تربية الأبناء وخلطة النجاح


 

 

سؤال:كيف ربيتم أبنائكم وأنتم دائماً مسافرون ؟؟

الجواب: عندما رزقت بالأبناء ابتداءً من غدير (مع زوجها الآن في كندا يقضي سنة التفرغ العلمي فهو أستاذ في الهندسة الكهربائية) حتى لؤي وهو في الصف الأول الثانوي الآن لم أكن كثير السفر، بل كان السفر في الغالب في الصيف مع الجميع، وأحمد الله أنني كنت قليل السفر على الرغم من أنني كنت أعمل في الخطوط السعودية، وكانت هناك مغريات للسفر لتوفر التذاكر والمال. ومن طبيعتي أنني قليل الاختلاط بالناس، وقليل الارتباطات خارج المنزل، وحتى عندما كنت منتسباً للجامعة كانت مكتبتي مفتوحة دائماً فكنت أرجع إلى المنزل من العمل، وأقضي بقية النهار في المنزل حتى اليوم التالي.

ومن الطرائف أن مكتبتي المفتوحة دائماً لم تتعرض لهجوم الأبناء والبنات فلا أذكر أن أحداً منهم مزق لي كتاباً أو عبث بالمكتبة، وكنت إذا دخل أحد منهم المكتبة ألتفت إليه وأعطيه ما يحتاج من اهتمام، وعلى سبيل المثال أنني كنت أعد رسالة الماجستير وأقضي وقتاً طويلاً أستخدم جهاز قارئ الأفلام الصغيرة (ميكروفيلم) فتأتي إحدى بناتي وأجلسها في حجري حتى تمل وتذهب.

وتربية الأبناء والبنات ليست مسؤولية الأب وحده، فالأم تتحمل جزءاً أساسياً من التربية بل ربما كان دورها هو الأساس. ويقول المثل السوري (من ليس له أم تنهره لم يصبح رجلاً) وبالعامية (اللي ما فيه نهرة مرأة مو رجال)

وأذكر أن للشيخ الغزالي رحمه الله كلمة جميلة يدعو فيها النساء إلى أن يدفعن أزواجهن ليكون لهم نشاط خارج البيت فالأمة بحاجة إلى الطاقات كافة للنهوض، ولماذا يقضي الرجل وقته في بيته دون عمل مجدي؟ وأذكر أن والدي رحمه الله كان يقول لي اخرج من البيت فطول المكوث في البيت مدعاة إلى مشاجرات واختلافات مع الزوجة.

ومسألة المكوث في المنزل والإشراف على تربية الأبناء لا تقاس بالزمن، فكم من أب أو أم في المنزل وليست في المنزل، فبعض الآباء أو الأمهات يقضون ويقضين الأوقات في مشاهدة المسلسلات أو تقليب القنوات أو غير ذلك. فالمهم أن يكون الوقت الذي يقضيه الأب في المنزل مباركاً يستفاد منه الاستفادة المثلى.

سؤال: ما هي أهم خطوات النجاح في نظرك؟؟

أتعجب أن يوجه إليّ هذا السؤال، فهل لدي إجابة؟ وهل أنا من الناجحين؟ لا بد للإنسان من مراجعة لمسيرته في الحياة ليتعرف أ هو ناجح أم لا .وما دامت أيها الابن ياسر قد سألت فسأكتب بضع كلمات حول النجاح. وقبل ذلك لا بد أن أذكر أن الأخ العزيز الدكتور زيد الرماني الذي يعمل في معهد البحوث والاستشارات بجامعة الإمام طلب إلي أن أؤلف كتابا في فن النجاح. فهل أستطيع أن أكتب وصفة للنجاح؟

يا بني النجاح يبدأ من داخل النفس، عليك أن تقنع نفسك أنك ناجح وستقوم بأعمال ناجحة. يجب أن يكون طموحك لا حدود له. كنت في أثناء الدراسة أتعجب من الطلاب الذين يريدون النجاح فقط ، فكانوا بعد أن ينتهي الامتحان يحسبون كيف أجابوا والدرجات التي يستحقونها في نظرهم، ولكني كنت أقول كيف يفكر أحد في النجاح؟ إنك بمجرد حضورك الدروس لا بد أن تنجح، ألا يبقى في ذهنك ما يكفي للنجاح، ولكني أريد درجات عالية، وأمثل لهم الأمر بمن أمامه حفرة يريد أن يقفز من فوقها فإن قال إنه يريد فقط أن يصل إلى الطرف الثاني فقد يصل وقد يقع في الحفرة، وإن كان يقول إنني أريد أن أعبر الحفرة وأتجاوزها بكثير، فإنه بلا شك سيعبر الحفرة وقد يصل إلى الحد الذي طمح إليه.

النجاح يا بني أن لا تقول لا أعرف أو أن تقف أمامك العراقيل والعقبات وتستسلم، النجاح أن يكون لديك طاقة للإصرار والإلحاح على إن تنجح. ولا يهمك أن يقول الآخرون إنك ناجح إنما المهم أن تقتنع أنك ناجح.

أذكر قصة قرأتها أن أباً سأل ابنه من مثلك الأعلى يا بني؟ فقال الابن أنت يا أبي، فقال الأب لقد أخطأت يا بني، فما أنا بالمثل الأعلى، عندما كنت في سنّك كنت أرى علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو مثلي الأعلى، وانظر إلى المسافة التي بيني وبينه. وهكذا ليكن طموحك بعيداً جداً. وبالمناسبة فإن مالك بن نبي العالم والمفكر الجزائري حين كان يعلّم بعض العمال الجزائريين في فرنسا القراءة والكتابة كان مما يدرّسهم الحساب وكان يكتب لهم الأرقام الفلكية من سبع إلى عشر خانات. ويقول أريد أن أوسع أفقهم ومداركهم. وانظر إلى اهتمام الأمة الإسلامية بالفلك، كيف كانوا ينظرون إلى السماء يعرفون نجومها وكواكبها ويعرفون أشياء أصبحت من أصعب الأمور اليوم، نعم إنارة الشوارع حجبت عنّا رؤية السماء وعظمتها ولكن لماذا لا نخرج إلى الخلاء لنرى عظمة الخالق سبحانه وتعالى.

ودفعني إلى النجاح والطموح أنني كنت أحاول قراءة مجلة العربي (الكويتية) أيام الدكتور أحمد زكي رحمه الله حيث كان له مقال شهري ومن بين مقالاته مقالة بعنوان (ماذا يعني أن تكون رجلاً يشار إليك بالبنان) ولعله علق بذهني أن الشخص الذي يشار إليه بالبنان يكون فريد زمانه ووحيد عصره أو أن يكون مبرزاً في فن من الفنون. وثمة قصة أخرى أنني كنت أحضر محاضرة للشيخ سعيد حوّى رحمه الله عن الحضارة الإسلامية فأبدع في الحديث عن المسلم وكيف يكون أولاً وتناول جيل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم وكيف كان كل واحد منهم متفوقاً.

والنجاح يأتي من قراءة سيرة العظماء وهل في الدنيا أعظم من سير الأنبياء وعلى رأسهم سيد الخلق سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم. والدي رحمه الله كان يأتي لي بقصص الأنبياء التي كانت تنشر في مصر في كتيبات صغيرة. وحتى عندما كنّا في المرحلة الإعدادية قرأت قصة سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وإبداعه في الرمي وصناعة السهام، حتى قيل (أعط القوس باريها) وكيف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لسعد رضي الله عنه في غزوة الخندق: "ارم سعد فداك أبي وأمي) وكان سعد رضي الله عنه يقول لم يجمع الرسول صلى الله عليه وسلم والديه لأحد قبلي. وانظر إلى ثنائه على عمر بن الخطاب عبقري هذه الأمة، وعلى أمين هذه الأمة أبي عبيدة عامر بن الجراح، وعلى سيف الله وسيف رسوله خالد بن الوليد. إنها أمة عظماء. أمة الناجحين فإن أردت النجاح أحب هؤلاء وأحب نجاحهم.

ولتكون ناجحاً لا بد تكون جلداً صبوراً وقد قال الشاعر

إذا كانت النفوس كباراً تعبت في مرادها الأجسام

 ليس هناك خلطة سرية للنجاح وإنما الأمر راجع إليك لتكون ناجحاً أن تسعى إلى النجاح. أن لا تعرف الخمول والكسل وأن لا تعرف التهاون والتسويف

 

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية