التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الافتتاحية لمجلة المركز -المجلد الأول، العدد الرابع ، صفر 1421هـ/مايو2000م

                                                                 

مركز المدينة المنورة لدراسات وبحوث الاستشراق
www.medinacenter.org


                                                                                         
عقد في عمّان بالأردن في الأسابيع الماضية(10-12أبريل 2000م) مؤتمر بعنوان ( العلاقات العربية الأمريكية: نحو مستقبل مشرق) ودعي إليه جمع غفير من الباحثين والمتخصصين العرب والأمريكيين. وقدمت فيه عشرات المحاضرات والندوات حول هذا الموضوع الحساس وكان راعيا المؤتمر هما الجامعة الأردنية بعمان وجامعة برينجام يونج بولاية يوتا الأمريكية التي تحتضن قسماً مهماً في دراسات الشرق الأوسط.
ونظراً لأهمية العلاقات العربية الأمريكية وضرورة أن نتعرف إلى أمريكا معرفة حقيقية فإنني كنت قد كتبت مقالتين حول الفكرة التي قدمتها ندوة أصيلة السنوية وشرعت في تنفيذها وهي إنشاء معهد للدراسات الأمريكية وفيما يأتي هذه المقالة لتكون افتتاحية العدد الرابع من النشرة الشهرية للمركز.        
         يعد منتدى أصيلة من المنتديات الفكرية البارزة في العالم العربي لما يحظى به من تغطية إعلامية من الصحف العربية الدولية -التي أتمنى لو اهتمت أيضاً بالمؤتمرات العلمية الأخرى- ولما يتميز به من موضوعات جريئة  وحيوية، ولما يناله من رعاية كريمة من الحكومة المغربية وعلى رأسها الملك الحسن الثاني حتى إن منتدى هذا العام عقد برعاية  سمو الأمير محمد وقد تحدث في جلسته الافتتاحية سفير خادم الحرمين الشريفين في واشنطن سمو الأمير بندر بن سلطان الذي قدم تبرعاً سخياً لهذا المعهد. وقد كان من أبرز الموضوعات  التي طرحت في العام الماضي إنشـاء معهد للدراسات الأمريكية، ويبدو أنه تألفت لجان لدراسة هذا الاقتراح ووضع الخطوات العملية لتحقيق الاقتراح .وقد قرر منتدى هذا العام البدء في الإجراءات الفعلية لإنشاء المعهد.وقد أشار القرار إلى أن المعهد الجديد سيتم إنشاؤه بالتعاون مع قسم دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفارد.
    وقد كتبت في العام الماضي مرحباً بهذه الفكرة  التي تتفق مع المنطق في ضرورة معرفة الغرب معرفة علمية وثيقـة وأشرت إلى أن القرآن الكريم اهتم بالآخر - أهل الكتاب والمشركين وغيرهم- وأشرت في مقالتي تلك  إلى ريادة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في دراسة الغرب وذلك من خـلال وَحدة الدراسات الاستشراقية والتنصيرية التي أنشئت في عمادة البحث العلمي في الرياض منذ  أكثر من خمس عشرة سنة ثم قسم الاستشراق بكلية الدعوة بالمدينة المنورة . وكان عنوان مقالي (جامعة الإمام سبقت ندوة أصيلة) (المدينة المنورة ع 12189في 10 ربيع الآخر 1418الموافق 24أغسطس 1996)
       وعندما  اطلعت على إعلان لمعهد الدراسات الأمريكية التابع لجامعة لندن أسرعت بإرسال رسالة هاتفية (فاكس) إلى مدير المعهد البروفيسور جاري ماكداول أطلب منه بعض المعلومات عن برنامج الدراسة في معهدهم.وقد تفضل بإرسال الكتيب الخاص ببرنامج الماجستير لعام 1996/1997.
        يقدم معهد دراسات الولايات المتحدة الأمريكية برنامج الماجستير الذي يمكن أن ينظر إليه على أنه إعداد لمزيد من الدراسات للحصول على الدكتوراه أو البحث في هذا المجال، وقد تخرج العديد من الطلبة في هذا البرنامج وهم يعملون الآن في العديد من المجالات ومنها التعليم أو السياسة أو الأعمال والتجارة. ومدة الدراسة سنة واحدة إذا كان الباحث متفرغاً كلياً للدراسة أو سنتان للتفرغ الجزئي ويشير كتيب المعهد إلى أن معظم مواد البرنامج تدرّس بعد الساعة الخامسة مساءً.
       أما المواد التي يدرسها الطلاب في هذا البرنامج فهي : الجغرافيا الاقتصادية والتاريخ الاقتصادي والتاريخ و العلاقات الدولية والآداب والموسيقى. وقد تضمن الكتيب تفصيلاً لدراسة هذه المواد فدراسة التاريخ تتضمن مثلاً المواد الآتية: الهجرة والعرقية في الولايات المتحدة منذ عام 1820-1880م. ومنها أيضاً مادة التاريخ الدستوري حتى منتصف القرن التاسع عشر، ومن هذه المواد أيضاً هوليود وتاريخ الفيلم الأمريكي الشعبي.وتهتم دراسة الولايات المتحدة بموضوع العلاقات الدولية فمن المواد التي تدرس تحت هذا التصنيف : الولايـات المتحدة بصفتها قوة عظمى في سياسات العالم في القرن العشرين ، وكذلك الولايات المتحدة والعالم : السياسة الأمريكية الخارجية بعد نهاية الحرب الباردة.
    ولا شك أن ما يهم الإنجليز أن يدرسوه يختلف إلى حد ما عما يمكن لنا أن ندرسه نحن فإن الإنجليز والأمريكان يشتركون  في الجذور الفكرية اليونانية والرومانية والأصول النصرانية اليهودية- وإن لم يعترفوا بتأثير الإسلام- فإننا يجب أن نهتم بهذا الجانب. كما أن برنامج الماجستير وحده قد لا يكفي للمبتدئ  في التعرف إلى الغرب ولذلك فقد يطلب أن يكون ثمة تخصصاً فرعياً في المرحلة الجامعية للتعرف على الفكر الغربي والثقافة الغربية.   وليس معهد دراسات الولايات المتحدة الأمريكية التابع لجامعة لندن هو المعهد الوحيد لمثل هذا النوع من المعاهد فقد علمت أن ثمة معهد بهذا الاسم في مونتريال بكندا. ولذلك فإنني أقدم بين يدي المشرفين على معهد أصيلة لدراسة الولايات المتحدة أن يفيدوا من تجارب هذين المعهدين في لندن ومونتريال . وأعتقد أن الدول الأوروبية الأخرى مثل ألمانيا لا تخلو من معاهد أو تخصصات مماثلة.
        ومما يمكن اقتراحه في هذا الشأن أن يفيد المعهد من خبرات قسم الاستشراق بكلية الدعوة في دراسة الفكر الغربي وبخاصة في مجال دراسة الغربيين للإسلام فقد أنجزت في هذا القسم أكثر من ثلاثين رسالة ماجستير حول الدراسات العربية والإسلامية في الغرب . كما أنجزت ثلاث رسائل دكتوراه الأولى حول الاستشراق  الأمريكي والبريطاني والثانية حول دائرة المعارف الإسلامية وبخاصة الجوانب العقدية فيها، والثالثة حول مناهج المنصرين البروتستانت في تنصير المسلمين في النصف الثاني من القرن العشرين.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تلخيص كتاب منهج البحث التاريخي للدكتور د. حسن عثمان

الطبعة: الرابعة. الناشر: دار المعارف بالقاهرة (تاريخ بدون). عدد صفحات الكتاب: 219 صفحة من القطع المتوسط. إعداد: مازن صلاح المطبقاني في 6 ذو القعدة 1407هـ 2 يوليه 1987م بسم الله الرحمن الرحيم المقدمة : يتحدث فيها المؤلف عن معنى التاريخ، وهل هو علم أم فن، ثم يوضح أهمية دراسة التاريخ وبعض صفات المؤرخ وملامح منهج البحث التاريخي. معنى التاريخ: يرى بعض الكتاب أن التاريخ يشمل على المعلومات التي يمكن معرفتها عن نشأة الكون بما يحويه من أجرام وكواكب ومنها الأرض، وما جرى على سطحها من حوادث الإنسان. ومثال على هذا ما فعله ويلز في كتابه "موجز تاريخ العالم". وهناك رأي آخر وهو أن التاريخ يقتصر على بحث واستقصاء حوادث الماضي، أي كل ما يتعلق بالإنسان منذ بدأ يترك آثاره على الصخر والأرض.       وكلمة تاريخ أو تأريخ وتوريخ تعنى في اللغة العربية الإعلام بالوقت، وقد يدل تاريخ الشيء على غايته ودقته الذي ينتهي إليه زمنه، ويلتحق به ما يتفق من الحوادث والوقائع الجليلة. وهو فن يبحث عن وقائع الزمن من ناحية التعيين والتوقيت، وموضوعه الإنسان والزمان، ومسائله أحواله الم...

وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد.. وما أشبه الليلة بالبارحة

                                      بسم الله الرحمن الرحيم                                  ما أصدق بعض الشعر الجاهلي فهذا الشاعر يصف حال بعض القبائل العربية في الغزو والكر والفر وعشقها للقتال حيث يقول البيت:   وأحياناً على بكر أخينا إذا لم نجد إلاّ أخانا. فهم سيقومون بالغزو لا محالة حتى لو كانت الغزوة ضد الأخ القريب. ومنذ أن نزل الاحتلال الأجنبي في ديار المسلمين حتى تحول البعض منّا إلى هذه الصورة البائسة. فتقسمت البلاد وتفسخت إلى أحزاب وفئات متناحرة فأصبح الأخ القريب أشد على أخيه من العدو. بل إن العدو كان يجلس أحياناً ويتفرج على القتال المستحر بين الاخوة وأبناء العمومة وهو في أمان مطمئن إلى أن الحرب التي كانت يجب أن توجه إليه أصبحت بين أبن...

الإسلام وتعلم اللغات الأجنبية

                             يردد الناس دائما الأثر المشهور :(من تعلّمَ لغةَ قوم أمن مكرهم أو أمن شرَّهُم) ويجعلونها مبرراً للدعوة إلى تعلم اللغات الأجنبية أو اللغة الإنجليزية بصفة خاصة. فهل هم على حق في هذه الدعوة؟ نبدأ أولاً بالحديث عن هذا الأثر هل هو حديث صحيح أو لا أصل له؟ فإن كان لا أصل له فهل يعني هذا أن الإسلام لا يشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟ وإن كان صحيحاً فهل الإسلام يحث ويشجع على دراسة اللغات الأجنبية وإتقانها؟         لنعرف موقف الإسلام من اللغات الأخرى لا بد أن ندرك أن الإسلام دين عالمي جاء لهداية البشرية جمعاء وهذا ما نصت عليه الآيات الكريمة {وما أرسلناك إلاّ كافة للناس بشيراً ونذيراً } (سبأ آية 28) وقوله تعالى { وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين } (الأنبياء آية 107) وجاء في الحديث الشريف (أوتيت خمساً لم يؤتهن نبي من قبلي، وذكر منها وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة). فهل على العالم كـله أن يعرف اللغة العربية؟ وهل يمكن أن نطالب كلَّ...