شوقي فارس الكلمة المسلم

                    
شوقي شاعر كبير في دنيا الأدب العربي ، وفارس من فرسان الكلمة في عصرنا الحاضر ، بدأ حياته بالتعليم الإسلامي ثم انطلق لينهل من معاهد العلم الغربية في فرنسا وبريطانيا . وعاد ليكون قريباً من السلطان حيث عمل سكرتيراً في ديوان الخديوي ويعيش في بحبوبة من العيش وينعم بالعيش الهانئ.  ولكنه مع ذلك كان يعيش آمال أمته وآلامها.
وشوقي شاعر إسلامي من الطراز الأول فكم أثارته الأمور الروحانية التي تتعلق بحب الله عز وجل وحب رسوله صلى الله عليه وسلم ليقول الشعر يتحدث فيه عن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ومن ذلك قصيدته (الهمزية النبوية) التي يقول في مطلعها:
وُلِد الهدى فالكائنات ضيـــــاء            وفم الزمان تبسُّمُ وثناءُ
الروح والملأ الملائك حولـــــه               للدين والدنيا به بُشَراءُ
ويصف فيها أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم وشريعته ومن ذلك قوله:
        فإذا سخوت بلغت بالجود المدى                وفعلت ما لا تفعل الأنواء
        وإذا عفوت فقادراً ، ومقدراً             لا يستهين بعفوك الجهلاء.
        ويظهر اعتزاز شوقي بالإسلام في القصيدة نفسها في أبيات رائعة :
        الدين يسر والخلافة بيعة                والأمر شورى والحقوق قضاء
داويت متئداً وداووا طفرة            وأخف من بعض الدواء الداء .
ولشوقي قصيدة مشهورة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم أسماها (نهج البردة ) قال فيها:
 يا أفصح الناطقين الضاد قاطبة           حديثك الشهد عند الذائق الفهم
بكل قول كريم أنت قائله                  تحيي القلوب وتحيي ميت الهمم
سرت بشائر بالهادي ومولده            في الشرق والغرب مسرى النور في الظُلَمِ
        ولعل من أجمل أشعار شوقي ما قاله في مديح الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها قصيدته التي مطلعها:
        سلوا قلبي غداة سلا وتــابا               لعل على الجمال له عتابـا
        ويسأل في الحوادث ذو صواب          فهل ترك الجمال له صوابا؟
ويقول عن مولد الرسول صلى الله عليه وسلم :
        تجلّى مولد الهادي ، وعمّت             بشائره البوادي والقِصابـا
        وأسدت للبرية بنت وهب                     يداً بيضاء طوّقت الرقابـا
        لقد وضعته وهّاجا منيراً                   كما تلد السماوات الشهابا
        وتظهر عاطفته الإسلامية في القصائد الجميلة التي خصصها للحديث عن مكة المكرمة وأرض الحرمين الشريفين والقرآن الكريم . كما ظهرت هذه العاطفة في حديثه علن الخلافة العثمانية التي كانت حتى ذلك الوقت تجمع شتات الأمة الإسلامية وتجعل لها مكانتها في العالم. فإليها تتجه أنظار المسلمين في كل أنحاء الدنيا. فعندما كانت فرنسا تهدد الجزائر بالاحتلال وقفت الدولة العثمانية ومنعت ذلك. ومن قصائده في مدح أحد خلفاء بني عثمان قوله:
        بسيفك يعلو الحق ، والحق أغلب      ويُنصر دين الله أيان تضرب.
        وقال يمدح قائد الجيوش العثمانية في حربه مع اليونان :
        الله أكبر كم في الفتح من عجب            يا خالد الترك جدد خالد العرب.
        و لا أزيدك في الإسلام معرفـة           كلُّ المروءة في الإسلام والحسب  .
        وتظهر عاطفته الإسلامية في الحديث عن القضايا الإسلامية المعاصرة أو عن التاريخ الإسلامي. فمن ذلك قصيدته عن دمشق حين ابتليت بالاحتلال الفرنسي
        سلام من صبا بردى أرق              ودمع لا يكفكف يا دمشق  
        ومعذرة اليراعة والقوافي                  جلال الرّزء عن وصف يدق .
ومع إسلامية الشاعر العظيم شوقي فقد امتاز بلغة عربية قوية وأسلوب رقيق سلس وعذوبة وحسن اختيار الألفاظ ، بل كان يختار من الألفاظ أحياناً ما نسيه الناس وقد قال الشعر في شتى ميادين القول حتى أجمع الشعراء في عصره على مبايعته بإمارة الشعر ومن هؤلاء الذين بايعوه كبار الشعراء في عصره ومنهم حافظ إبراهيم وخليل ومطران وغيرهما.

        فلله دره من شاعر عظيم . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الكلمات النورانية: وتحمل الكل

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية