التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سيّد قطب رحمه الله والحضارة الغربية



صحيفة الإندبندنت يو 18 أغسطس 2006م
The Independent 18 August 2006
أفردت صحيفة الإندبندنت عدة صفحات للحديث عن سيد قطب صدقت في بعض الحديث وكانت مخادعة وكاذبة في جوانب أخرى، ولكنها صدقت حين قالت إن سيد قطب (رحمه الله لم يقل في الحضارة الغربية أكثر مما قاله عقلاؤها وبخاصة في مسألة أفول الحضارة الغربية وأن دور الإسلام قد حلّ لقيادة البشرية كما تناول الكاتب أثر سيد قطب في تكوين فكر "القاعدة" وكراهية الغرب والرغبة في تدميره ، ونقل الكاتب من كلام سيد قطب ما ذكر فيه الحضارة الغربية وبخاصة شقها الأمريكي من أنها تعبد المال وأنها حضارة الجنس والعنف. ومما أذكره من كتابات سيد قطب نتفاً وردت في كتابه العظيم في ظلال القرآن عن لعبة كرة القدم الأمريكية وما فيها من عنف، وكذلك حديثه عن المصارعة الأمريكية وغير ذلك. وهل ما قاله سيد قطب رحمه الله يختلف كثيرا عمّا كتبه بول هارفي (لا أذكر الاسم تماما الآن عن سقوط الغرب وتفشي القتل فيه حتى إن من يقومون بالقتل يقتلون أناساً لا يعرفونهم وأن القتل من أعلى أسباب الموت في أمريكا(شاهدت ذلك في برنامج تلفزيوني في لوس أنجلوس عام 1968م) وما كتبه من قديم إريك فروك Erich Fromm الفيلسوف وعالم الاجتماع عالم النفس الأمريكي الجنسية الألماني الأصل عن انحدار المجتمع الأمريكي( كتابه المجتمع العاقل Sane Society) ومن الأمريكيين المعاصرين فرانسس فوكوياما (الياباني الأصل) عن الانهيار أو التدمير العظيم في حديثه عن المجتمع الأمريكي وبخاصة مكانة المرأة في المجتمع الأمريكي وعنوان كتابه The Great Disruption
وقضية انهيار الغرب ودور الإسلام ليس بالكلام الجديد فقد عُدتُ من أمريكا عام 1393هـ (1973م) وكتبت عدة مقالات بعنوان:(مشاهدات عائد من أمريكا في مجلة المجتمع الكويتية نشرت بين عامي 1974 و1975م وكتبت مقالة لم أنشرها في حينه يعنوان (أمريكا تحتضر) ونشرت المقالة بعد ثلاثين سنة (عام 2005م) في كتاب بعنوان (رحلاتي إلى أمريكا)(ينتظر الطبعة الثانية)(طبعت الطبعة الثانية في المغرب ولكنها لم تصل المشرق بعد)
أما قضية انهيار الغرب فأذكر أنني حين كنت أدرس تاريخ الدولة الرومانية مع الدكتور جمال عبد الهادي مسعود وكان ضمن المقرر الحديث عن انهيار الدولة الرومانية، وهو موضوع لا زالت الكتب تتناوله حنتتى يومنا هذا (ظهر كتاب جديد في بريطانيا هذه الأيام –صيف 2006م) فكان مما قاله الدكتور جمال عبد الهادي إن الغربيين عادة يرجعون أسباب انهيار الإمبراطورية إلى أسباب اقتصادية وسياسية وعسكرية واجتماعية وللكنهم لا يرجعون هذه الأسباب إلى السنن الربّانية في صعود الأمم وانهيارها التي وردت في القرآن الكريم، وأنّ مخالفة المنهج الرباني كفيل بانهيار أية أمة من الأمم وقد ورد في القرآن الكريم (لكل أمة أجل)
ولكن بعض المثقفين العرب (أو مدّعي الثقافة) نظروا إلى الحضارة الغربية وقوتها السياسية والعسكرية والاقتصادية وما تتمتع به هذه الحضارة من انفتاح ونقد للذات فاعتقدوا أن الغرب لا يسقط بل كتب تركي الحمد في جريدة الشرق الأوسط مقالة بعنوان (هل إنّ الغرب يسقط؟)فرددت عليه من خلال مقالتين (سقوط الغرب وشيك) ثم أعدت عليه الكرة بمقالتين (موازيننا وموازينهم في سقوط الأمم)
وأعود إلى سيد قطب رحمه الله فهل تصوره عن انهيار الحضارة الغربية أمر جديد؟ وهل أراد سيد قطب أن نحمل السلاح وندمر الغرب ونُفجّره؟ أزعم لنفسي أنني قرأت سيد قطب رحمه الله من كتابه: العدالة الاجتماعية في الإسلام ومعالم في الطريق والإسلام والسلام العالمي والمستقبل للإسلام وأجزاء من في ظلال القرآن فهل دفعني سيد قطب أو غيري ممن قرأه أن نحمل السلاح ونفكر في أن دمار الغرب لا يكون إلّا من خلال التدمير والتفجير والعمليات الانتحارية؟
لماذا يصرون على أن ما كتبه سيد قطب رحمه الله عن أفول نجم الحضارة الغربية وضرورة أن يتسلم الإسلام والمسلمين الراية إنما هو نوع من كراهية الغرب؟
نحن قوم نكره الدمار والتفجير والقتل.. إننا نقرأ قوله تعالى(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) ونقرأ قوله تعالى (ولا يجرمنّكم شنآن قوم على ألّا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب لتقوى)
نحن نقرأ كذلك أن علينا أن نسعى إلى أن نكون أقوياء (وأعدّوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل  تُرهبون به عدو الله وعدوكم) أليس عدو الله هو عدو الإنسانية؟ أليس هو عدو الحق والعدل، أليس هو الداعي إلى الظلم والاستغلال؟
أما أفول الحضارة الغربية فقد قضيت في ربوع بريطانيا أقل من شهرين تعرفت خلالها إلى قضايا كثيرة تنذر بالانهيار وسأوجزها في العناوين فقط:
·  ازدياد الجريمة المسلحة في بريطانيا.
·   تكدس السجون وازدحامها.
·   مؤسسة الزواج مهددة في المجتمع البريطاني من خلال الطلاق وخيانة الأزواج والزوجات.
·  جرائم الكراهية العرقية والعنصرية تزداد ولا تصل إلى دوائر الشرطة.
·  ارتفاع نسبة الأمراض الجنسية حتى بين النساء من سن 46إلى 64.
·   تجارة الرقيق الأبيض في ازدياد.
· انتشار المخدرات في المجتمعات الغربية.

· انخفاض معدّل الإنجاب وتأخر سن الزواج.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...