الإصرار على نشر الفاحشة!

بعد أن كتبت مقالتيّ عن الضجة التي أثيرت حول تدريس كتاب الخبز الحافي لمحمد شكري توالت الأخبار من الجامعة الأمريكية إصرارها على أن الكتاب لم يمنع، فقد نشرت صحيفة الشرق الأوسط (6ذو القعدة 1419هـ) أن رئيسة قسم اللغة الإنجليزية الدكتورة فريال غزول بالجامعة صرحت تصريحاً خاصاً (للشرق الأوسط) نفت الإشاعات التي تتردد بشأن منع تدريس "السيرة الذاتية" الخبز الحافي للأديب المغربي محمد شكري المقررة من قبل الدكتورة سامية محرز الأساتذة بالجامعة على الفصل الدراسي (208) لطلاب السنة الأولى بالجامعة. ولسائل أن يسأل لماذا تكون المتحدثة المدافعة عن الكتاب رئيسة قسم اللغة الإنجليزية مع أن الكتاب من المفروض أنه مقرر على طلاب الأدب العربي، فهل لقسم اللغة الإنجليزية وصاية على قسم اللغة العربية أو إن الكتاب يدّرس في ترجمته الإنجليزية؟

     وأتساءل أيضاً إذا كان هذا الكتاب قد تُرجم إلى اللغة الإنجليزية فهل لم يجد المترجمون من الأدب المحترم والجاد ما فيه غناء ليقوموا بترجمته وبذل الجهد فيه ونشره على أنه أدب عربي. فإن الباحثين في الاستشراق يعجبون من اهتمام الاستشراق الحديث والمعاصر (حتى لو رفضوا تسمية عملهم استشراقاً) بهذا الصنف المنحط من الكتابات التي لا تمثل الأدب العربي الحقيقي. فإن في الأدب العربي المحترم ما يستحق الترجمة والنشر في اللغات الأوروبية المختلفة ولكنه لا يلقى الاهتمام الذي يلقاه كل أدب يحارب العقيدة الإسلامية والثوابت والمسلمات الإسلامية.

     وفيما أنا أبحث في أرشيفي الخاص وجدت أن مثل هذه القضية ليست جديدة وهي الحرص على إشاعة الفاحشة فقبل سنة تقريباً كتب الأستاذ محمد الحزاب الغفيلي من الرس في جريدة الرياض (11ذو القعدة 1418) تحت عنوان "كشف الجرائم المستورة: نوجّه الملام لفاحشة الإعلام" وكان يتناول قضية الحديث عن المشكلات الاجتماعية وتناولها بصراحة في وسائل الإعلام المختلفة. وكان مما قاله في المقالة تلك نقلاً عن الشيخ محمد أبي زهرة: "إن الفاحشة المعلنة ثلاث فواحش: فاحشة الارتكاب وفاحشة الإعلان، وفاحشة إيذاء المؤمنين والفضلاء من أقارب المتهم.

      ففي كتاب محمد شكري وقعت هذه المصائب الثلاثة فإنه تحدث في كتابه عن الزنا واللواط والسرقة وتحدث عن عقوق الوالدين. فأي جرائم أكبر من هذه الجرائم؟ لقد تحدث عنها ليس حديث المستقبح التائب النادم من هذه الجرائم ولكنه تحدث عنها حديث المعتز المفتخر بهذه القاذورات وكأنه يقول إن أصحاب هذه الأفعال يستحقون أن يكتب عنهم. ومن العجيب أن بعض من تحدث عن كتابات محمد شكري جعل هذه ميزة له في أنه أعطى المشردين والتافهين حقهم من الاهتمام وأبرز وجودهم المهمل المهمش. (ويالها ميزة؟؟)

       أما الإعلان عن الفاحشة فأي إعلان أكثر من أن تنشر في كتاب ثم يطبع عدة طبعات عن دار نشر قادرة على إيصال إنتاجها إلى مختلف أنحاء العالم العربي، وتنتشر هذه الفواحش باللغات الأوروبية المختلفة فالناشرون الأوروبيون يتهافتون على مثل هذا الإنتاج لنشره في لغاتهم كأنهم يريدون القول إن الرذيلة ليست منتشرة فيما نكتب وننشر نحن بلغاتنا فإننا استطعنا أن نؤثر في شعوب العالم الثالث أو الشعوب العربية الإسلامية ليكون لها إنتاج (أدبي من هذا الصنف). ويرى البعض في نشر هذه الفواحش في مثل هذه الكتب تأكيداً لسياسة محاربة الاتجاهات الإسلامية أو كما يزعمون تجفيف منابع التدين.

        أما المصيبة الثالثة فهي إيذاء المؤمنين والفضلاء من أقارب المتهم وأول من يتعرض للإيذاء بما تحدث فيه محمد شكري والده أبوه وأمه الذيْن كال لهم الشتائم وأقذع السباب. فهل يليق بإنسان سوي أن يكتب عن والديه بهذا الأسلوب. فالإسلام يأمر بإحسان صحبة الوالدين ولو كانا على الشرك فلو كانا مسلمين فالواجب أكبر. ألم يتعلم محمد شكري أن الجنة عند قدمي الأم؟ ثم لا شك أن يتعرض أقارب شكري للإيذاء حين يرون قريبهم يعلن بالفواحش فتسقط سمعة العائلة كلها بسبب فرد شاذ منحرف الطباع والأخلاق.

           فهل تتوقف الصحف العربية عن تلميع هذه النماذج السيئة؟

 

 

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية