التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل نتعلم جودة الصناعة و العرض

                                بسم الله الرحمن الرحيم

               

أتيح لي أن أقوم بتدريس مادة مدخل إلى النظم الإسلامية بكلية الدعوة بالمدينة المنورة عدة فصول دراسية فكانت فرصة لأن أتناول أوضاع العالم الإسلامي الاقتصادية وأن أجعلها فرصة للدعوة لشراء إنتاج البلاد الإسلامية من المواد الغذائية إلى الملبوسات وغيرها. وكنت أحاول في هذه الأثناء أن أطبق ما أدعو إليه.

وكان من محاولاتي في البحث عن البضائع القادمة من بلاد إسلامية على سبيل المثال شراء زيت زيتون من بلد إسلامي. فوجدت أن الزيت يأتينا من أكثر من بلد إسلامي ولكنه في الغالب في تعليب رديء ورديء جداً . فيوضع الزيت في صفائح من التنك أو في أوعية من البلاستيك. بينما الزيت القادم من أوروبا يأتينا في زجاجات جميلة الشكل أو في صفائح معدنية جيدة الصنع والإخراج. وإن كان بعض زيت الزيتون الوارد من بلاد إسلامية معبأ تعبئة ممتازة ولكن هناك مشكلة أخرى تتمثل في أن هذا الزيت غير متوفر في جميع المحلات التجارية. وهنا أتعجب من المسؤول عن غياب منتجات البلاد الإسلامية من الأسواق أو عدم توفرها في جميع المحلات.

وقد سألت أكثر من بائع لماذا لا يتوفر عندكم بضائع من بلاد إسلامية؟ فيكون الرد أن الزبائن يفضلون البضائع الأجنبية وكأننا رجعنا إلى المثل الشعبي (كل فرنجي برنجي) أي متميز. وكنت أود لو استطعت أن أرى أصحاب المحلات التجارية لأسألهم لأن الباعة في المحلات لا يحددون الأصناف ولكن يحددها صاحب المحل،وهؤلاء لا يعرفون محلاتهم في الغالب إلا من خلال المحاسبين والموظفين فما دامت تصلهم الإيرادات فلماذا يستطلعون آراء ورغبات الزبائن؟

ولو حرصت الدول العربية والإسلامية على جودة العرض بالنسبة للتعليب والتغليف فإنني أتساءل عن مسألة الجودة النوعية. وأذكر أنني كنت في أحد أسواق بلد عربي  قبل أكثر من عشرة أعوام واحتاج البائع إلى لاصق شفاف فأخرج لاصقاً مصنوعاً صناعة محلية فكان رديئاً جداً وقال بحسرة أين المنتجات الفرنسية؟ فهل نلوم البائع العامي لحبه للبضاعة الفرنسية أو البضاعة الأجنبية عموماً. ولا أدري هل البلاد العربية الأخرى سوى المملكة - لديها هيئات للمواصفات والمقاييس لتحدد الجودة المطلوبة حتى يلتزمها الصانع المحلي ليستطيع منافسة البضاعة الأجنبية. إن الحماية الوطنية التي فرضت في بعض البلاد لاشك قد أضرت كثيراً بالصناعات المحلية لأنها حرمت الصناعة الوطنية من الحوافز لمنافسة البضائع المستوردة. وقد أصبحت كلمة ( مستورد ) في بعض البلاد دلالة على الجودة والمتانة.

ولشدة إعجابنا بالمستورد أن بلداً عربياً عرف بتقدمه في صناعة النسيج حتى إن اليابان في بداية نهضتها الصناعية أرسلت من يتدرب لديهم . ولمّا لم تجد تلك الدولة إقبالاً على منسوجاتها حصلت على تراخيص لوضع أسماء ماركات أجنبية على بضائعها. وعجيب أمرنا نحن العرب و المسلمين لا نرضى بالبضاعة إلاّ إذا كان مكتوباً عليها بالأحرف اللاتينية فقد اكتسبت تلك الأحرف قداسة عجيبة.

وأمر آخر لا بد أن نذكره هنا أن بعض التجار أو المصدرين من بلاد إسلامية يصرون على أن يرفعوا أسعار منتجاتهم أو إن البضائع الأجنبية تخفض أسعارها بحيث تضرب أسعار البضائع الإسلامية. فأين الغرف التجارية الإسلامية ودراساتها للأسواق لتضع الأسعار المناسبة التي تشجع المسلم أن يشتري بضاعة إسلامية.

والنقطة المهمة أن الدعوة مستمرة منذ عشرات السنين لإنشاء سوق عربية مشتركة أو سوق إسلامية مشتركة لزيادة حجم التبادل بين البلاد العربية والإسلامية. فإن الأرقام التي توردها الصحافة توضح أن التبادل التجاري بين البلاد العربية مازال منخفضاً وأن حجم التبادل بين الدول العربية الإسلامية والدول الغربية هو الأعلى. ويذكر البعض أن بعض البضائع الإسلامية تصلنا عن طريق وسطاء أجانب. وقد رددت الأخبار أن بعض البلاد العربية الإسلامية يسعى إلى الالتحاق بالسوق الأوروبية المشتركة أو الحصول على مزايا التعامل مع تلك السوق.

إنني أرجو أن أرى قريباً البضائع الإسلامية مغلفة تغليفاً متميزاً كما ينبغي أن يكون المسلم دائماً متميزاً- وأن تكون الجودة عالية وبخاصة أن عقيدتنا تدعونا إلى الكسب الحلال وليس أكثر حلالاً من الإخلاص في العمل. وأرجو من تجارنا الكرام ورجال الأعمال أن يلتفتوا إلى توفير البضائع الإسلامية في كل مكان ، والله الموفق.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...