درس للصهيونية من طفل صغير

                           بسم الله الرحمن الرحيم
                 
قبل أشهر احتفلت الحركة الصهيونية العالمية بمرور خمسين سنة على مؤتمرها الذي عقد في مدينة بازل بسويسرا (1897م) وتسابقت المحطات التلفزيونية الغربية على مشاركة اليهود والصهاينة في الاحتفالات -كما هي حالهم في مناسبات اليهود جميعها - وكان من بين الاحتفالات استضافة اليهود من جميع الأعمار والخلفيات الثقافية والسياسية والاجتماعية وسؤالهم عن تطلعاتهم لمستقبل اليهود ومستقبل إسرائيل.
وكان من بين الذين استضافتهم القناة الفضائية لهيئة الإذاعة والتلفزيون البريطاني بعض الأطفال اليهود فكان من بين من تحدثوا طفل صغير فقال (إذا كان النازيون هم الذين ارتكبوا المجازر ضد اليهود أو إن ما حدث لليهود كان في أوروبا فلماذا يذهب اليهود إلى فلسطين ليحتلوها ويطردوا أهلها منها وهم لم يرتكبوا هذه المجازر، ليس من العدل أن نعاقب شعباً لا ذنب له في الاضطهاد الذي وقع على اليهود) وقد استطاع المذيع تغيير الحديث بسرعة ونقل الميكرفون لطفل آخر.
ليست الفكرة التي طرحها هذا الطفل بالفكرة الجديدة فكثير من اليهود في أنحاء العالم وبخاصة الذين لا يرغبون في الهجرة ولا يتبنون الفكر الصهيوني أو المبادئ الصهيونية لا يتفقون مع قيام إسرائيل بل يرون أن قيام إسرائيل مخالف للتعاليم الدينية عندهم، كما أن بعضهم يرى أن دولة إسرائيل دولة فاشية. وقد سمعت هذه العبارة من أستاذ يهودي يدّرس الفلسفة في جامعة ألبكركي في ولاية نيو مكسيكو الأمريكية فقد زار إسرائيل وعاد من هناك ينتقد وجود هذا الكيان القائم على التفرقة العنصرية وعلى الفاشية والجريمة.
إن اليهود لم يتفقوا بعد على تعريف اليهود وليس في الدنيا أمة تجد صعوبة في تعريف ذاتها كما الحال عند اليهود، فهل اليهودي هو الذي ولد لأم يهودية أو لأم وأب يهودي وهل يدخل اليهودية من تحول إليها من دين آخر؟ وقد لاحظت في لقاء تلفزيوني مع رئيس الكيان الصهيوني ارتباكاً في تعريف اليهودي وان هذه المسألة راجعة إلى الجهات التشريعية في البلاد. ومن الذين يتحولون اليوم إلى اليهودية؟ لو كانوا يعرفونها حقاً لما تحولوا إليها بل هناك تحول من اليهودية إلى الديانات الأخرى ومنها الإسلام.
وما دام في اليهود مثل هذا الطفل ففيهم من العلماء والباحثين والمفكرين من يكتب منتقداً إسرائيل بصراحة ومنهم جدع جلادي صاحب كتاب (انفجار من الداخل) يتحدث فيه عن اليهود الشرقيين وما يلاقونه من اضطهاد وعنت في العيش في دولة يسيطر عليها اليهود القادمين من أوروبا وأمريكا. أما اليهود الذين قدموا من الشرق أو من البلاد العربية فحالهم سيء جداً. ومن العلماء اليهود الذين ينتقدون دولة يهود أو الدولة العبرية إسرائيل شاحاك صاحب كتاب (الشعب اليهودي الدين اليهودي) وقد ترجم إلى العربية وقدم له الدكتور إدوارد سعيد ولشاحاك كتب أخرى.
إن المطلوب من العالم العربي الإسلامي أن يشجع انتشار هذه الكتابات التي تنتقد الكيان الصهيوني لتوعية العالم بمخاطر الصهيونية وعنصريتها ووحشيتها. وقد تكونت في الولايات المتحدة جمعيات وهيئات تهتم بفضح جرائم اليهود في فلسطين ومن بينها جمعية تهتم بمذبحة دير ياسين.
إننا في الوقت الذي يجب أن نشجع كل من يوضح الحقائق عن هذا الكيان الدخيل على منطقتنا العربية الإسلامية يجب أن نربي أنفسنا وأبناءنا على أن الحق الإسلامي في فلسطين ثابت، وان المعركة مع الصهيونية اليهودية معركة عقدية وأننا يجب أن نستعد للمعركة بالإعداد العقدي والنفسي والثقافي والاقتصادي والعسكري. ولنتذكر قول الله تعالى (كتب عليكم القتال وهو كره لكم، وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون))


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية