أين جائزة نـــــــوبل من هؤلاء؟

                                         
                                             

     من نشاطات هيئة الإذاعة البريطانية المتميزة اشتراكها مع المعهد الملكي البريطاني للشؤون الدولية في عقد ندوات علمية وكان من بينها ندوة حول الحوار بين العالم العربي وأوروبا عقدت في عدة حلقات في القاهرة وفي البحرين وغيرهما. وقد تحدث الأستاذ رامي الخوري في إحدى الحلقات منتقداً المعايير المزدوجة في الغرب في تعامله مع قضايا العالم العربي فبينما تهتم وسائل الإعلام الغربي بنماذج من رجال الدين النصارى في أفريقيا مثلاً فتضفي عليهم هالة من الشهرة والعظمة فإنها في الوقت نفسه لا تتحدث عن العلماء المسلمين إلاّ واصفة إياهم بالتشدد والعنف والتطرف.
    ما كنت لأتذكر ما قاله الأستاذ رامي خوري لولا أن جائزة نوبل قد منحت للأسقف كارلوس بيلو الذي يقيم حالياً في أستراليا ويعترض بشدة على وجود الحكومة الأندونيسية في ولاية تيمور الشرقية. ومنحت الجائزة كذلك ل خوسيه راموس أورتا الذي يتزعم المقاومة ضد ما أسموه بالاحتلال الاندونيسي. ومهما كانت حقيقة أحقية هذين الرجلين في الجائزة فهل من المنطق أن تتبع هذه الجزر  البرتغال وهي على بعد آلاف الأميال أم إنها جزر أندونيسية حقاً؟ وهل اسمها تيمور اسم برتغالي؟ ولكن بعيداً عن كيفية تنصر أهالي هذه الجزر هل كان بالإكراه أو هم اختاروا هذه الديانة اختياراً حراً أود أن أطرح القضية على هيئة الجائزة (المبجلة) أين كانت جائزة نوبل عندما كان العالم الإسلامي بأسره يقاوم الاحتلال الأوروبي؟
     لقد خضعت معظم البلاد الإسلامية للاحتلال الأجنبي وقامت فيها حركات تحرير قادها علماء مسلمون بذلوا أرواحهم في سبيل تخليص بلادهم من الاحتلال الأجنبي، وسار معظمهم على منهج أن مقاومة الاححتلال تتطلب أولاً استعادة الشعوب الإسلامية هويتها فشرعوا في إنشاء المدارس والمعاهد وقاموا بنشاط كبير في نشر الغقدية الصحيحة بعد عقود من الاحتلال حاول خلالها طمس الهوية الإسلامية في البلاد الإسلامية التي احتلها.
    والحقيقة أن كل بلد إسلامي قاوم الاحتلال نستطيع أن نرشح أكثر من شخص للحصول على ججائزة نوبل لو كانت حقاً تعطى لمن يستحقها. ولكني سأقصر الحديث عن الجزائر لأنها البلد المسلم الذي قاوم الاحتلال أكثر من مئة وثلاثين سنة ، وبلغت الغطرسة الفرنسية أنهم حين احتفلوا بمرور القرن الأول على الاحتلال جعلوا هذه الاحتفالات تستمر أشهراً شعارها الجزائر فرنسية إلى الأبد (كما يقول نتنياهو القدس يهودية إلى الأبد وخسأ وخسر) وأن الصليب قد انتصر على الهلال نصراً نهائيا.
    وفي الأيام التي كانت تجري هذه الاحتفالات كانت الجزائر تشهد ظهور مجموعة من العلماء الذين لم يجتمعوا بالصورة التي اجتمعوا فيها وعلى رأسهم الشيخ عبد الحميد بن باديس ،والشيخ البشير الابراهيمي و الشيخ الطيب العقبي ومبارك الميلي والعربي التبسي ومحمد خير الدين وأحمد سحنون وغيرهم كثير . فما  كان من هؤلاء العلماء إلاّ أن ألّفوا جمعيتهم التي عرفت ب جمعية العلماء المسلمين الجزائريين برئاسة الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي قاد الجمعية من عام 1931 حتىعام 1940. فقامت الجمعية خلال رئاسته بإنشاء مئات المدارس والمعاهد العلمية والجمعيات وشاركت في النشاطات الاجتماعية والخيرية .
    أين كانت جائزة نوبل من الشيخ عبد الحميد بن باديس الذي عاش إحدى وخمسين سنة، وكان رجلاً  ذو مواهب عظيمة فقد كان عالماّ بالقرآن الكريم وهو - كتاب الكتب- ومن اهتدى بنوره لم يحتج إلى نور سواه. وكان عالماً باللغة العربية فكان الخطيب المفوه، وكان الكاتب المبدع، وكان السياسي الحكيم الذي أدرك الفرنسيون فيما بعد أن حركته هي التي أدت إلى قيام الثورة الجزائرية فما كان للجزائريين أن يستقيظوا بعد قرن من التجهيل والتفقير والمرض أن ينهضوا لولا أن قيض الله عز وجل لهم هذا الرجل العبقري؟ لقد كان ابن باديس رحمه الله ذا هيبة عجيبة ليس بين الجزائريين ولكن كان الفرنسيون يهابونه ولا يملكون إلاّ احترامه وتقديره. كان يقول للفرنسيين تزعمون أن الجزائر فرنسيه فلماذا تتركون أبناءها الجزائريين في جهل وفقر ومرض، أيليق بفرنسا أن يكون مواطنوها في هذه الحال؟
   عاش هذا الرجل لقضية واحدة هي إعادة الجزائر إلى هويتها العربية الإسلامية ولم يعمر طويلاً، وحمل الراية بعده الشيخ البشير الإبراهيمي فكان خير خلف لخير سلف.
    إن الحديث عن جائزة نوبل ليس لأننا نطمع في أن يحصل عليها علماؤنا وأبطالنا ولكن ليدرك العالم أن الغرب الذي يدعي الموضوعية والدفاع عن حقوق الإنسان هو أول مضيع لها. ولن يتوقف علماؤنا عن العطاء ونشر الإسلام والدفاع عن قضايا الأمة الإسلامية إن لم تعط لهم هذه الجائزة فالمتهافتون عليها أمثال أدونيس وزمرته لا يشرف العلماء أن يكونوا معهم.
    وأين جائزة نوبل من الشيخ أحمد الياسين أعظم سجين في القرن العشرين تحتفظ به اسرائيل تخشى خروجه وهو لا يتحرك منه إلاّ رأسه؟ أين جائزة نوبل من هذا البطل الذي قاوم الاحتلال اليهودي لأرض فلسطين؟
   والحمد لله أن قيض للمسلمين رجالاً من هذه البلاد أنشأوا جائزة الملك فيصل العالمية وقد أحسنوا صنعاً حين منحت الجائزة للرئيس علي عزت بيجوفيتش وإلى الشيخ الغزالي رحمه الله من قبله وإلى الشيخ أحمد ديدات (رحمه الله) . فالرئيس علي عزت بيجوفتش تعرفه أوروبا معرفة حقيقة فقد قاد بلاده ثلاث سنوات في وجه حملة وحشية ضارية لم يشهد التاريخ الحديث أو القديم لها مثيلاً شنها الصرب تحت سمع أوروبا وبصرها وبدعم دولها  جميعاً بالدعم المادي للصرب أو السكوت عن جرائمهم وبخاصة ما فعله مبعوثو أوروبا ووسطاؤها. أليس هذا الرجل أولى بالجائزة من الأسقف الذي يدعو إلى استمرار احتلال البرتغال لجزر أندونيسية لأنها خضعت للاحتلال البرتغالي في يوم من الأيام. أو الزعيم الذي يسىء إلى أندونيسيا التي عاملت النصارى معاملة لم يعرف المسلمون في يوم من الأيام معاملة مثلها من قبل النصارى الذين أقامت بلادهم وبخاصة البرتغال واسبانيا محاكم التفتيش لاخراج المسلمين والقضاء عليهم.

    لسنا بحاجة لجوائزكم و لتعلموا أننا نعرفكم معرفة جيدة فلا موضوعية ولا نزاهة في جوائزكم.    

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية