مقدمة كتاب (صراع الغرب مع الإسلام)

 تقديم الترجمة

         كان أول اكتشافي لكتابات البروفيسور آصف حسين حين وجدته مشاركاً في تحرير كتاب بعنوان الاستشراق، الإسلام والإسلاميون الذي صدر عن دار أمانا بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1404هـ (1984م) وكان أول بحث في الكتاب بعنوان (أيديولوجية – المسار الفكري –للاستشراق) وشاء الله أن أقوم بترجمته لمجلة جامعة الإمام لينشر في العدد السابع بتاريخ ربيع الآخر 1413هـ/1992.

      وانعقدت الصلة بيني وبين المؤلف راسلته في كلية ليستر Leicester المتوسطة حتى كان عام 1410هـ وغزا العراق الكويت فتداعت الجيوش الأجنبية لإنقاذ الكويت، في هذه الأثناء الذي توقف فيه الطيران وفي أثناء إعدادي بحث الدكتوراة وصلني كتاب صراع الغرب مع الإسلام: استعراض للعداء التقليدي للإسلام في الغرب عام 1410هـ (1990م ) يطلب مني المؤلف ترجمته إلى العربية أو البحث عمن يترجمه. فاستقر رأيي أن أقوم بترجمته، وبالفعل ترجمت الكتاب ولكن تعثر الحصول على ناشر من وقت ترجمته عام 1412هـ حتى عام 1420هـ حتى ظن الناشر الأول وهو الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالمدينة المنورة أنني أقدمه لطبعة ثانية نظراً لأن المسّودة كتب عام 1412هـ.

      وفي هذا الوقت الذي صدر فيه الكتاب الذي كانت الشيوعية تترنح أو تلفظ أنفاسها كما يقولون حيث سقطت في عقر دارها في روسيا وبدأت تتهاوي في أوروبا الشرقية، فالتفت الغرب يبحث عن عدو فلم يجد سوى الإسلام والمسلمين فأعلن العداء للإسلام والمسلمين وبدأت أقلام كتاب الصحف والإعلاميين وانساق معهم طائفة من الأكاديميين في هذه العداوة حتى إن قسيساً من معهد هارتفورد اللاهوتي كتب في نشرة صادرة عن مكتب العلاقات الإسلامية النصرانية يتساءل: "من الشبح الجديد؟" متعجباً أن يتخذ الإسلام ذلك العدو لتجتمع كلمة الغرب على معاداته ومحاربته وليس ثمة مبرر لمثل هذه العداوة والحرب. ولقد تعجبت حينها من اهتمام رجل دين نصراني بهذه العداوة للإسلام ([1])

     أما البروفيسور آصف حسين فقد ظلت المراسلات بيني وبينه حيث علمت أنه يعمل في منظمة اسمها حقوق الإنسان الإسلامية ربما قصد منها أن تكون في مواجهة حقوق الإنسان الدولية ولكن أعتقد أنه لم يكتب لها النجاح لأنه لم تقف دولة إسلامية خلف هذه المنظمة تقويها وتدعمها. ولكن الأستاذ آصف ظل نشيطاً في المجال الأكاديمي يهتم بالحركات الإسلامية والتطورات في مختلف أنحاء العالم الإسلامي فكتب عن كل من مصر وباكستان وإيران وهذه الكتب هي الآتية:

-       سياسات النخبة في دولة إيديولوجية: دراسة حالة باكستان، 1979

-       ميلاد بنجلاديش: الدور السياسي للبعثات التنصيرية 1980

-       الأساليب النظرية الغربية للنظام السياسي للدول الإسلامية: نقد عام 1981

-       ما وراء الأصولية الإسلامية: علم اجتماع الإيمان والعمل، 1992

 

-       الحركات الإسلامية في مصر وباكستان وإيران: ببليوغرافيا تفصيلية 1983

-       وجهات نظر سياسية حيال العالم الإسلامي، 1984

-       الاستشراق، والإسلام والمتخصصين في الإسلام (تحرير ومشاركة) 1984

-       إيران الإسلامية: الثورة والثورة المضادة، 1985

-       الإرهاب السياسي والدولية في الشرق الأوسط 1988

 -       صراع الغرب مع الإسلام: استعراض للعداء التقليدي للإسلام في الغرب، 1990

 -       حزب الله، 2001

-       مدن المدمجة: اكتشاف التطور الثقافي لمدينة ليستر البريطانية بالاشتراك مع آخرين، 2003

-       التربية الحديثة بالاشتراك مع محمد هارون، 2005

-       الثورة الثقافية الباكستانية: بناء إمبراطورية إسلامية جديدة، 2011

-       الحضارة الإسلامية: من التنوير حتى الأصولية 2012

          هذه الكتابات تدل على اهتمامات البروفيسور آصف الواسعة التي تمتد من الاهتمام بالإسلام وحضارته ونظامه السياسي إلى أوضاع المسلمين المعاصرة، وبخاصة في الجوانب السياسية. كما أن له اهتمام خاص بالتربية والتعليم. ويبدو أن كتاباته حول العلاقة بين الإسلام والغرب انطلقت من عدة جوانب أولها صلة الحركات الإسلامية التي يُطلق عليها الأصولية بالغرب ونظرة الغرب لهذه الحركات، كما ظهر اهتمامه من خلال المناصب التي تولاها والأعمال التي شارك فيها في قضية التعايش الثقافي، ولكنه كان مؤمناً دائماً بأن للغرب مواقف سلبية من الإسلام والمسلمين.

        أما المناصب التي تولاها فمن أولها التدريس في كلية ليستر المتوسطة حيناً من الدهر وتأسيس وإدارة دار نشر تولت نشر بعض مؤلفاته ومنها هذا الكتاب الذي أقدمه هنا في ترجمته العربية. كما عمل زميلاً زائراً في جامعة ليستر مركز تاريخ الأديان والتعددية السياسية، وهو كما يقول موقع الجامعة خبير بالشأن الثقافي وعمل مستشاراً لدى عدد كبير من المؤسسات العامة والخاصة في موضوعات تمتد من التوظيف إلى التسويق في المجتمعات المتعددة الثقافات. كما أنه عرف عند القوم (في بريطانيا والغرب عموماً) بأنه خبير بأسباب الإرهاب. كما عمل في مجال الخدمة المدنية والدبلوماسية ولكن قضى معظم عمره في المجال الأكاديمي متخصصاً في الحضارة الإسلامية والتعايش الثقافي.

      أما موقفه من عداء الغرب فهو منطلق من تقليد معادٍ للإسلام وأن الإعلام الجماهيري تحت سيطرة وكالات الإعلام الغربية ذات التأسيس المتين والمعقد. وقد وجدت العواطف المعادية للمسلمين والعنصرية منذ الحروب الصليبية ولكنها تتخذ أشكالاً متخلفة في أوقات مختلفة. ويري آصف أن الإعلام الغربي أداة قوية وتؤثر في الرأي العام في الديمقراطيات الغربية وبهذه الطريقة خدم المصالح الاقتصادية السياسية للغرب. وفي البلاد التي عاش فيها طويلاً حتى تجاوز السبعين سنة (من مواليد 1938) يري أن المسلمين يواجهون التمييز ضدهم في التوظيف في بريطانيا وفي الأعمال، كما أن المسلمين يتعرضون للهجوم على مساجدهم، وعلى أي مسلم يكون مرتديا الزي الإسلامي.

     وقد تناول آصف حسين عداوة الغرب للإسلام من خلال سبعة فصول بدأها بموقف النصرانية من الإسلام وأن عدم الاعتراف بالإسلام الدين الذي جاء مصدّقا ومهيمنا على ما قبله من الأديان نبع عدم الاعتراف والتصديق به من رجال الدين النصارى الذين خشوا على مناصبهم ومكاسبهم الدنيوية ([2]) وتأكدت هذه العداوة من رجال الدين النصارى حين قادوا الحملات الصليبية على مدى مائتي عام. وتحدث في فصل تال عن الرحالة الغربيين والتجسس وكيف أن كثيراً من هؤلاء الرحالة قاموا بمهمات تجسسية وسياسية لصالح دولهم وضد العالم العربي والإسلامي وقاموا بأدوار نفذوا فيها المخططات الاستعمارية لبلادهم.

     ثم خصص فصلاً للحديث عن الاستشراق والاستعمار وأكد نظرية إدوارد سعيد حول العلاقة بين القوة والهيمنة وأن الاستشراق استخدم لتنفيذ الأغراض الاستعمارية. وتظهر أهمية أن يترجم مثل هذا الكتاب إلى اللغة العربية – ليس للمؤلف مترجماً سوى هذا الكتاب والبحث المذكور أعلاه هو قلة الأبحاث المنشورة باللغة العربية في مثل هذه الموضوعات التي تكشف فيما تكشف نشاط الاستشراق وأساليبه، وليقدم للمسلمين حقيقة العالم الأوروبي وشدة مكرة بالإسلام والمسلمين وحرصه الشديد على إذلالهم وسلب خيراتهم كما صرّح الكاتب الصحافي البريطاني روبرت فيسك في مقالة له يحذر المسلمين من تصديق وعود الغرب وأقواله لأن هذا الغرب غادر يقتل ويدمر وينهب الخيرات.

     وتحدث المؤلف عن التنصير وعلاقة المنصرين في الدوائر الاستعمارية وقد لفت انتباهي أن المندوب الأمريكي في الخليج يكاد يأمر حكام المنطقة بالسماح للمنصرين بالتجول بحرية. كما أن المنصرين وقفوا إلى جانب حكوماتهم في الحرب العالمية الأولى والثانية وسعوا لفرض ولاء حكام الخليج لدول الحلف ضد دول المحور وقد كان كثير من المنصرين على علاقات وثيقة بعدد من الحكام. كما أنه ثبت ارتباط كثير من المنصرين بالحكومات الغربية حيث عملوا مستشارين لهذه الحكومات.

        وتناول العداء في الغرب للإسلام في مجال يجهله كثير من الباحثين وهو مجال العلوم الاجتماعية وبخاصة إنشاء علم اسمه علم الإنسان (الأنثروبولوجيا) الذي استخدم استخداما كثيفاً في الهيمنة على الشعوب الإسلامية.

        وفي تقويم عام للكتاب يقول المحكّم أو الفاحص للترجمة: "والكتاب موثق بالمصادر التي استقى منها المعلومات، وكتب حسب المنهج العلمي في مراعاة الفصول وكتابة الفقرات والتزام الفواصل"

        والكتاب يتمتع بالأصالة في التناول والعمق في المادة والتحليل كما يتوافر فيه مادة غزيرة ومعلومات وفيرة وتحليلات علميّة رائعة، بالإضافة إلى ذلك كله ففيه ربط محكم بين الأحداث وغاياتها وبين التصرفات الصادرة من الجهات المعادية للإسلام في الغرب والسياسات التي تحمي تلك التصرفات، وتضفي عليها غطاء التواصل والتعايش مع العالم الإسلامي، والحال أن الغايات المبيتة هي محاربة الإسلام، وإخراجه من عقول الناس وأفكارهم. وإني لأخال المؤلف من أولئك المفكرين القلائل الذين فهموا الجذور الفكريّة والاستراتيجية للعلاقة المكفهرة بين العالم الإسلامي والغرب والتي تشهد يوماً بعد يوم اشتعالاً وتردياً نتيجة المواقف العدائية المعلنة للإسلام والمسلمين في مراكز صنع القرارات في عالم الغرب.

         ونظراً لأن الكتاب قد صدر عام 1410 هـ (1990) فإن عداوة الغرب استمرت وظهرت بشكل أكثر وضوحاً فمن زلة لسان –أو كما أسموها- بوش حين ذكر كلمة صليبية وهو وإن كان تعبيراً لغوياً عن الجهد المبذول في أي أمر فإنها كانت صليبية من مبدئها إلى نهايتها يستهدي بمجموعة من المستشارين من رجال الدين النصارى، فحارب الأب العراق عام 1990 وجاء ابنه ليشنها حملة لا هوادة فيها على العراق وأفغانستان عام 2003 وظلت الجيوش الأمريكية تستخدم كل ما لديها من قوة ومن أسلحة فتاكة في بلاد المسلمين تقتل وتدمر وتسفك الدماء وترمل النساء وتيتم الأطفال.

        وأقامت أمريكا سجوناً في البلاد المحتلة كسجن أبي غريب واعتقلت المئات من شباب المسلمين في غوانتنامو الذي يقع خارج الأراضي الأمريكية حتى يتهرب الأمريكان من إعطاء المساجين الحقوق الأساسية المنصوص عليها في القوانين الأمريكية أو حتى في المعاهدات الدولية.

      وفي مسألة التهديد الإسلامي للغرب كتب الدكتور باسل حسين يقول: "ان هستيريا معاداة الاسلام المتزايدة في الغرب، هي هستيريا ناتجة من تبني رؤى مغالطة تعكس سوء فهم او منهجية قائمة على اسس غير علمية، وأخرى مقصودة تنم عن نظرة مريضة تجاه الاسلام ، ومالم يتم تبني رؤية موضوعية تشكل بمجملها غالبية السلوك الغربي تجاه الاسلام والمسلمين، فان الغرب سيبقى أسير الخوف المرضي لما يسمى بالتهديد القادم من الجنوب وتحديداً العالم الاسلامي".([3]) ويقول باحث آخر عن هذا العداء: "ارتفعت وتيرة عداء العالم الغربي للإسلام والمسلمين في السنوات القليلة الماضية، ولا يزال ذلك ملموسًا حتى الآن، رغم انطلاق مشروع ما أسموه "حوار الأديان" أو الثقافات دونما نتيجة تذكر. هذا العداء والكراهية أدخلا العالم بأسره في دوامة لا أول لها ولا آخر ومتاهات كثيرة ومختلفة كانت لها إسقاطاتها على الأمة الإسلامية كاملة.."([4])

     ومظاهر العداء منذ ظهور الكتاب قد تعددت وكثرت ونظراً لكثرتها فسأكتفي بمثالين أو ثلاثة فهذا رسام الكاريكاتير الدنماركي الذي وضع رسوماً كاريكاتورية لسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقامت الدنيا ولم تقعد في العالم الإسلامي من مظاهرات وكتابات ومواقع للدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وفود حلّت بالدنمرك وغيرها من البلاد الأوروبية مطالبة الرسّام بالاعتذار أو الصحيفة التي ظهرت فيها الرسومات. وقد باءت الجهود بالفشل. وليس هذا فحسب بل إنني قمت بتمرين أعتقد أنه غريب نوعاً ما حيث بحثت في قوقل (محرك البحث الأشهر) عن المؤيدين والمساندين لرسام الكاريكاتور الدنماركي فوجدت أن الأمر ليس قليلاً حيث بلغ عدد الصفحات في الأمر أربعة عشر مليونا ومائة ألف وصحيح أنها ليست كلها في تأييده ولكن نسبة كبيرة منها ترى أن المسألة مسألة حرية فكرية. فينما تحرم أوروبا وأمريكا من يطعن أو يشكك في حقيقة المحرقة اليهودية أو الهولوكوست فإنها تعطي الرسام الدنماركي وغيره الحق في تشويه صورة من يبغون.

      أما المثال الثاني فهي تصريحات بابا الفاتيكان حول الإسلام في محاضرته التي ألقاها في ألمانيا ونسب للإسلام أموراً هو بريء منها، وعلى الرغم من كل الضجة فلم يتراجع البابا ولم يعتذر حتى إن أحد القساوسة أعلن إنه سيحرق نسخة القرآن الكريم.

       وحول عداوتهم سأكتفي بآية واحدة وهي قول الحق سبحانه وتعالى (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر) التي يقول القرطبي في تفسيرها:" يعني ظهرت العداوة والتكذيب لكم من أفواههم. والبغضاء: البغض، وهو ضد الحب ... وخص تعالى الأفواه بالذكر دون الألسنة إشارة الى تشدقهم وثرثرتهم في أقوالهم هذه، فهم فوق المتستر الذي تبدو البغضاء في عينيه. وتتمة الآية (وما تخفي صدورهم أكبر) يقول القرطبي أن معناها: "إخبار وإعلام بأنهم يبطنون من البغضاء أكثر مما يظهرون بأفواههم

    ومن العداوات التي لم يفردها المؤلف بحديث مفصل وهو ما فعله الاحتلال في بلادنا في مجال العلم والتعليم وأقدم نموذجاً مما حدث في مصر؛ فلما تولى اللورد كرومر منصب أول حاكم عام لمصر (1893-1907)، وكان مسؤولاً عن حكم مصر مدة تصل إلى أربع عشرة سنة، وكان رأيه كما جاء في كتابه الذي نشره بعد مغادرته مصر، مصر الحديثة :"إن الخلاف الشديد بين المسلمين والمستعمر الغربي في العقائد، وفي القيم، وفي التقاليد وفي اللغة وفي الفن، وفي الموسيقى.." ولا بد من التغلب على هذا الخلاف وثمة طريقان في رأيه: أحدهما هو تربية جيل من المصريين العصريين الذين ينشؤون تنشئة خاصة تقربهم من الأوروبيين ومن الانجليز على وجه الخصوص في طرائق السلوك والتفكير، ومن اجل ذلك أنشأ كرومر كلية فيكتوريا التي قصد بها تربية جيل من أبناء الحكام والزعماء والوجهاء في محيط إنجليزي ليكونوا من بعد هم أدوات المستعمر الغربي في إدارة شؤون المسلمين، وليكونوا في الوقت نفسه على مضي الوقت أدواته في التقريب بين المسلمين وبين المستعمر الأوروبي، وفي نشر الحضارة الغربية." وقد حدثني أحد الذين درسوا في هذه المدرسة انهم كان محرما عليهم التحدث باللغة العربية في المدرسة، ويعاقب من يضبط متلبسا بالحديث باللغة العربية. أما الصلاة والدين فلم يكن لهما مكانا في هذه المدرسة.

      وكان التعليم في عهد كرومر قد أنيط بالقسيس دنلوب الذي يقول عنه محمود شاكر:" فأسند التعليم إلى قسّيس مبشر عاتٍ خبيث هو "دنلوب" " ويضيف: "وجاء الاستشراق الإنجليزي ليحدث في ثقافة الأمة المصرية صدعا متفاقما أخبث و أعتى من الصدع الذي أحدثه الاستشراق الفرنسي." وهذا الصدع هو ربط ثقافة المصريين بالفرعونية.

    ومع التعليم والسيطرة عليه داخلياً فقد ابتدع الغربيون مسألة الابتعاث فلمّا غادر نابليون مصر بعث إلى نائبه في مصر أن   يبعـث إليه 500أو 600 شيخا من المماليك ، والهدف من هذه البعثة كما يقول محمود شاكر في كتـابه  رسالة في الطريق إلى ثقافتنا نقلاً عن رسالة نابليون: "فإذا ما وصل هؤلاء إلى فرنسا يحجـزون مدة سنة أو سنتين يشاهدون في أثنائها عظمة الأمة(الفرنسية) ويعتادون على تقاليدنا ولغتنـا، ولما يعودون إلى مصر يكون لنا منهم حـزب يضم إلى غيرهم " .وقد كتب محمد المنوني في كتابه يقظة المغرب العربي أن المشرف الفرنسي على إحدى البعثات الطلابية المغربية طلب أن يبقى الطلاب المغاربة مدة أطول في فرنسا بعد انتهاء بعثتهم ليتشبعوا بعظمة فرنسا وحضارتها.

        ونواصل مع محمود شاكر في حديثه عن محمد علي سرششمة أنه بعد أن استقر في الحكم "وازداد إطباق "القناصل" و "المستشرقين " على عقله وقلبه وخاصة الفرنسيين منهم وكان من تخطيـط هؤلاء الاستيلاء على عقول بعض شباب البلاد من خلال الابتعاث إلى أوروبا بعامة وفرنسا بخاصة. ويقول محمود شاكر:" وسنحت لجومار (أحد المستشرقين) أعظم فرصة باستجابة محمد علي لإرسال بعثات إلى أوروبه فبنى مشروعه ... على شباب غض يبقون في فرنسا سنوات تطول أو تقصر يكونون أشد استجابة على اعتياد لفة فرنسا وتقاليدها، فإذا عادوا إلى مصر كانوا حزبا لفرنسا ،وعلى  مر الأيام يكبرون ويتولون المناصب صغيرها وكبيرها ، ويكون أثرهم أشد تأثيراً في بناء جماهير كثيرة تبث الأفكار التي يتلقونها في صميم شعب دار الاسلام في مصر."

        وكأن مسلسل الابتعاث لم ينته حتى اليوم فكلما خبت جذوة الابتعاث عادت من جديد ليتمكنوا من صنع نفر من أبنائنا على أعينهم ليعودوا إلى بلادنا فينفذوا الأجندات الغربية.

        لئن حاول مؤلف الكتاب أن يقدم لنا ببحث علمي رصين عداوة الغرب للإسلام والمسلمين منذ أن ظهر الإسلام فما العمل لمواجهة هذا العداء؟ وهنا أتذكر مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله) فحين نطلب العزة فأمامنا ما نتمسك به ما ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلّا هالك. فالسبيل إلى وقف عداوة الغرب لنا هو أن نعود أقوياء ينتشر في ربوع بلادنا السلام والعدل الحقيقيين. فأي أمة تفتقد العدل لا يمكنها أن تواجه غيرها ومما يعجبني وصف أحد جند الروم حين دخل معسكر المسلمين يتجسس عليهم فقال: "رهبان بالليل فرسان بالنهار يتساوون فيما بينهم لو سرق فيهم ابن قائدهم لأقاموا عليه الحد، وأضاف إنهم أحرص على الموت من حرص الروم على الحياة"

 المراجع 

[1] - (لماذا يخوفون الغرب بالإسلام؟) (المسلمون، 4/جمادى الآخرة، 21ديسمبر 1990)

 [2] - في لقاء مع أحد الأمريكان الذين قبلوا الإسلام وكان له صلة قريبة برجال الدين النصارى سأله الشيخ جبران القرني قائلاً: نحن نقرأ قوله تعالى (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) فكيف هذا؟ فقال روبرت كرين –الذي كان مستشاراً للرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون- إن هذا صحيح وقد تناقش روبرت مع عدد من رجال الدين فاعترفوا بمعرفتهم بأن الإسلام حق.

 [3]-باسل حسين. "الغرب وخرافة التهديد الإسلامي" في http://alarabnews.com/alshaab/GIF/10-01-2003/a3.htm يوم الأربعاء 30مايو 2012 الساعة السابعة صباحاً

 [4] -إبراهيم أبو جابر. "عداء الغرب للإسلام والمسلمين (أسبابه ونتائجه)" في

12/08/2010

http://ar.qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=7359&Itemid=1291

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية