(من كثر سواد قوم فهو منهم)


أي سواد يحتاج الى القوة والكثرة؟ أي سواد يشكو من العداوات والمؤتمرات ... أي سواد هذا نريد أن نكون منه؟ أي سواد يجب أن نكون منه؟ أي سواد المسلمين.
اضطر بعض المسلمين الى البقاء في مكة المكرمة وبعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم منها وكانوا اذا خرجت قريش لقتال المسلمين خرجوا في صفوفها لا يريدون قتال المسلمين ولكنهم يكثّرون سواد المشركين ولذلك فهؤلاء يلامون على ذلك، وقد قال عكرمة (كما جاء في الفتح) "أن من خرج في جيش يقاتلون المسلمين يأثم وإن لم يقاتل ولا نوى ذلك" وقد جاء في مسند أبي يعلى عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من كثر سواد قوم فهو منهم ... ومن رضى عمل قوم فهو شريكهم)
ويؤيد هذه الأحاديث ما رواه أنس رضى الله عنه أن رجلا يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال متى الساعة؟ قال: وماذا أعددت لها؟ قال لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال: أنت مع ممن أحببت، قال أنس: فما فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم أنت مع من أحببت (صحيح مسلم كتاب فضائل الصحابة).
نعم مع سواد المسلمين مع الذين يدعون الى العقيدة الإسلامية الصحيحة التي خرجت بها جيوش الفتح الإسلامي لتنير بها الكون، هذه العقيدة التي زلزلت أركان عرشي كسرى وقيصر، هذه العقيدة التي وضعت في الأرض أرقى نظام وأحكمه وأعدله، وأقامت في الدنيا نظاما اجتماعيا لا مثيل له.
سواد المسلمين يعتز بلغة القرآن الكريم يتعلمها ويتقنها حتى يقرأ كتاب الله عز وجل فتسمو به أخلاقه وتنحل عقدة لسانه وتبعد عن العجمة اللسانية والفكرية وأليس هذا القرآن (يهدي للتي هي أقوم) ... سواد المسلمين الذي يحارب الدعوات الضالة إلى العامية أو اللهجات أو اللغات المحلية.
لقد مضى أكثر من ألف وأربعمائة سنة ورغم ظهور العديد من الدعوات الضالة المنحرفة في بلاد المسلمين إلا أن الحملة الشرسة التي تتعرض لها اللغة العربية في عصرنا الحاضر ممن حملوا شهادات الماجستير والدكتوراه قد فاقت كل تلك الدعوات.
      ما بال أقوام بيننا في هذه الأيام يزعمون أنهم من المنافحين عن لغة الضاد وأنهم يحترمون التراث الإسلامي ويحبون هذا التراث ويجلونه ولكنهم في الوقت نفسه يقفون في صفوف ((الحداثة)) تلك الموجة التي انتهت في بلا دها منذ زمن فأحياها نفر من بلادنا العربية الإسلامية أخرجوها من قبرها وأقاموا لها صنما وتمثالا... إن الذي ينضم الى صفوف الحداثيين إنما يكثّر سواد أعداء الإسلام ويأثم بذلك... ألا يعلم هؤلاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل) وحث صلى الله عليه وسلم على الالتحاق بالصف المسلم الذين قال فيهم (هم القوم لا يشقى بهم جليسهم).
ليس عجيبا أن يلتف حول صنم الحداثة من وضع دنلوب (القسيس) البريطاني مناهج التعليم التي درسها ولا من حرمه المستعمر من دراسة القرآن الكريم ولغته، وليس من العجيب أن يكون حداثيا من تعلم العربية على يد جورج وجون ولويس ووليام من النصارى واليهود، وإن كان بعض من درس عند هؤلاء تمسك بأصالته ولغته... ولكن العجب العجاب أن يلتف حول صنم الحداثة من بدأ دروسه في العقيدة في كتاب (المسائل الثلاث) أو تعلم التوحيد على أصوله.
سواد من نكثر؟ هل نلتف حول منذر العياشي الذي زعم أن الاعتزاز باللغة الفصحى مزايدات شعارية ... هل نصادق ونخالل (علي البطل) صاحب كتاب صور في الشعر الجاهلي بما فيه من كفريات؟ هل نلتف حول من يدعو إلى التخلي عن العقيدة وعن تراثنا الإسلامي ونفجر اللغة العربية فلا تعود الألفاظ هي الألفاظ ولا المعاني هي المعاني ... أي سواد أكثر ... هل نكون مع من يقول إن فاطمة (رضي الله عنها) (اسم ليس عاديا في الثقافة العربية، ليس اسما كبقية الأسماء، إنه اسم له حمولاته التاريخية ومرجعياته) ... ماذا على (الدكتور)) لو تذكر أو قال إن فاطمة هي سيدة نساء المؤمنين أو سيدة نساء هذه الأمة؟ ماذا عليه لو قال إن فاطمة من آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي نزل فيهم قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).
      ماذا كان على (الدكتور) السريحي لو تذكر أن المسلمين منذ سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته الحبيبة فاطمة وهو يسمون بناتهم بهذا الاسم الطيب... ففاطمة اسم الأمهات والأخوات والعمات والخالات...أم أن (الدكتور) السريحي له مصطلحاته الخاصة (حمولات تاريخية ومرجعيات) ... إننا نريد أن نكثّر من سواد من يحب فاطمة رضي الله عنها ويحب اللغة العربية ويدعو إلى الله على بصيرة.
وقفة: رحب أحد الزملاء بعودة (الزميل) على عمر جابر إلى الكتابة الصحافية وأنا أرحب به هنا وأهمس في أذنه أن يخفف من المديح حتى لا يصدق فيه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم في المداحين.

المقال الستون، المدينة المنورة عدد (9309) الاثنين15 /5/1413ه

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية