يتردد في الكتابات العلمية وكذلك في
وسائل الإعلام وصف الصحوة الإسلامية ب (الأصولية). وهي تسمية خادعة لأن
"الأصولية" حركة نصرانية بروتستانتية ظهرت في العشرين من القرن الميلادي
الحالي تنادي بالعودة إلى النصوص" المقدسة" والالتزام بها حرفياً. وهي
دعوة إلى الجمود، كما إنها دعوة إلى محاربة المدنية الحديثة. ويلاحظ أن لليهود
حركة أصولية مماثلة تنادي بمحاربة المادية المعاصرة ووسائل المدنية وتقنياتها!! وإطلاق
مصطلح "أصولية" على الحركات الإسلامية إنما هو من قبيل حرب النعوت
والألقاب الذي يعد من وسائل الحرب وقد استخدمه المشركون في حربهم للرسول وكذلك
استخدمه أعداء الأنبياء في كل زمن، فقد أطلق أعداء أحد الأنبياء على الذين اتبعوا
نبيهم (أراذلنا) وأطلق على النبي (مجنون، كاهن، شاعر، ساحر الخ).
وهكذا فالحركة الإسلامية أو الصحوة
الإسلامية لا يصح أن نطلق عليها أصولية بهذا المفهوم الغربي، فدعوة الحركة
الإسلامية العودة إلى تطبيق الإسلام تطبيقا سليما إنما هي دعوة إلى الحركة
والحياة، والدليل على أن المسلمين حينما طبقوا أصولهم كانوا هم أرقى أمة عرفها
التاريخ ولن يعرف أمة أرقى من المسلمين، فحينما تمسك المسلمون بإسلامهم كانوا أمة
العلم والحضارة، وقد كتب الملك البريطاني جورج الرابع إلى الخليفة المسلم يقول له
"لقد سمعنا ما تتمتع به بلادكم من رقي وحضارة، وأرجو أن يتنازل سيادتكم بتشريف
ابني وبناتي بالدراسة في مدارسكم والنهل من علومكم، وذيّل خطابه بعبارة ’خادمكم
المطيع‘.
وجاء الاستقلال ظاهرياً حيث تأكد
الاحتلال الأجنبي أن لا يسلم الأمور حين خروجه إلاّ إلى فئة ترعى مصالحه وتحارب
الحركات الإسلامية، بل إن الغرب كما يقول الأستاذ محمد قطب قام بعملية ما يسمى
ب(صناعة الزعيم) حيث اختار بعض من تثقف ثقافة غربية وقام بمسلسلات النفي والسجن
لهؤلاء أو الخطف من الجو ثم أعادهم لتنظر إليهم الجماهير على أنهم الأبطال
المحررون فيتبعوهم .
ويهمني
في هذا الإيجاز أن أتناول بعض النماذج من رصد الغربيين للحركات الإسلامية
(الأصولية):
1- محاضر جلسات الكونجرس الأمريكي. لقد استضاف الكونجرس الأمريكي على مدي ثلاثة أيام من سنة 1985م عدداً من الباحثين الأكاديميين من الجامعات الأمريكية لتقديم شهاداتهم أو رؤيتهم للحركات الإسلامية في العالم الإسلامي، واستعرض الكونجرس بعض الدراسات لباحثين لم يتمكنوا من الحضور. وجمعت محاضر هذه الجلسات في كتاب بلغ عدد صفحاته اثنتين وأربعين وأربعمائة. وقد قام الدكتور أحمد خضر إبراهيم بترجمة جزء كبير من هذه المحاضر ونشرها على مدى خمسين حلقة في مجلة المجتمع قبل حرب الخليج الثانية، والمحاضر في لغتها الأصلية موجودة لدى مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.
1- محاضر جلسات الكونجرس الأمريكي. لقد استضاف الكونجرس الأمريكي على مدي ثلاثة أيام من سنة 1985م عدداً من الباحثين الأكاديميين من الجامعات الأمريكية لتقديم شهاداتهم أو رؤيتهم للحركات الإسلامية في العالم الإسلامي، واستعرض الكونجرس بعض الدراسات لباحثين لم يتمكنوا من الحضور. وجمعت محاضر هذه الجلسات في كتاب بلغ عدد صفحاته اثنتين وأربعين وأربعمائة. وقد قام الدكتور أحمد خضر إبراهيم بترجمة جزء كبير من هذه المحاضر ونشرها على مدى خمسين حلقة في مجلة المجتمع قبل حرب الخليج الثانية، والمحاضر في لغتها الأصلية موجودة لدى مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.
