخصصين في الدراسات العربية والإسلامية يهتمون بكل شأن من شؤون المسلمين ولا شك أن الأزهر شأن خطير.
ولمّا كان الأزهر قد تعرض في الأشهر الأخيرة لمحاولة جديدة للتدخل في مناهجه وسنوات الدراسة فيه بحجة تطويره كان للغربيين اهتمام بهذا الشأن. وقد لفت اهتمامي أنه لم يمض فترة قصيرة جداً على بدء تناول وسائل الإعلام لهذا الأمر حتى ظهرت مقالة في مجلة تصدر عن معهد الشرق الأوسط في واشنطن تتناول العلاقة بين الأزهر والحكومات المصرية المختلفة كمدخل للحديث عن هذه التعديلات أو التطوير أو الإصلاح كما يُطلق عليه.
ومعهد الشرق الأوسط يقع في واشنطن العاصمة وقد أُسّس قبل واحد وخمسين سنة (حين نشر المقال) ليقدم للأمريكيين معرفة متوازنة بقضايا الشرق الأوسط من خلال الندوات والمؤتمرات والمجلات والمحاضرات ومكتبته العامة، ومن خلال دورات في تعليم لغات المنطقة. ولهذا المعهد مجلة دورية بعنوان مجلة الشرق الأوسط تناولت في آخر أعدادها أوضاع الأزهر بقلم الباحث ستيفن براكلوه Steven Barrachlough وقد جاء بحثه في خمس عشرة صفحة .
تناول هذا الباحث مسألة العلاقة بين الحكومة المصرية والأزهر منذ عهد الثورة المصرية وما أدخل على الأزهر من تعديلات ليضم كثيراً من التخصصات العلمية وتقليص سلطات شيخ الأزهر وتحويله إلى منصب رسمي تختار الدولة من تراه مناسباً بعد أن كان هذا المنصب انتخابياً.
وتناول الباحث دور الأزهر في الإعلام المصري والسلطات الواسعة التي أعطيت للأزهر لمراقبة النصوص التي تعرض على التلفزيون وهو محاولة من الحكومة المصرية لمحاربة التطرف والعنف وقد أعطى هذا الأمر للأزهر قوة كبيرة. كما أعطي علماء الأزهر وقتاً إضافياً للحديث من خلال وسائل الإعلام المختلفة ومنها التلفزيون. وأشار الباحث إلى قوة الأزهر التي جعلت وزير الثقافة المصري يقول:" الأزهر هو السلطة العليا وعندما يتكلم الأزهر فعلى الجميع السكوت."(المنظمة المصرية لحقوق الإنسان: " حكمة المسجد.")
وبالرغم من هذه السلطات التي تعطى للأزهر إلاّ أن الشيخ جاد الحق رحمه الله قال عام 1995:" إن الأشياء السيئة التي تعرض على التلفزيون تفوق كثيراً الأشياء الجيدة وتلغي فائدة الجيد، فالإعلانات تعرض بصورة تخدش الحياء وتنافي الذوق العام ونحن نعرف أن لكل فعل رد فعل" (الجمهورية).
ونأتي إلى القضية المهمة وهي التعليم في الأزهر وتعديل المناهج ويرى الباحث أن موقف شيوخ الأزهر من هذه التعديلات جعل الحكومة تقف في صف الدفاع وقد بدأت المحاولات لتعديل المناهج ونقل المدرسين وغير ذلك من الإجراءات منذ عام 1993. وقد ذكر بعض المنتقدين للتعديلات في المناهج أن وزارة المعارف استعانت بخبراء أمريكان في هذا المجال. وقد نفى الوزير ذلك نفياً قاطعاً.
تستحق المقالة أن تترجم كاملة وأن يتم الرد عليها فقد ورد فيها على سبيل المثال أن الباحث أطلق على فرج فوده وفؤاد زكريا وأمثالهما من العلمانيين أنهم المثقفون فماذا يكون الآخرون إذن؟ لن يتوقف الغربيون عن الاهتمام بشؤوننا والتدخل فيها إلاّ إذا عرفناهم تماماً وانتقلنا إلى دراستهم كما يدرسوننا.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية