التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عرس علمي في تطوان


في يوم من أيام رجب أو ما قبله علمت عن مؤتمر عن الاستشراق يُعقد في مدينة تطوان بالمغرب في الفترة من الخامس عشر إلى السابع عشر من رجب عام 1417ه الموافق للسادس والعشرين حتى الثامن والعشرين من نوفمبر 1996م فعزمت على المشاركة وكنت قد حصلت على الدكتوراه قبلها بسنتين، فحصلت على الموافقة اللازمة من الجامعة وانطلقت إلى المغرب وكان المؤتمر الذي تحدثت عنه حينها في مقالاتي في صحيفة المدينة وفي المنتديات حين كان الحديث عن رحلاتي إلى أوروبا
وقبل أشهر تلقيت رسالة واتصال بالسكايبي من الأخ الحبيب الدكتور محمد عبد الواحد العسري يدعوني فيها إلى المشاركة في مناقشة رسالة دكتوراه وبعث بنسخة منها مرفقة برسالة إلكترونية وعنوان الرسالة الصوفية في الدراسات العربية والإسلامية في الغرب للأخ الدكتور حفيظ هروس وكان من أعضاء اللجنة بالإضافة إلى المشرف الصديق الدكتور محمد عبد الواحد العسري (من مدينة القصر الكبير) (وما أدراك ما القصر الكبير) الدكتور حسن عزوزي والدكتور سعيد المغناوي والدكتور عبد السلام السنيدي والدكتور مصطفى حنفي.
وصلت الدار البيضاء قبل موعد المناقشة بأيام وقبل يوم من المناقشة بعث إلي الدكتور حفيظ أحد أقاربه لينقلني إلى تطوان فكانت رحلة جميلة بالسيارة استغرقت عدة ساعات مررنا في الطريق بعدة مدن من أهمها: الرباط والقنيطرة والقصر الكبير والعرائش وسبتة ثم تطوان ولكن سبتة محتلة من قبل الإسبان (وهو أغرب احتلال، فكيف يستمر ويتقبله المغرب؟) فوصلنا الفندق وفي اليوم التالي كانت لنا زيارة للفنيدق وهي قرية ساحلية قريبة من سبته وتكثر فيها السلع الإسبانية ودخل السوق الآن البضاعة التركية ولا بد أن الصينية أيضاً وصلت وتكثر فيها الشواطئ السياحية الخالية لأننا كنا في الأسبوع الأخير من شهر يناير حيث البرد والأمطار.
وعلى الساعة التاسعة والنصف في اليوم التالي بدأت المناقشة وأول ما صادفني في المناقشة أن الطالب تحدث عن رسالته ثم تلاه المشرف وهو تقليد غير معمول به عندنا في المشرق فهل هو حق تنازل عنه الأساتذة أو هو نظام متبع ولا يد للأساتذة المشرفين فيه. 
   بدأ المناقش الأول وكان دقيقاً في ملاحظاته ومستوعباً لمعظم الرسالة ولكن الطالب حين أراد أن يناقش أو يرد على المناقِش طُلب إليه ألا يرد، وجاء دوري وتحدثت وبعد أربعة ساعات فرغت اللجنة لإصدار قرارها وكانت (مشرّف جداً)
         وبعد المناقشة دُعينا من قبل الطالب لوجبة سمك فاخرة في مطعم في مارتيل وهي ضاحية تطوان الساحلية، وكان غداءً رائعاً تعددت فيه أنواع السمك والمحار والربيان أو القمبري.  وقد عشت في جدة أكثر من عشر سنين عرفت أن أهل السواحل يعرفون كيف يطهون السمك بطريقة لا تعرفها المدن الداخلية مطلقاً مهما حاولوا.
        وفي المساء كنّا على موعد مع زيارة ثانية لمنزل الدكتور محمد عبد الواحد عسري مع معظم المناقشين بالإضافة إلى الجرّاح الرجراجي (من قبيلة زوجي خديجة) وجرّاح سوري مقيم ف إسبانيا أكثر من عشرين سنة (يراهم حاقدين على الإسلام والمسلمين، ومسألة تقبل الإسلام مبالغ فيها قليلاً)
         لن أتحدث عن الطعام فالمطبخ المغربي له شهرته والكرم المغربي معروف ولكن يخدعك أن يأتي طبق فتظنه الوحيد وتكاد تشبع لولا أن تبقي مساحة لطبق آخر فيأتي الطبق الثاني ويكون رئيسيا أيضاً فهل هي مبالغة مغربية؟ الأوروبيون يقدمون صحون صغيرة من عدة أصناف ثم يأتي طبق رئيس، أما المزّة اللبنانية فهي أكبر خدعة لأنها تُشبع حقّاً وبخاصة يأتون بالخبر الساخن (من الفرن) فيكون لذيذاً ولو أنه خبز أبيض (والأبيض جميل في كل شيء عدا الخبز) وأحفظ قولاً (البياض نصف الجمال، وقولاً آخر (الطول نصف الجمال)
      كان عشاءً جميلاً تخللته أحديث ودية وأنس وذكّرني الدكتور العسري بما كتبت عن الزيارة الأولى ولم أجده في رحلاتي إلى المغرب وإنما في رحلاتي إلى أوروبا فبعثت إليه بنسخة على الرغم من أنني حملت نسخة من كتابي خارج عن المألوف: مذكرات رحّالة إلى القارة العجوز)

        وكان موعدي مع السفر مرة أخرى في تسعة أيام بالبر والطرق المغربية الجميلة بين تطوان إلى فاس واستغرقت الرحلة سبع ساعات مررنا فيها بشفشاون ووزان وبعض المدن الأخرى وكان أجمل ما فيها التوقف عند المطاعم الشعبية للشواء فهو من أجمل ما في الرحلة. وإلى لقاء في حديث آخر حول قراءاتي ولقاءاتي في هذه الرحلة القصيرة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...