متى نكتب تاريخنا؟ أبناؤنا ودراسة التاريخ


لعل من أسباب نفور الطلاب من درس التاريخ الطريقة التي يُدرّس بها وبالتالي طريقة الامتحان، فالتاريخ – في نظر الطلاب -لا يمكن فهمه، ولا يمكن حفظه بطريقة سهلة، وحسبك من أمرين أحلاهما مُرّ: فلا بد من الحفظ إذن.
وفيما أنا أنظر في أسئلة امتحان مادة التاريخ لبعض الصفوف الابتدائية عثرت على هذه النماذج التي أسوف بعضها-هنا – دليلاً على ما أقول:
-ضع عبارة (صح) أو (خطأ) أمام العبارات التالية:
1-عدد خلفاء الدولة العباسية سبعة وثلاثون خليفة (...)
2-حاصر الصلّيبيون بيت المقدس سنة 483هـ
-وسؤال آخر يقول أكمل الفراغات التالية:
1-أوّل معركة بحرية بين المسلمين والروم هي معركة .......عام....
2-بدأت الدولة الأمويّة سنة .... وانتهت سنة....
-       وسؤال ثالث صل بين العبارة من الجدول (أ) بما يناسبها من الجدول (ب):
جدول أ
-تولّى عمر الخلافة
-تم فتح مصر بقيادة عمرو بن العاص
-مدة خلافة معاوية
-توفي عليّ بن أبي طالب
جدول (ب)
سنة 40
سنة 20
سنة 13
سنة 21
وبعد قراءة هذه الأسئلة تعجبت هل هذا هو التاريخ فقط؟ أين الحديث عن الإيمان بالله – عز وجل-الذي دفع المسلمين إلى الجهاد في سبيل الله والتضحية بأرواحهم، وكل ما يملكون من الدنيا لإعلاء كلمة الله؟ أين تربية الرسول-صلى الله عليه وسلم-لأصحابه على الشجاعة والإقدام حتى قال أحدهم: "كنّا إذا حميَ الوطيس احتمينا برسول الله –صلّى الله عليه وسلم-؟ أين الحديث عن ثباته –صلّى الله عليه وسلم-وأصحابه الكرام في أحد والخندق والحديبية؟
وبعد فما الذي يدعو أساتذة التاريخ إلى تدريس مادتهم بهذا الجفاف حتى كرهها الطلاب ونفروا منها؟
أكاد أقول "فاقد الشيء لا يعطيه" وليس هذا لوماً ولا ذمّاً لهم؛ فهم قد أخذوا التاريخ بهذا الأسلوب، فأذكر من دراستي الجامعية أنّ السيرة النبويّة لم تتعد الحديث الموجز المبتور عنها بهذه الطريقة: الجزيرة قبل البعثة، الولادة، البعثة، الدعوة سراّ، الدعوة جهراً الهجرة، الغزوات.
إنّ أي جهاز "كمبيوتر" قادر -بلا شك-على حفظ هذه المعلومات. فهل نبحث عن أسلوب جديد لتدريس التاريخ حتى تغدو مادة محبّبة للطلّاب؟
وليعلم إخواني أساتذة التاريخ أن هذه المادة من أهم موادّ الدراسة التي يجب أن يكون لها أثر كبير في صياغة شخصية الفرد المسلم.
وليكن القرآن الكريم قدوة لنا فيما قصَّ من أحداث سيرة سيد المرسلين سيدنا محمد –صلّى الله عليه وسلم- وكذلك قصص الأنبياء والرسل من لدن آدم حتى عيسى- عليه السلام- كذلك نجد في القرآن الكريم أخبار الأمم السالفة وما حدث لهم مع رسلهم.
ومما يعكس أهمية التاريخ أن بعض الخلفاء والملوك كانوا يطلبون من العلماء أن يحدّثوهم عن التاريخ، وحوادثه وعبره. ولا يمكن أن تكتمل ثقافة من يتولّى مسؤولية عامّة من حكم وإدارة دون فهم للتّاريخ.
وأخيراً ليعذرني إخواني التربويّون إن كتبت في مجال تخصصهم ، لكنني لم أجد بدّاً من الحديث ، وفّق الله الجميع إلى ما يحبه ويرضاه.







[i] ألون من الترات، عدد 22 سنة 14 صحيفة المدينة المنورة العدد (8700) 52 شعبان 1411هـ/ 11مارس 1991م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية