التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رسالة إلى تركي الحمد


        سلام عليك أخي تركي ورحمة الله وبركاته، أعلم أنك لا تتوقع منّي رسالة أو حتى سلام، ولكني يعلم الله أني أحب لك الخير ولإخواني الذي يقسمون الفكر إلى "متنور" و"ظلامي". إخواننا الذين جعلوا أسمى أهدافهم أن يهزموا "الظلام" و"الظلاميين".
        لقد بلغت من "النجاح" والأضواء والشهرة ما تريد، واستضافتك القنوات الفضائية والصحف، ولكن هل جلست إلى نفسك ثوان تراجع الفكر الذي اعتنقته وحاربت من أجله؟ هل جربت أن تتأمل هذا الإسلام من خلال سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أو من خلال سير الخلفاء الراشدين؟ أو من خلال ألف عام من التاريخ؟ أو من خلال مئات الألوف من المخطوطات والقطع الأثرية التي تدل على عظمة هذا الدين وهذه الأمة؟
        أما أنا فقد فكرت ملياً في حال الصراع الفكري في بلادنا ولماذا ننقسم إلى معسكرين أو ثلاثة أو أربعة أو عشرة؟ فتوصلت إلى أن إخواننا الذين يتبنون الفكر المسمّى الليبرالي لا يعطون أنفسهم فرصة أن يقفوا أمام آيات القرآن الكريم أو أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم أو أمام مسيرة التاريخ الإسلامي. أو أمام واقع الأمم التي تعتز بهويتها وتحارب من أجلها.
        أخي تركي ألم تتساءل لماذا تهاوت إمبراطوريتي الفرس والروم أمام سيوف في أغماد ممزقة؟ لماذا استطاع عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يقاسم ولاته ثرواتهم الخاصة ولا يستطيع واحد منهم أن يقول كلمة لا؟ ألم تسأل نفسك لماذا يعمل أبو بكر رضي الله عنه سنتين وزيادة ولا يتقاضى درهماً من بيت المال؟ لماذا ظل المواطن المسلم مواطناً عزيزاً كريماً أكثر من ألف عام وهو الآن رخيص رخيص مهما حمل من الشهادات والإنجازات. لماذا أنجز المسلمون ما أنجزوا من علوم وآداب؟ لقد بلغوا الذروة في الشعر والأدب واللغة كما بلغوها في الكيمياء والفيزياء والرياضيات والصناعة والبناء والعمران. وبلغوا الذروة في مجتمع أقرب إلى المدينة الفاضلة في عفتها وعفافها وأخلاقها.

        ليتك يا أخي يا حمد تفكر في انتمائك الحقيقي لهذه الأمة وليس لما كتبه أساطين الفكر الغربي في القديم والحديث فإن الأمة لا تنهض بغير هويتها ومبادئها وقيمها.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...