هل يسيء الإسلام حقاً للمرأة؟

                     
        عرفت مجلة ال (ريدرز دايجست) Readers Digest بأنها مجلة ثقافية عامة تحرص على الابتعاد عن الموضوعات الحساسة التي تسيء إلى عقائد الشعوب وأديانها وقيمها حتى سعت بلاد كثيرة لترجمتها إلى لغاتها ووافقت على نشرها بين مواطنيها. وتعرف هذه المجلة بترجمتها العربية باسم (المختار)
        وعندما ارتفعت في الغرب موجة العداء ضد الإسلام عقيدة وشريعة بعد سقوط الشيوعية سقطت هذه المجلة ورأت أن تسهم بدورها في هذه الموجة عندما نشرت مقالة بعنوان (يهان النساء بل يّمثّل بهن ... كل ذلك باسم الإسلام) وجاء في ديباجة المقالة أن امرأة مسلمة نزلت في مطار مونتريال بكندا وطلبت السماح لها باللجوء بسبب التفرقة ضد الجنس في بلادها، وزعمت أنها إن لم تعط حق اللجوء فسوف تكون حياتها في خطر، وكل جريمتها أنها ترفض الخروج مغلفة بالسواد من رأسها حتى أخمص قدميها. وذكرت المجلة أن هذه المرأة التي تبلغ من العمر اثنتين وعشرين سنة قد رُفض طلبها في البداية لأن السلطات الكندية كانت مترددة في التصديق بأن النساء يعشن في ذلك البد الإسلامي مواطنات من الدرجة الثالثة حيث يمنعن من الزواج ممن يرغبن، ولا يسمح لهن بالسفر إلاّ بصريح مكتوب من أحد الأقارب الرجال وأنهن يتعرضن للمعاملة السيئة من قبل الشرطة الدينية. وأضافت المجلة أن السبب في عدم السماح للمرأة باللجوء لخوفها من فتح الباب الذي قد يؤدي إلى تدفق الهجرة النسائية حيث يبلغ تعداد نساء المسلمين أكثر من خمسمئة مليون امرأة ولا قدرة لكندا على مثل هذا العدد.
        وهكذا أظهرت السلطات الكندية حسب رواية المجلة أريحية وكرماً وأنقذت المرأة من حياة مواطن الدرجة الثالثة. لكن هل سمحت هذه السلطات لأحد أن يشرح لها حقيقة موقف الإسلام من المرأة؟ وهل بلد يضم مراكز بحوث ومعاهد للدراسات الإسلامية يجهل مثل هذه المسألة؟ وما الاضطهاد في أن تخرج المرأة محتشمة لا تبدي زينتها إلاّ لمن أحل الله له أن يرى هذه الزينة؟ هلي عيباً أن تكون المرأة كالجوهرة المصونة؟ أليس هذا الأمر أفضل من امتهانها والسماح لها بالخروج عارية أو نصف عارية أو به عارية؟ أليس هذا أفضل من جعلها وجعل جسدها أداة لترويج السلع من إطارات السيارات حتى مقاعد الطيارات وما بين ذلك؟
        لقد ارتضى المسلمون والمسلمات أوامر ربهم منذ أكثر من ألف عام ألا تسافر المرأة إلاّ بمحرم أي زوجها أو أخيها أو أبيها أو ابنها أو من في حكمهم، فما الداعي لسفرها بلا رقيب أو حسيب أو من يحميها ويحرص عليها؟ أليس في هذا صيانة لها وحماية.
        وأخذت المجلة بعد الديباجة تتحدث عن "الأصوليين" وموقفهم من المرأة فزعمت أنهم بدأوا يقبضون على زمام الأمور الاجتماعية في البلاد الإسلامية بلداً تلو الآخر. وأنهم يفسرون القرآن والحديث والشريعة بطريقة انتقائية مما اضطر حكومات تلك البلاد لتقليص حقوق النساء حتى عن كثيراً من هذه البلاد أباح تعدد الزوجات وطلاق المرأة بمجرد قول الرجل (أنت طالق) ورفض حق المرأة في الطلاق، وفي حضانة الأطفال. وأطالت المجلة في موضوع ختان المرأة والممارسات المختلفة في هذا الشأن.
        وحاولت المجلة ذراً للرماد في العيون- أن تبرئ الإسلام من التهمة لأن هذا الدين هو الأسرع انتشاراً في العالم ولكن الذنب ذنب الأصوليين الذين يجعلون من الإسلام عصاً يخوفون بها.
        لماذا تنساق مجلة مثل (ريدرز دايجست) إلى هذه الموجة المحاربة للإسلام؟ هل المرأة المسلمة عزيزة على قلوبهم إلى هذه الردة؟ لماذا لا تتناول المجلة قضية امتهان المرأة في الغرب؟ ألا تتعرض المرأة لديهم للاغتصاب والضرب والامتهان؟ أين هذه المجلة من كارثة هروب الأبناء والبنات أو خطفهم؟ أين هذه المجلة من موجة العري والإيدز التي أصابت المجتمعات الغربية؟ أين هذه المجلة من نسبة الطلاق التي تكاد تماثل الزيجات وقد تزيد عنها؟ أين هذه المجلة من التحلل والتفسخ الذي يعاني منه الغرب؟
        ينبغي على المجلة لكي تبتعد عن موجة العداء للإسلام والمسلمين أن تبحث عن علماء مسلمين فتسألهم رأيهم في مثل هذه القضايا فليس كل ما ارتضاه الغرب هو الأفضل في العالم. ألا يتوقفوا عن نبرة الاستعلاء والكبرياء هذه؟
ليعلم الغرب أن الإسلام قد كرّم المرأة حقيقة وأعلى من شأنها وحفظ لها حقوقها ولكن ريدرز دايجست قد لا تريد معرفة الحقيقة فلم تسأل من يحق له الحديث باسم الإسلام.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية