التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ليتعلم الغرب منّا ولنتعلم منه

                                                                    بسم الله الرحمن الرحيم
                                                           
           يقولون " فلان أدركته مهنة الأدب" لما في هذه المهنة من مشقة ومعاناة، ويمكن أن نضيف قولاً جديداً وهو " فلان أدركته حرفة الصحافة" وقد أدركتني هذه الحرفة حتى إنني أتصفح أو أطالع عدة صحف يومياً. ومن توابع هذه المطالعة القيام بعمل بعض القصاصات التي يمكن الإفادة منها في كتابة مقالاتي. وقد وجدت في اليومين الماضيين بعض القصاصات التي تتناول ما يمكن أن نتعلمه من الغرب. فقلت نعم ثمة ما يمكن أن نتعلمه من الغرب، ولكن في الوقت نفسه يمكن للغرب أن يتعلم منّا الكثير . وإنني في هذه المقالة سأعرض بعض الصور من الحياة الغربية التي لا حل لها إلاّ في قيم الإسلام وأخلاقه. وأكمل ببعض ما يمكن أن نتعلمه من الغرب.    
        قدمت الإذاعة البريطانية باللغة الإنجليزية قبل عدة أشهر تقريراً حول الاغتصاب وموقف النساء اللاتي يتعرضن للاغتصاب، فكان مما جاء في التقرير أن كثيراً من النساء اللاتي يتعرضن للاغتصاب يتعرض له مرة ثانية وثالثة. وأكدت كثير منهن أن الأحكام التي يصدرها القضاء تعد خفيفة، كما أنهن يتعرضن للمضايقات من أهالي المتهمين ومن الشرطة وحتى من القضاء.  وقبل سنتين تقريباً نشرت جريدة التايمز تقريراً عن المضايقات والتحرشات التي تتعرض لها النساء العاملات في سلك الشرطة حتى بلغت درجة لا تطاق، فقام إدارة الشرطة البريطانية بتكليف مؤسسة للبحوث النفسية بدراسة هذه الظاهرة.
          ومن المشكلات التي يعاني منها المجتمع الأمريكي فقدان الأبناء والبنات في سن صغيرة (من السادسة حتى السادسة عشرة) وقد كونت جمعيات تقوم بمهمة البحث عن الأبناء المفقودين. وقد بلغ أعضاء هذه الجمعيات عشرات الألوف. فلماذا يفقد الغربيون أبناءهم وبناتهم؟ لقد حدث في الدنمرك اكتشاف بعض الجرائم ضد الصغار وهي استغلالهم جنسياً وقتلهم. وقد عقدت مؤتمرات عالمية للبحث في مشكلة استغلال الأطفال جنسيا(تجارياً). وكنت قلت في مقالة لي عندما تعرض بعض أطفال أوروبا للخطر تداعت كل دول العالم لتبحث لهم عن حل، أما أطفال العالم الذين يموتون جوعاً وقتلاً وتشريداً فمن لهم؟ وأطفال البوسنة ونساء البوسنة لم تجف دماؤهم بعد.
    هذه المشكلات الأوروبية تحتاج إلى حلول وليعلم الأوروبيون أن الحل موجود عندنا في الإسلام في نظام الأسرة الإسلامي وفي نظامنا الأخلاقي. فما أروعها من كلمات تلك التي قالها جعفر ابن أبي طالب رضي الله عنه أمام النجاشي عندما سأله عن الإسلام فقال:" أيها الملك كنّا قوماً على الشرك، نعبد الأوثان ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم  بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها، لانحل شيئاً ولا نحرمه ، فبعث الله إلينا نبياً من أنفسنا نعرف وفاءه وصدقه وأمانته فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له ،ونصل الرحم ونحسن الجوار ونصلي ونصوم ولا نعبد غيره."
        أما ما يمكن أن نتعلمه من الغرب فأبدأ بمقالة أميمة الخميس الشرق الأوسط (15شعبان 1415هـ) التي تشير فيه إلى أن كثيراً ممن يكتبون عن الغرب يتناولون السلبيات وينسون أن في الغرب جامعات ومسارح ودور ثقافة "التي تظل قلاعاً محكمة نائية بحاجة إلى عزيمة أكيدة وثابتة لاقتحامها." نعم إننا بحاجة لاقتحام تلك القلاع الحضارية الثقافية لنعرف كيف تسير الحياة الثقافية في الغرب، ولنسهم في فعالياتها.
    وتناول الدكتور أنس كتبي في مقالته المعنونة (ماله ثانٍ) موقفين متباينين من الغرب أحدهما الموقف المنبهر الذي ينادي باتخاذ الغرب قدوة ومقياس حضارة، والموقف الآخر الذي لا يرى في الغرب إلاّ على أنه " بؤرة فساد وانحلال" وينادي في مقالته بأنه ثمة في الغرب ما يؤخذ بقوله:" مغالطة القول بأنه ليس لدى أقوام الغرب ما يحتذي به من التجارب في العلوم والبحث واحترام العلم وتقنية النظام. المغالطة الأكبر هي أن ننسى أننا أمة فكر ومنهج وقيم وحضارة لنجوب الأرض نتسوق المنهج والفكر...”
          وكتب الدكتور علي شويل عن الرسائل العلمية في العالم العربي الإسلامي التي تبقى مكدسة في أرفف المكتبات لا يستفيد منها أحد حتى إنك لا تجد ملخصاً شافياً لمعظمها. ولم يشر الدكتور علي إلى أن في الغرب مؤسسة تسمى مؤسسة الميكروفيلم الدولية (International University Microfilm). فالمطلوب من كل باحث يحصل على الدكتوراه أو الماجستير أن يوقع عقداً يسمح بموجبه لهذه المؤسسة أن تحتفظ بنسخة من بحثه وأن تبيع نسخة ورقية أو ميكرو فيلمية من رسالته لمن يريدها. فلماذا نستطيع أن نحصل على أي رسالة جامعية في أمريكا وكندا وأوروبا ولا نستطيع الحصول على أي رسالة علمية في عالمنا العربي الإسلامي إلاّ بشق الأنفس.
       وكتب جاري في الصفحة الأستاذ خالد عبد الرحيم المعينا مقالة بعنوان (متى نستفيد من تجارب الآخرين؟) ضمنها الحديث عن عمليات مسح القدرات التي تقوم بها الوكالة البريطانية لقياس القدرات (BSA) وفائدة مثل عمليات المسح هذه في تقويم العملية التعليمية عندنا. وأود أشير إلى أن في الولايات المتحدة الأمريكية مؤسسات مماثلة حتى إن إحدى تلك المؤسسات أعدت دراسة تكلفت عدة ملايين من الدولارات خرجت بنتيجة تقول (هل نحن أغبى مما كنّا نظن؟) وقد ختم الأستاذ المعينا مقالته بعبارة  جميلة قال فيها: "ولفائدة مجتمعنا يكون من الضروري التعلم من أخطاء الآخرين وتجاربهم، ولهذا يجب أن نستفيد من ذلك المسح الإنجليزي لكي نتفادى الجهل الحسابي الذي تعاني منه بريطانيا"
وقفة مهمة: اشتكى كثير ممن شاهد برنامج (على الهواء مباشرة) مع الدكتور عبد الرحمن الأنصاري والدكتور عبد الرحمن السبيت حول مهرجان الجنادرية من أسلوب مقدم البرنامج محمد رضا نصر الله في مقاطعة المتحدثين بأسلوب غير لائق. مما أزعج الناس وسبب مضايقتهم. فهل كان هذا متعمداً؟

   

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...