2-
كتاب الأصولية في العالم العربي. تأليف ريتشارد هرير
دكمجيان وترجمة الدكتور عبد الوارث سعيد ونشر دار الوفاء بالمنصورة (مصر)سنة1409م،
والكتاب عمل مخابراتي في المقام الأول حيث يرصد نشاطات اثنتين وتسعين جماعة
إسلامية في العالم العربي من خلال منشوراتها العلنية والسرية ومن خلال المقابلات
الشخصية مع طائفة من المنتسبين إلى هذه الجماعات.
ويشهد الواقع أن الباحث كان دقيقاً في كثير من المعلومات التي ضمها الكتاب، غير أن الكاتب بحكم خلفيته الغربية وأصله الأرميني انحرف في فهم بعض القضايا التي تتعلق بالصحوة، والكتاب في مجمله يستحق القراءة العميقة لأنه يقدم توصيات للحكومات الغربية وللحكومات العربية الإسلامية التي تسير في ركاب الغرب حول كيفية التعامل مع الحركات الإسلامية.
وقد صدرت في عام 1995م طبعة ثانية من الكتاب أضاف إليها المؤلف دراسات لعدد أكبر من الجماعات الإسلامية وصل إلى مائة وثماني جماعات، وقد تلقى المؤلف الدعم من الحكومة الأمريكية في دراسته في الطبعة الأولى وربما في الطبعة الثانية أيضاً، ويلاحظ أنه اهتم فقط بالجماعات التي تبدي معارضة للحكومات الإسلامية أما النشاطات الإسلامية والدعوة إلى العودة إلى الإسلام التي تعمل ضمن الأنظمة القائمة فلم يعر لها أي اهتمام.
ويشهد الواقع أن الباحث كان دقيقاً في كثير من المعلومات التي ضمها الكتاب، غير أن الكاتب بحكم خلفيته الغربية وأصله الأرميني انحرف في فهم بعض القضايا التي تتعلق بالصحوة، والكتاب في مجمله يستحق القراءة العميقة لأنه يقدم توصيات للحكومات الغربية وللحكومات العربية الإسلامية التي تسير في ركاب الغرب حول كيفية التعامل مع الحركات الإسلامية.
وقد صدرت في عام 1995م طبعة ثانية من الكتاب أضاف إليها المؤلف دراسات لعدد أكبر من الجماعات الإسلامية وصل إلى مائة وثماني جماعات، وقد تلقى المؤلف الدعم من الحكومة الأمريكية في دراسته في الطبعة الأولى وربما في الطبعة الثانية أيضاً، ويلاحظ أنه اهتم فقط بالجماعات التي تبدي معارضة للحكومات الإسلامية أما النشاطات الإسلامية والدعوة إلى العودة إلى الإسلام التي تعمل ضمن الأنظمة القائمة فلم يعر لها أي اهتمام.
3-
المركز الأكاديمي الإسرائيلي للبحوث. يذكر الدكتور
أحمد عبد الحميد غراب أن هذا المركز قد أنشئ عام 1982م في القاهرة بناءً على
مقررات معاهدة كامب ديفيد بين مصر وإسرائيل، ويهدف المركز إلى تسهيل مهمة الباحثين
اليهود للقيام بجمع المعلومات في مصر والاتصالات بالجامعات المصرية، كما يقوم
المركز باستقطاب بعض الباحثين من مصريين وغيرهم لتقديم بحوثهم المتصلة بالمجتمعات
العربية الإسلامية ويغدق عليهم من الأموال ما يغري ذوي النفوس الضعيفة للتعاون
معه، ويقوم المركز بعقد ندوات أسبوعية وإصدارات نشرات تهدف إلى إثارة انبهار
المسلمين بالتقدم العلمي والتقني في إسرائيل.
4-
المخابرات المركزية الأمريكية. قبل أكثر من عشر سنوات
كانت جامعة هارفارد تنوي عقد ندوة عن الصحوة الإسلامية في العالم الإسلامي، وقبل
بدء الندوة اكتشف أن المخابرات المركزية الأمريكية كانت ممولاً لهذه الندوة مما
دعا الجامعة لإلغاء الندوة وفصل الأستاذ الجامعي الذي كان السبب في قبول هذا
التمويل. وفي عام 1995م تنشر الشرق الأوسط على صدر صفحاتها نبأ دعوة المخابرات
المركزية الأمريكية لعدد من أساتذة الجامعات لتقديم رؤيتهم لموضع الصحوة الإسلامية
(الأصولية)، وقد انقسم الموقف بين أن تعامل الصحوة في جميع البلاد الإسلامية
معاملة واحدة أو تعامل تلك الحركات التي تدعو إلى العنف معاملة مختلفة عما تعامل
به الحركات السلمية.
المرجع:( مركز المدينة المنورة لدراسات
وبحوث الاستشراق)
تعليقات
إرسال تعليق