نجاح أمريكي وإخفاق يهودي


 يُعدُّ كتاب بروتوكولات حكماء صهيون.من الكتب الأساسية في ثقافة الجيل الذي ولد بعد زرع الكيان الصهيوني في قلب الامة الإسلامية، أو جيل ما بعد النكبة يرجعون اليه بين الحين والحين يستشهدون به على واقع العالم ويشيرون دائما الى خطر اليهود والصهاينة، ولا شك أن هذا الكتاب وأمثاله نجح في زرع شيء من الخوف والرعب في نفوسنا بأن كل ما خططه ويخططه يهود واقع لامحالة.
وفي يوم من الايام دار الحديث حول مكر يهود ونجاحاتهم المنقطعة النظير. فقال أخ حكيم (الأستاذ محمد صلاح الدين رحمه الله) لماذا تعطون اليهود أكبر من حجمهم؟ نعم انهم يخططون بدقة ويتعاونون ويحكمون المكر والخداع لكنهم بشر يصيبون ويخطئون! وفي العالم من يدرك خبثهم ومكرهم ولابد انهم مهزومون في النهاية مهما بلغت نجاحاتهم.
وفي هذه المقالة أود ان أقدم نموذجا لنجاح امريكي واخفاق يهودي أرجو ان يقود الى مزيد من الاخفاقات حتى تنكشف الاعيب يهود ومؤامراتهم ضد الامم التي قدمت لهم من الميزات مالم يحظ بها أبناء البلاد أنفسهم.
جوناثن بولارد شاب امريكي من أصل يهودي أتيحت له الفرصة للدراسة في المدارس الأمريكية حتى إذا بلغ سن الدراسة الجامعية التحق بأرقى الجامعات الامريكية التي لا يتاح دخولها إلا للقلة المحظوظة، من الأمريكيين انفسهم وهي جامعة ستانفورد بمدينة بالو ألتو والتحق بعد  ذلك  للخدمة في مخابرات البحرية الامريكية، وقد تمكن هذا المواطن الامريكي (اليهودي) من سرقة كمية ضخمة من الوثائق والأسرار العسكرية والامنية خلال سنتي 1984 و1985 وقد ذكرت عكاظ في عددها رقم 9966 في 2/ 6/ 1414ه بناء على تقرير بعثه مراسلها في واشنطن – ان هذه الوثائق بلغت 1800 وثيقة بلغ عدد صفحاتها خمسمائة الف صفحة.. وذكرت ان اهم الوثائق هي:
1-  كل ما يخص الدفاع الجوي السوفييتي ولاسيما صواريخ سام 5
2- التقرير السنوي للمخابرات الأمريكية التي تتضمن معلومات دقيقة عن الوسيلة التي تمكن إسرائيل من اعتراض البرقيات السرية والشفرية من وإلى السفارة الامريكية في اسرائيل.
3-  كل الأسرار الدولية التي تعترضها وتحللها وكالة المخابرات الامنية القومية من جميع انحاء العلام بشكل يومي.
4- كل التقارير التي يبعث بها عملاء المخابرات الامريكية في العواصم العربية.
وبعد القبض على هذا الجاسوس والقائه في السجن نبه عدد من المسؤولين الامريكيين الى خطورة هذا الجاسوس، وكان من هؤلاء جوزيف دي جينوفا رئيس النيابة العامة السابق الذي قال : "إن الإفراج عن بولارد من شأنه ان يصبح سابقة في غاية الخطورة لان أي شخص يستطيع ان يتجسس ضد أمريكا على أساس انه سيفرج عنه بعد فترة وجيزة" ويؤيد هذا كاسبار واينبرجر وزير الدفاع السابق الذي يرى ان الأذى الذي سببه بولارد للأمن القومي لا يمكن قياسه او تخيله ، وان هذا الدمار مستمر وله آثار باقية، وان الرأفة بمثل هذا الجاسوس تعد اشارة سلبية في غاية الخطورة.
وعمل يهود على عدة مستويات للإفراج عنه فمن محاولات المسؤولين الإسرائيليين الى جماعة الضغط اليهودي في امريكا واستخدام الاعلام للضغط على الحكومة الامريكية للإفراج عنه، وكان من ذلك وعد الرئيس الامريكي أن يطلب من وزارة العدل النظر في امكانية الافراج عنه مقابل تأييد اللوبي الصهيوني للرئيس الامريكي في تمرير معاهدة النافتا في الكونجرس الأمريكي، وهذا ما يعد سابقة خطيرة أن يجعل الرئيس الأمريكي مصلحة بلاده في كفة مقابل الافراج عن جاسوس خطير.
وأخيرا نجح الامريكان في الحفاظ على مصالح بلادهم حين أعلن الرئيس الامريكي قراره برفض الرأفة بهذا الجاسوس استنادا إلى توصية وزيرة العدل الامريكية التي ذكرت فيها أن أجهزة الامن الامريكية جميعها –مخابرات ومباحث وغيرها–تعارض تخفيف عقوبة بولارد بشدة.
ونحن اذ نرحب بهذا النجاح الامريكي الكبير في الوقوف خلف مصلحة بلادهم في مواجهة الضغط الصهيوني لنأمل أن لا يكون النجاح الأخير بل اننا نأمل ان يكون بداية لتتفتح عيون الامريكيين على مصالح بلادهم الحقيقية التي لها مصالح حيوية في العالم الاسلامي، ومن مصلحتهم على المدى الطويل النظر الى هذه المصالح بعين العدل والانصاف ومن ذلك ان يقفوا وقفة حاسمة من الجهات التي تحاول تشويه صورة الاسلام و المسلمين وتعبث بالإعلام بتصوير الصحوة الاسلامية على انها الخطر القادم بينما الخطر الحقيقي انما هو الأصولية اليهودية وكل إسرائيل ((أصولية)) وأبرز الأدلة على ذلك المجزرة الأخيرة وما سبقها من مجازر في تاريخ الكيان الصهيوني والتي ليس لها ما يماثلها من جانب الصحوة الاسلامية التي تدعو الى الحق والعدل والخير للبشرية جميعها.

المقال(129) صحيفة المدينة المنورة العدد 11333 في30شوال 1414ه،  11ابريل 1994م   

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية