التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مؤتمراتهم حول الإسلام والمسلمين


يعقد الغربيون مؤتمرات وندوات لدراسة الإسلام بمختلف جوانبه فما الهدف من هذه الدراسات والندوات؟ من يمولها ومن المستفيد من نتائجها ؟ أسئلة تخطر على بال الكثيرين المتابعين للصحافة أو وسائل الإعلام الأخرى فما إجابتها؟
         إن الهدف من المؤتمرات والندوات التي تعقد في الغرب إنما هو لتحقيق المعرفة ،إنهم بلا شك يريدون  أن يعرفوا كل صغيرة وكبيرة عن الإسلام والمسلمين ، إنهم يتابعون كلّ ما نكتب وما نقول بالإضافة إلى هذه المتابعة الدقيقة والمحكمة فهم يعقدون الندوات والمؤتمرات بتمويل من الحكومات الغربية وبعض المؤسسات المالية الإسلامية . وقد تعقد هذه الندوات من قبل مؤسسات البحث العلمي ، لكن متى كان البحث العلمي منفصلا عن السياسة؟ ومن هذه المؤسسات مؤسسة روكفللر وموسسة راند ومؤسسة كارينجي ومؤسسة فورد  وغيرها .بل إن المخابرات المركزية الأمريكية تدخل طرفا أحيانا في عقد هذه الندوات والمؤتمرات . ولكن من الطريف أن تلاحظ أنه في عام 1986 نشرت مجلة " المجتمع " الكويتية في عددها 743 أن جامعة هارفارد قد عهدت إلى أحد أساتذة قسم دراسات الشرق الأوسط وهو ناداف سافران (يهودي مصري) الإعداد لندوة بعنوان (الإسلام والسياسة في العالم العربي المعاصر) ، ولما اكتشف أن المخابرات المركزية وإسرائيل مولتا الندوة تم إلغاؤها . فهل كان العيب تدخل إسرائيل في توجيه مؤتمر علمي أو أن المخابرات المركزية هي التي يجب أن تبتعد عن هذا المجال ، وهل ابتعدت في أي يوم عن هذه المؤتمرات والندوات؟
         وكانّ الأمر قد تغير فلم يصبح محرجاً أن تتدخل المخابرات المركزية الأمريكية في إعداد الدراسات والمؤتمرات عن الإسلام والمسلمين . فقد نشرت جريدة " الشرق الأوسط" في عددها 5666 الصـادر في 24/12/1414 الموافق 3/6/1994 خبراً مفاده أن ثمانية عشر خبيراً في شؤون الشرق الأوسط قد شاركوا في الأسبوع الماضي في مؤتمر ال سي آي إي CIA لإجراء تقويم شامل لسياسة الحكومة الأمريكية ، وشـارك في هذا المؤتمر أيضا بعض المعنيين بدراسة ظواهر العنف والتطرف، وأضافت الصحيفة أن مؤتمرات أخرى مماثلة ستنظم بشكل دوري كل شهر لمواصلة عملية الدراسة والتقويم مؤكدة أن الإدارة سوف تتعامل مع هذه الظاهرة في كل بلد على حده انطلاقاً من خصوصياته.
         أما السؤال عن أهمية هذه المؤتمرات ونتائجها فلا شك أن هذه المؤتمرات مهمة جداً ، فهي التي تضع السيـاسة الغربية أو المؤولة عن توجيه السياسة الغربية فإن كثيراً من السياسيين الغربيين عملوا في المجال الأكاديمي أو انهم عادوا إلى العمل الأكاديمي بعد ترك السياسة(ظاهراً) ،ومن هؤلاء مثلاً وليام كوانت William Quandt وهارولد ساندورز Harold Sandors وروبرت نيومان  Robert Newman . وقد نشرت مجلة المجلة قبل سنوات (العدد 415 في 20-26 نوفمبر1985 )تحقيقاً صحافيا بعنوان ( كيف تصنع الجامعات الأمريكية قرارات البيت الأبيض ووزارة الخارجية) أوضحت فيه الارتباط الوثيق بين الجامعات ومؤتمراتها وندواتها وأساتذتها وبحوثها وما تتخذه الحكومة من قرارات.
         ولتأكيد أهمية هذه الندوات والمؤتمرات وحلقات الاستجواب( استجواب علمي) ننظر على سبيل المثال أن الكونجرس الأمريكي عقد جلسات استماع خلال عام 1985 استمع فيها إلى عدد كبـير من  أساتـذة الجامعات حول نظرتهم إلى الحركات الإسلامية في العالم العربي ومن هؤلاء على سبيل المثال : جون اسبوزيتو  و ايليتس ودانيال بايبس وغيرهم.كما استعرض عدداً من البحوث والمراسلات حول هذا الأمر. وقد صدرت محاضر جلسات هذه الحلقات في كتاب بلغت صفحاته 442 صفحة .

        ولا بد أن نشير هنا إلى أن نشر هذه البحوث والدراسات ليس فشلا من الغرب في المحافظة على السرية فهم قادرون على السرية تماماً ، ولكنهم ينشرون مثل هذه الدراسات لاستطلاع ردود الأفعال لها ، وليكن في ذلك عون لهم على التخطيط للمراحل القادمة ، ولا بد أن نشير إلى نشرها يجب أن يكون عونا للحركات  الإسلامية أيضاً  لتعرف أن الغرب جاد في رصد هذه الحركات حتى وإن دعـاها إلى الحوار فهو يقصد الوصول إلى مزيد من الفهم والتحليل . والسؤال الآن أين المؤتمرات والندوات الإسلامية التي ترصد اهتمام الغرب بالإسلام والمسلمين تحليلا ونقدا وتخطيطا، والله الموفق.                      

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...