محاضرتي في جامعة الفيصل الاستشراق وموقفنا منه بين الرفض والقبول الاستشراق وموقفنا منه بين القبول والرفض
ما أن بدأ العالم الإسلامي يعي أهمية
دراسة الاستشراق ومعرفة رأي العلماء الغربيين في الإسلام والمسلمين حتى تنوعت
المواقف من هذه الدراسات وهذا المجال. فاتخذ قوم منّا موقف العداء السافر لكل ما
يأتي من الغرب مصرين على أن المستشرقين قوم محاربون لنا كارهون يخططون لاحتلال
بلادنا والهيمنة عليها ومحاربة هُوُيتنا الإسلامية، بينما وقف آخرون موقف الإعجاب
والإشادة وحتى الانبهار، ولم يروا في الاستشراق إلّا الجانب المشرق المضيء. بينما
كان هناك من اعتدل في نظرته إلى الاستشراق فأدرك أنه لا يمكن أن يكون هناك تحديد
قاطع بين الإيجاب والسلبية فلا بد أن بعض المستشرقين خرجوا عن المخططات
الإمبريالية والاستعمارية ومنهم من أنصف. ونظر هؤلاء أنه حتى حين هاجمنا بعض
المستشرقين في عقيدتنا وشخصيتنا وهُوُيتنا فإنهم يساعدوننا في اليقظة والتنبه.
سأعرض لأبرز تعريفات الاستشراق وبخاصة
تلك التي لم تنل حظها من الشهرة والذيوع وأقدم موجزاً للآراء المختلفة حول
الاستشراق لأقدم بعد ذلك عدداً من التساؤلات وبخاصة حول الموقف المناسب من هذه
المؤسسة الكبرى الضخمة التي جعلت دراسة العالم الإسلامي من جميع جوانبه العقدية
والفكرية والثقافية والسياسية والاقتصادية والجغرافية والتاريخية ميداناً لها.
وأكبر سؤال أود تقديمه هنا ماذا فعلنا نحن لمعرفة الآخر حتى إنني أرى أنه اهتمامنا
بالغرب لا يزيد عن واحد في المليون من اهتمامه بنا، وهو عكس ما فعله أجدادنا حينما
كانت شعلة العلم والمعرفة متقدة لا تخبو فكانوا يجوبون الدنيا بحثاً عن العلم
والمعرفة فقد عرفنا الرحاّلة الذين جابوا الآفاق حتى اشتهرت رحلات ابن بطوطة وابن
حوقل وابن فضلان، وحتى عرفنا جغرافية العالم وعرفنا الأفلاك والسماء والنجوم
والأجرام السماوية، بل وجد من أجدادنا علماء أقاموا في بلاد الغرب سنوات طويلة
درسوا اللغات والأديان والمعتقدات والأفكار ودرسوا الأخلاق والطبائع، وقد فعل هذا
الفارس البطل أسامة بن منقذ في كتابه الاعتبار. فهل نصحو من جديد ونحاول أن نعيد
شعلة الشوق والتوق إلى المعرفة من جديد؟
تعليقات
إرسال تعليق